«قحت» وإجتراح وعي سياسي مغاير!
«قحت» وإجتراح وعي سياسي مغاير!
د. اشراقة مصطفى حامد
الأساس الذي تنبني عليه الديمقراطية هي منظومات المجتمع المدني وعلى رأسها الأحزاب التي تضررت من الأنظمة الديكتاتورية وآخرها نظام الاسلامويين مما اضر بها وعطلها عن تطوير آليات عملها لترسيخ الممارسة الديمقراطية داخلها، هذا واقع وليس «شماعة» للهروب من المسؤولية/ مسؤوليتهم.
قحت ارتكبت أخطاء فادحة جدا ولكن من الغريب اتهامها بانها تسببت في الحرب لانها انفجرت نتيجة لتراكم الكثير من الأسباب.
قحت لا تحمل سلاحا الآن في الشارع ولم تقتل فكيف نضعها في مستوى واحد مع الجيش المؤدلج ودعمه السريع؟ بل تركنا المجرمين الحقيقين وبدأ نتف ريش من قد تجد معهم المشترك وان اختلفت مناهج المعالجة.
هل حسبنا فعليا التحديات التي واجهت الثورة؟ لن يأتي التغيير بغتة وليس بين يوم وليلة بل هو طريق محفوف بالمخاطر هي نفسها التي أدت إلى ما نحن عليه الآن.
من حق قحت ان تشارك في ايقاف الحرب وفق رؤيتها فهذا حقها ومن حق الآخرين نقدها باسس موضوعية. لا أحد ينفى دور أوغندا بالمنطقة غض النظر عن نظامها الداخلي.
هذه الزيارة فجرت الكثير من التعليقات بعضها موضوعي والكثير يفيض بالغل والسخرية وارتاح مؤقتا ( العدو) الحقيقي الذي عمل ومازال يعمل على ارجاعنا للوراء والعدو هنا ليس واحدا، هم كثر ولهم مآرب كارثية دفع وسيدفع ثمنها شعبنا.
ربما كان الواقع سيختلف لو لم تحيد قحت عن تطلعات الشارع لرفضه التفاوض مع مجرمي الحرب الدائرة الآن، ربما لو تشكلت الحكومة الانتقالية من المؤهلين/ت من غير المنضويين للاحزاب ( ليعبروا) بالبلد المتهالك إلى بر آمن في الوقت الذي تعيد فيه الأحزاب إعادة بنائها الداخلي وتؤسس للعملية الديمقراطية داخلها وبالتالي تخلق توليفات جديدة ليس بوجوه جديدة فحسب بل برؤية سياسية مغايرة مسنودة على مطالب الشارع السوداني.
كل التجربة السياسية السودانية وخاصة مابعد الثورة تحتاج إلى قراءة مختلفة ومتبصرة وأن نجلس معا، نسمع بعضنا بذهن مفتوح وربما تفيدنا تجربة ( المواجهة ثم المصالحة) والمصالحة شرطها العدالة.!
قحت ككيان مدني له أهميته في الحراك الديمقراطي بنقدها وتصويبها وكونهم لم يسمعوا الصوت الآخر لاينفى ان التجربة كلها رغم المها الفادح ستعلمنا الكثير، ستعلمنا ان نعي أكثر ان لا سبيل لحكومة مدنية دون أحزاب قوية ومجتمع مدني واعي بحقوقه ومطالبه. ان تقييم التجربة مهم ولكن بمنهج علمي وعبر مختصيين/ت.
القضية الآن ليست في ( قحت تمثلني) أو ( لاتمثلني) لان الواقع الآن تجاوز ذلك وله تعقيدات كبيرة جدا تحتاج ان نجلس على (صفيح ساخن) لأجل أن يظل السودان!
فيينا 6 يوليو 2023
المصدر: صحيفة التغيير