“الموت الصامت”.. سياسة تتبعها السلطات الخليفية للقضاء على السجناء!
المنامة
تُمعن السلطات الخليفية بانتهاك حقوق السجناء السياسيين بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية فيما يتعلق بحق المعتقلين بتلقي العلاج اللازم والرعاية الطبية.
شهدت سياسة الإهمال الطبي في سجون الخليفيين بعد 2011 تصاعداً ملحوظاً وسط عدم التزام السلطات الجائرة بالإتفاقيات والتعهدات التي تحمي السجناء. ومن الجانب الآخر تتستر الحكومات المهيمنة على الانتهاكات، وتمتنع على سبيل المثال الخارجية الأمريكية والأوروبية عن انتقاد ال خليفة أو الضغط عليهم لتغيير ممارساتهم.
ولا يكاد يخلو يوم دون سماع أنباء عن مرضى، أو مصابين معتقلين في السجون يطلبون من ذويهم نقل واقعهم الصحي المأساوي إلى الخارج. بعد ما تجاهل المعنيون صرخاتهم واستغاثاتهم بعدم الاستجابة لآلامهم وشكواهم بتوفير علاج مناسب، بل اكتفوا بإعطائهم الكاتم المؤقت “البنادول” كعلاج لكل الأمراض.
وتقوم إدارة سجن جو سيء الصيت، بتهيئة كل الظروف داخل الزنازين لقتل المعتقل من غير دليل أو نقطة دم واحدة، وذلك من خلال تعذيبه بشدة بأحقر الطرق اللإنسانية واللأخلاقية لنزع الإعترافات منه بالإكراه وبتلفيق تهم تصل للسجن المؤبد.
وبعدها تتعمد إدارة السجن بحرمان السجناء من كافة الأدوات التي تساعد على تنظيف المراحيض والزنازين، مما يساهم في تكاثر البكتيريا والفيروسات التي تسبب في تفشي مختلف أنواع الأمراض التي تصيبهم.
وبحسب ما ورد من معلومات، فإن العديد من السجناء بينهم الرموز القادة يعانون من أمراض خطيرة تهدد حياتهم، فتستغل سلطات العدو الوضع الصحي لتنتقم منهم عبر اتباعها سياسة الإهمال الطبي.
وتتجسد الانتهاكات الخاصة بالمجال الصحي التي يتعرض لها المعتقلون في السجون في الإهمال الصحي المتكرر، والمماطلة في تقديم العلاج، وسوء التغذية، وعدم التهوية، والامتناع عن إجراء العمليات الجراحية للمرضى المعتقلين، وعدم وجود أطباء مختصين داخل السجن، كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة، وعدم توفر الأجهزة الطبية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو، والتهابات القصبة الهوائية المزمنة.
إن حالات الرموز القادة هي خيرُ شاهدٍ على هذا الإهمال الممنهج، فالرمز الأستاذ حسن مشيمع يعاني من الإهمال الطبي، وسط تجاهل المطالب المستمرة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه نظراً لكبر سنه وحالته الصحية غير المستقرة والتي تعرض حياته للخطر الدائم. وتتخوف عائلته حالياً من نتائج اختبارات الدم الخاصة به والتي تظهر ارتفاع معدل الأملاح لديه، ما يهدد صحة الكلى. ومنذ اعتقال مشيمع في مارس 2011 وحتى الآن يتعرض إلى سياسة الإهمال الطبي الذي وصفه أكثر من مرة ب”الموت البطيء”، فهو إلى جانب معاناته من ارتفاع ضغط الدمّ والسكري، والمشاكل الصحية الأخرى، فإنه يعاني من ضرر غير محدد في كليَتيه ، ولطالما عانى من إلغاء مواعيده الطبية دون إعلامه، وأخذه الى المستشفى دون منحه العلاج اللازم.
وفي نفس السياق، لا يزال أيضاً المدافع البارز عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة محروماً من الوصول إلى طبيب القلب، فضلاً مواعيده الأخرى مع الأطباء الاختصاصيين، ما يُعرضه لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية في أي لحظة. فمؤخراً مُنع الخواجة من موعدين طبيين، كان آخرهما يوم الخميس 11 مايو 2023.
وعلى غراره، إن حالة الدكتور عبدالجليل السنكيس ليست بعيدة عن وضع الأستاذ مشيمع والخواجة، فالسنكيس يواصل في إضرابه عن الطعام منذ سنتين تقريباً حتى اليوم احتجاجاً على سوء المعاملة في السجن ومصادرة ممتلكاته الفكرية وسوء الرعاية الصحية، وقد لفتت عائلته أنه يحتاج بشكل فوري إلى إجراء تصوير أشعة للكتف، وفحص النظر.
تعرض الدكتور السنكيس للإهمال الطبي المتعمد، حيث منعته السلطات من العلاج من أمراضه المزمنة المختلفة بما في ذلك انخفاض ضغط الدم ومستويات السكر في الدم وانخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والألم والتهاب المفاصل.
وعلى الرغم من المخاوف التي أعربت عنها ثلاثة مكاتب للإجراءات الخاصة: المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، الصحة، وذوي الاحتياجات الخاصة، تجاهلت البحرين دعواتهم للإفراج الفوري عنه ورفضت إنهاء هذه الممارسات اللإنسانية.
أما الشيخ عبد الجليل المقداد، فهو لا يزال يعاني من آلام في ساقه، أجبر بدوره على تحمل آلام الظهر ولم يتلق علاجًا جديًا أو تشخيصًا دقيقًا رغم المطالب المستمرة. علاوة على ذلك، يعاني الشيخ عبد الجليل من صداع حاد ومستمر لم يتم علاجه أيضًا.
ومؤخراً، في سبتمبر 2022، نٌقل الشيخ عبد الجليل إلى منشأة طبية خارجية في سيارة لم تكن مجهزة بالتبريد رغم ارتفاع درجة الحرارة في ذلك الوقت. كان يعاني من صداع وصعوبة في التنفس وعلى وشك ان يفقد وعيه.
وفي 31 يناير 2023 أصيب الشيخ ميرزا المحروس بجلطة في القلب نُقل على إثرها إلى مستشفى عوالي للقلب، حيث أجريت له قسطرة، جاءت إصابته تلك نتيجة الإهمال الطبي بعد أن أبلغ إدارة السجن عن معاناته من ألم في صدره.
كذلك تتطلب صحة الشيخ المحروس متابعة مستمرة مع أطباء القولون والقلب. إذ كان قد خضع لعملية جراحية لحالته بسبب القولون، لكنها لم تنجح بسبب امتناع السلطات عن أخذه إلى الطبيب للمتابعة وحرمته من الأدوية اللازمة. وكان قد أضرب الشيخ المحروس مراراً عن الطعام احتجاجاً على حرمانه من الرعاية الصحية اللازمة.
واحتجاجًا على الظروف الصحية السيئة وعدم تقديم العلاج نظم السجناء السياسيين عشرات الاضرابات من أجل منحهم وبقية الرموز العلاج المناسب لحالاتهم الصحية الحرجة، لكن جميعها انتهت بوعود كاذبة!
ويظهر جلياً كيف أن الحكومة الخليفية تنتهك معايير الإحتجاز الدولية وقواعد نيلسون مانديلا لحماية السجناء وذلك باتباعها سياسة الإهمال الطبي المستمرة في سجن جو والظروف اللاإنسانيَّة المفروضة عليهم.
ويرى معنيون أن هذه السياسة المتعمدة التي تنتهجها السلطات الخليفية وسط غياب الضغوط الدولية لاسيما من الدول الحليفة التي تسعى دائماً لتوطيد العلاقة مع البحرين لتعزيز المصالح أهمها المصالح العسكرية، دون اتخاذ اجراءات حقيقية وفعالة على صعيد حقوق الإنسان.
المصدر: البحرين اليوم