رحيل حبيب صادق.. «مكلَّلاً بالثقافة الحرّة»
رحل حبيب صادق، الآدمي الجنوبي والرمز الوطني، الأوسع سمعة في الثقافة والأدب والشعر والصدق واللطف والأمانة واحترام الآخرين، وفي النضال الوطني والتقدّمي والديموقراطي على مختلف المستويات، من الوظيفة التي سخّرها لخدمة المحرومين والمسحوقين والفقراء، إلى أدبه الذي كانت تتنفس كلّ كلمة أو عبارة فيه بالحب والانتماء والفخر إلى الأرض التي نبت منها ويعود إليها ليرتاح في أرضها بعد مسيرة طويلة تَغَلَّبَ فيها على جميع أوجاعه في سبيل رفع اسم جنوبه عالياً والدفاع عن أهله الذين عانوا طويلاً وما يزالون من الاعتداءات الإسرائيلية المجرمة ومن إهمال الدولة اللبنانية طويلاً وطويلاً.
رحل الأديب والشاعر حبيب صادق، الأمين العام للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي عن 92 عاماً (1931 1 يوليو 2023) وقد أمضى مجمل عمره مناضلاً ثوريّاً بكلّ طاقاته من أجل الوطن ومن أجل جنوبه مكرّساً جلّ أدبه وشعره وكتاباته بأسلوبه المهذّب اللافت، في سبيل ثقافةٍ جنوبية رائدة، تتناول مختلف مكامن الحرمان التي عانى منها أهل الجنوب مثلما عانوا من الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه ونضالهم المستمر من أجل المساواة وتحرير أرض الجنوب من كل غاصب ومعتدٍ، ومقارعة الإقطاع، كلّ إقطاع، ومواجهة العصبيّات الطائفية والمذهبية والسياسية.
في رحيله يُستحضر شعره الجنوبي الشفاف الذي سُمع بصوت أميمة الخليل وألحان مرسيل خليفة نشيداً ثورياً بعنوان «أرض الجنوب»:
شدّي عليك الجرح وانتصبي عبر الدّجى رمحاً من اللهب
يا ساحة الأنواء كم عصفت فيها خيول الهول والرعب
فالأرض فيها وجه مذبحة والجوّ أمطار من الشهب
لم يبقَ غصن غير منتهب لم يبقَ وجه غير مستلب
أهلوك لا سورٌ من الكذب أهلوك لا قنّاصة الرتب
صدّوا الرياح السود يحفزهم أجرح التراب وأنّة العشب
شغيلة من أرض عاملة أكرم بهم من عاطر النسب
من صخرها قدّوا أعنتهم واسترشدوا بالكوكب الذهبي
لم يغرهم تاج ومملكة لم يثنهم صعب عن الطلب
ما همّهم إلا الرُبى سلمت آياتها من رجس مغتصب
حَمَلَ حبيب صادق القضية الجنوبية الوطنية إلى مشارق العالم العربيّ ومغاربه، وإلى المنابر الدوليّة، وفَتَحَ أبوابَ «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» الذي تَأَسَّسَ في العام 1964 وشغل منصب أمينه العام سنوات طويلة للضيوف الأدباء والفنانين والتشكيليين العرب لرفد الثقافة الوطنية الجنوبية والوطنية بثقافة وطنية عربيّة، تماماً مثلما فتح أبواب المجلس ومنابره إلى كلّ مثقّف وفنان جنوبي ووطني وواكبه من البدايات إلى المراتب العليا.
ونذكر هنا مجموعة ما سمّوا بشعراء الجنوب الذين كانت بداياتهم من المجلس الثقافي للبنان الجنوبي وكذلك جولاتهم وصولاتهم الإبداعية: محمد علي شمس الدين، جوزف حرب، الياس لحّود، محمد العبدالله، حسن عبدالله وشوقي بزيع وغيرهم.
رحيل حبيب صادق بعد معاناة طويلة مع المرض، ليحلّ غيابٌ يُعدّ خسارةً لكلّ بيت جنوبي وطنيّ، من بنت جبيل إلى مرجعيون وحاصبيا وكفرشوبا و«العرقوب»، إلى النبطية وإقليم التفاح وصيدا وصور، والتي تشهد له جميعها بمناقبيته وأخلاقه الثورية والإنسانية، وقد شارك أهلُها بالتبرع بـ«ليرة واحدة» لدعم ترشيح صادق في انتخابات 1972 في مواجهة لائحة كامل الأسعد، عن منطقة بنت جبيل، وحَصَدَ يومَها نحو عشرة آلاف صوت لم تخوّله الفوز بالمقعد النيابي؛ ورحيله بالتأكيد خسارة كبرى لفلسطين شعباً وثورة وقضية التي كان يتنفّس من هوائها المشترك بين حدود «الجارتين» وكتب لها وأقام المهرجانات وأصدر المطبوعات والملصقات من أجل استعادة أرضها والدفاع عن أهلها وما تعرّضوا له من ظلم وتهجير وعدوان، وربطتْه علاقاتٌ رفيعة مع أدبائها شعرائها وتشكيلييها وبرموزها الوطنية والثقافية.
وقد كَتَبَ لها النشيد الثوري الذي لحّنه وسجّله مرسيل خليفة «أنشودة الحجر» (انهض للثورة والثأر):
انهض للثّورة والثأر
انهض كهبوب الاعصار
وارجم اعداءك بالنار
واهتف بالصوت الهدّار
الثورة نهج الاحرار
من غزة من قدس العربي
من اسر النقمة والتعب
اخرج كالريح ولا تهب
يا جيل النخوة والغضب
وتدفق نهرا من لهب
انهض من قاعك وانتشر
في الماء الصخر وفي الشجر
في ارضك وادخل في المطر
وامضِ كالسيف الى الخطر
وابدأ ميلادك في الحجر
حبيب عبد الحسين صادق.. أديب وشاعر، كاتب وباحث، وناشط سياسي يساري، من مواليد مدينة النبطية، وهو النجل الأصغر للعلامة الشيخ عبد الحسين صادق (كان حبيب صادق آخِر أخوته وأشقائه الذكور على قيد الحياة)، الأمين العام للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي حتى تاريخ وفاته عصر السبت في الأول من يوليو 2023.
انتُخب نائباً في البرلمان اللبناني في دورة العام 1992 على لائحة «التنمية والتحرير»، ولكن ما لبث أن انسحب من الكتلة بعد انتخابه ليصبح من النواب المستقلين.
صدر له أكثر من 13 كتاباً في الأدب والسياسة والشعر، بالإضافة إلى مساهمته في الكثير من الدراسات التي نظّمها وأصدرها المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، واهتمّ بجمع التراث الشعري والأدبي العاملي، وأشرف على مجموعة من الإصدارات تحت عنوان (تراث عاملي).
عضو اتحاد الكتّاب العرب عضو جمعيّة الدراسات والبحوث الأمين العام المجلس للثقافي للبنان الجنوبي (عضو في الهيئة العامة منذ العام 1967، عضو الهيئة الإداريّة (أمين صندوق) وعضو المكتب التنفيذيّ في الأعوام 1967 1969.
عضو الهيئة الإدارية في دورتي الأعوام 1971 1973 الأمين العام للمجلس منذ العام: 1975 وحتى تاريخ وفاته.
نائب سابق في البرلمان اللبناني (1992 1996). له في الشعر والأدب والسياسة في زمن القهر والغضب شعر دار العودة 1973 جنوبا ترحل الكلمات شعر دار العالم الجديد 1980 مطلع النور تمثيليات قصيرة دار الكتاب اللبناني 1982 فصول لم تتمّ دار الآداب 1969 شهادات على حاشية الجنوب دار الفارابي 1981 كلمات للوطن والحريّة دار الفارابي 1986 قضايا ومواقف دار الفارابي 1990 وجوه مضيئة في الفكر والأدب والسياسة والاجتماع جزءان دار الأقلام الجزء الأول 1998 والجزء الثاني 2004 صراع المصالح والإرادات في معركة الانتخابات النيابية 2005 دار الأقلام 2005 في وادي الوطن مقاربات في شؤون وشجونه دار الفارابي 2010 صدر له في سنة 2014 كتاب الذاكرة الخاصة بحبيب صادق تحت عنوان «حوار الأيام» (دار الفارابي) وهي مجموعة من حلقات تلفزيونية أجراها الإعلامي طانيوس دعيبس مع حبيب صادق، في العام 2004.
واندرج الحوار ضمن مشروع رسمي حمل عنوان «الذاكرة المحلّيّة للبنان» أطلقته «مؤسسة المحفوظات الوطنيّة»، وضم فصولاً من حياة الأمين العام لـ«المجلس الثقافي للبنان الجنوبي»، ومن تاريخ لبنان والجنوب خلال العقود الماضية. مؤلفات بالاشتراك مع آخرين جنوب لبنان خط المواجهة الأول بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1980 وجوه ثقافية من الجنوب بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1981 المقاومة في التعبير الأدبي بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1985 ثقافة المقاومة ومواجهة الصهيونية بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1989 شيخ الأدب الشعبي: سلام الراسي بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1991 مقاربات وشهادات في المشروع الصهيوني بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1991 دفاع عن الآثار والمباني التاريخية بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1994 الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وتحديات المرحلة بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1995 حسين مروة في مسيرته النضالية بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1997 انتصارا لقيم الديموقراطية والعدالة وتقدم الإنسان بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 2000 تجديد الفكر السياسي من أجل التغيير بالاشتراك مع آخرين المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 2001 مؤلفات لغيره قام بجمعها وتحقيقها وتقديمه معا من أجل الجنوب جمع وتحقيق وتقديم المجلس الثقاف للبنان الجنوبي 1979 الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان جمع توثيقي وتقديم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1981 دليل جنوب لبنان كتابا إشراف، تحقيق وتقديم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي الجزء الأول 1981 الجزء الثاني 2010 جنوب لبنان ماساة الصمود تحرير وتحقيق وتقديم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1981 في رحاب الخيام ديوان شعر الشيخ عبد الكريم صادق جمع وتحقيق وتقديم دار الأقلام 1984 الوقائع اليومية لمسيرة المقاومة اللبنانية الوطنية جمع، إشراف، تحقيق وتقديم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي 1986 عرف الولاء للشيخ عبد الحسين صادق جمع وتحقيق وتقديم حبيب صادق مؤسسة الانتشار العربي 2005 طائر الحرية ديوان شعر للأسير ياسر حسين خنجر تقديم وإشراف وتحقيق دار الفارابي 2003 ديوان شاعرة الجنوب بسينة فخري تقديم وجمع وتحقيق الانتشار العربي 2006 سقط المتاع الشيخ عبد الحسين صادق جمع وتحقيق وتقديم الانتشار العربي 2007 في أدب العراق الحديث لعبد الرضا صادق إشراف وتحقيق وتقديم دار الفارابي 2009.
المصدر: الراي