الحكومة المغربية تراهن على تحفيز المستوردين لتأمين حاجيات السوق الداخلية
تواصل حكومة عزيز أخنوش نهجها المبني على تقديم التحفيزات والإغراءات للمستوردين من أجل تأمين احتياجات السوق الوطنية من المواد الأساسية ومواجهة الخصاص وتفادي حدوث أي خلل على مستوى الأمن الغذائي للمغاربة، الذين بات الغلاء شبحا يفزعهم بشموله كافة المواد.
فبعدما ألغت رسوم الاستيراد على الأبقار الموجهة للذبح من أجل ضمان توازن أسعار اللحوم الحمراء في أسواق المملكة، عمدت الحكومة إلى تخصيص دعم مباشر قدره 500 درهم للرأس الواحد من الغنم، من أجل ضمان تزويد السوق الوطنية بالأعداد الكافية من الرؤوس أملا في خفض أسعارها المشتعلة.
وفي فصل جديد من سياسات الحكومة الرامية إلى تأمين حاجيات السوق، أعلن عن إلغاء رسوم استيراد الحبوب، واستهداف جلب 25 مليون قنطار إلى غاية متم شتنبر المقبل بسعر مرجعي محدد في 270 درهما مع تحمل الحكومة الفارق، وهو الإجراء الذي دأبت على اتخاذه كل سنة من أجل تدارك العجز الحاصل على مستوى إنتاج الحبوب بسبب تداعيات الجفاف.
مقاربة مناسبة
بخصوص الإجراءات الحكومية المتوالية، قال المحلل الاقتصادي المهدي فقير إن الأمر “لا يتعلق باستراتيجية، بقدر ما يتعلق بمقاربة إجرائية محدودة في الزمن والمكان تمليها التقلبات الظرفية ومستلزمات السوق الداخلية”.
وأضاف فقير، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحكومة “حينما تقوم بشكل مؤقت بوقف استيفاء رسوم الاستيراد ودعم بعض المنتجات، فمعنى هذا أن هناك خصاصا”، مؤكدا أن سنوات الجفاف العجاف تكون “صعبة وتستدعي تدخلا من هذا النوع”.
وبين فقير أن “هناك إجراءات قد لا تتخذ السنة المقبلة، نطلب من الله أن ينعم علينا بالمطر، لأنها لم يسبق أن اتخذت من قبل”، وشدد على أن هناك “مقاربة إجرائية محدودة في الزمن والمكان، والحل يكمن في تحقيق الاكتفاء الذاتي”.
واعتبر المحلل الاقتصادي ذاته أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يمر عبر “إصلاحات هيكلية وجوهرية، الهدف منها جعل الفلاحة الوطنية في مصاف القطاعات الفلاحية الأكثر إنتاجية من ناحية القيمة المضافة على الصعيد الدولي، وهو ما يستدعي سنوات من الاشتغال الجاد”.
وأوضح أن الحكومة لو أبقت على هذه الرسوم المفروضة على استيراد الحبوب، لارتفعت “كلفة الاستيراد، ما ينعكس على كلفة الإنتاج بالنسبة للكثير من المواد الحيوية المهمة عند المواطن المغربي”.
وشدد فقير على أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة، “هي خطوات تهم تدبير الإكراهات الظرفية التي تعرفها السوق، وليس هناك مقاربة أخرى يمكن اعتمادها غير هذه”، في تأييد واضح من للإجراءات “المحمودة في الوقت العصيب”.
في المقابل، رأى المحلل الاقتصادي رشيد ساري أن الإجراءات التي تعلن عنها الحكومة بشكل متوالٍ وتهم الإعفاء من رسوم الاستيراد، “تؤكد أن ليس لنا بعد نظر، وهذا إشكال كبير”.
غياب بعد النظر
وقال ساري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن التقلبات المناخية التي يواجهها المغرب طويلة الأمد، وتتطلب “استراتيجيات على المستوى الفلاحي في مجال الماء”، مبرزا أن “تحلية مياه البحر من المشاريع الناجعة التي كان من الممكن أن تعالج المشاكل التي نتخبط فيها”.
وانتقد المحلل الاقتصادي ذاته النموذج الزراعي المعتمد، مشيرا إلى إهمال زراعة الحبوب والتركيز على مجموعة من الزراعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، مثل الطماطم والبطيخ والأفوكادو.
وشدد ساري على أن المغرب يستهلك 100 مليون قنطار في السنة من الحبوب، مؤكدا أن المحصول الذي قدر بـ55 مليون قنطار يجعلنا أمام استيراد أكثر من 45 مليون قنطار، وهذا “إشكال كبير سيكون له أثر على خزينة الدولة وسيكبد الميزانية خسائر”.
وأشار ساري إلى أن مجموعة من الهجرات التي شهدتها مناطق عدة من القرية إلى المدينة، أدت إلى تخلي مجموعة من “الكسابة” عن تربية المواشي، معتبرا أن هذا الأمر أدى إلى “كارثة فقدان الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، وهو نتيجة التخطيط في المجال وسوء التدبير”.
وخلص ساري إلى أن الإجراءات الحكومية المتخذة “ذر للرماد في العيون وحلول ترقيعية جدا، وهذه الإعفاءات هي من أجل سد الحاجيات بشكل راهن أمام مشكل بنيوي وهيكلي في الفلاحة”، مقرا بأن هناك مجهودات تبذل.
المصدر: هسبريس