ما بين الحرب والثورة السودانية , اخبار السودان
صلاح جلال
(١)
💎 نحن وكل جماهير شعبنا نعيش واقع مُربك ما بين ثورة لم تكتمل وحرب لسرقة أهداف الثورة والرِدة للشمولية ، لذلك حالة التوهان الراهنة وتزييف الوعى والإنقسام المجتمعى مشروعة وأسبابها موضوعية بين الأمل واليأس ، تقتضى مزيد من الحوار وسط الجماهير لضبط المشهد والتعرف على الواقع ورموزة الظاهرة والمتخفيةوأهدافها الحقيقية وإدراك مضاعفاته على المستقبل الثورى والديمقراطى ومقتضياته ووزن المصطلحات المتداولة وتدقيقها وتحديد الأولويات وتعزيز المفاهيم ، نحتاج لجلاء نظرى كامل يزيل التغبيش بالتركيز على الأدوار القيادية وسط عامة المواطنين ، لتعليم الجماهير وتعبئتها ضد الحرب والتعلم منها للنهوض بواجبات المقاومة المدنية المطلوبة وتحديد معالم الطريق الثالث كمخرج آمن بين طرفى الحرب .
(٢)
💎 الثورة والحرب كموقف تتشابهان فى حقيقة *أن ما قبلهما لن يكون هو ما بعدهما* مع إختلاف التقديرات بين مطلق الحرب ونسبية الثورة ، الثورة تقود لتغيير عميق بنسق ورؤية فكرية وأهداف مدروسة ذات دلالة سياسية وإجتماعية واقتصادية إلى ماهو أعمق ، ثورة حضارية متكاملة بأدوات تغيير حداثية سلمية تشمل معانى التنوع والتعددية
والديمقراطية والمؤسسية وحقوق الإنسان وحكم القانون ، التحضير للثورة يحتاج لعمل مدنى مثابر وجذرى يشمل كل الفاعلين فى المجتمع للوصول للكتلة الحرجة ، الثورة قد ترتبط بالعنف فى بعض مراحلها لكنها لا تفقد برنامجها ولا تضل أهدافها ، الحرب فى المقابل مؤامرة بين العسكريين ، و عنف مُكلف بلا مشروع فكرى وسياسى مسبق و قفزة فى الظلام وإستلاف معانى ومصطلحات إشكالية ، لكن جوهرها العنف المطلق Naked Force المنتصر فيها يقود لمضاعفة المظلوميات وإنتاج نظام سلطوى ، الحروب تاريخياً هى إنتقال مُربك سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً حتى إذا إستلفت أهداف وشعارات ثورية .
(٣)
💎 مابين الحرب والثورة الأولى تهدد كيان الدولة وتدفعها لحافة الإنهيار والثانية تعززه بالعقد الإجتماعى والحوار السلمى بين المكونات الثقافية المتساكنة .
مالعمل فى واقع الحرب ؟ الإنكفاء وإنتظار ماتفرزه الحرب؟ والإنقسام بين مؤيد ومعارض لأطرافها ؟
أم قبول التحديات والإشكاليات التى يطرحها واقع الحرب والعمل على عقلنة الصراع العنيف وإعادته للسلمية بالتفاعل المدنى الإيجابى كطرف ثالث بين المتحاربين ؟.
(٤)
💎 الإجابة بوضوح مهمة على هذه التساؤلات فى ظل ظروف إشكالية ملتبسة بين إصطفاف الوطنية والتخوين ، للخروج بمشروع عملى للقوى المدنية الديمقراطية بين شعارين لا للحرب عنوان جانبى لازم تقيف ونعم للحرب وعنوان جانبى بل بس ، الحرب هى مصنع الشرور Factory الموت والدمار والإنتهاكات هى منتجات المصنع Products هذه المعادلة النظرية البسيطة تفضح دعاة نعم الحرب وتوضح تناقضهم فهم يريدون إستمرار المصنع ويدينون منتجاته ، كالذى يأكل رأس الخروف ويخاف من العيون ، لذلك شعار لا للحرب متسق مع قفل المصنع وإدانة منتجاته.
(٥)
💎 بالتصور التالى على القوى المدنية ممثلة فى الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات المجتمعية الأخرى تمليك شعار لا للحرب لأوسع قاعدة شعبية ممكنة و *تأسيس جبهة مدنية جامعة* تحت شعار #لاللحرب#لازم_تقيف لإمتصاص صدمة العنف الأهوج والعمل على وحدة المجتمع من الإنقسام والعمل المكثف وسط المهنيين رقم المخاطر لضمان تدفق الخدمات الضرورية (غذاء علاج مياه كهرباء)
الخطوة الثانية العمل على تكوين فِرق عمل متخصصة ذات قدرات ضاغطة لوقف الحرب ، من خلال الحوار مع أطراف الحرب وإستقطاب التضامن الإقليمى والدولى .
ثالثاً الشروع فى عملية سياسية مدنية متكاملة تراعى حقائق الواقع الذى تفرضه الحرب ، والعمل على خلق توازن فعال يستعيد أهداف الثورة الأساسية فى الحرية والسلام و العدالة والتنوع والمؤسسية وحكم القانون وإحترام حقوق الإنسان وإدارة الخلافات فى إطار سلمى ديمقراطى وإجهاض مشروع قوى الرِدة للشمولية التى تتلمظ جائعة لإستعادة الإمتيازات ونهب الموارد وفتح أبواب الفساد .
(٦)
💎 فى ظروف الحروب قضايا العدالة تتقدم الأولويات لفداحة الإنتهاكات بشقيها الجنائية والتكميلية لمواجهة تدفق المظلوميات القديمة والحديثة ، لأن الحروب طبيعتها العنف والإنتهاكات على القوى المدنية تفعيل آليات ناجزة لتحقيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب داخلياً ومع المحكمة الجنائية الدولية ICC ، لقد فضحت الحرب هشاشة الدولة مما يستوجب التعجيل بالمؤتمر القومى الدستورى لمناقشة قضايا إعادة التأسيس .
(٧)
💎💎ختامة
العمل المدنى فى ظروف الحرب تحيطه المخاطر لذلك علينا الإلتزام بالواقعية فى صياغة البرامج وإنتقاء الأهداف والإحتفال وتشجيع الإنجازات مهما كانت صغيرة فى مجال المنظمات المدنية والمبادرات المجتمعية.
الحروب فى الغالب لا تنتهى برغبة أطرافها فقط ولكن بالضغوط المتواصلة الداخلية والخارجية وبضعف وإستنزاف قدرات المتحاربين ونفاد وقودهم البشرى والمادى وثقل تجاوزات الحرب .
الحقيقة التاريخية تقول *أسوأ إنتهاكات الحروب وتجاوزاتها الموجعة تحدث فى فصولها الختامية* فالنأمل للأفضل ونعمل له ونتحسب للأسوأ .
صلاح جلال
٢٤ يونيو ٢٠٢٣م
المصدر: صحيفة التغيير