هل يهدد الإرهاب على الحدود الموريتانية المالية الأمن القومي للمغرب؟
منذ انسحاب الجيش الفرنسي من مالي بشكل مفاجئ في فبراير من العام الماضي، عملت الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة على إعادة تنظيم نفسها، وتعزيز تحالفاتها البينية، بالتوازي مع تنامي أدوار تنظيمات مسلحة أخرى، على غرار مجموعة “فاغنر” الروسية.
في هذا الصدد، ذكرت مصادر إعلامية موريتانية أن “دورية تابعة لقوات فاغنر الروسية احتجزت أكثر من عشرين مواطنا موريتانيا أثناء عبورهم الحدود ما بين بلاد شنقيط ومالي”، موردة أن “أهالي المحتجزين تظاهروا في العاصمة نواكشوط لمطالبة سلطات بلادهم بالضغط على نظيرتها المالية للكشف عن مصير أبنائهم، وفتح تحقيق عاجل في الموضوع”.
هذا الحادث الذي سبقته حوادث أخرى مماثلة، يطرح، حسب محللين، تحديات كبيرة على المملكة المغربية التي تشترك مع موريتانيا في حدود طولها أكثر من 440 كيلومترا، خاصة في ظل “عجز نواكشوط” عن تأمين حدودها مع مالي التي تعرف نشاطا مكثفا لعدد من التنظيمات المسلحة، فيما قلل آخرون من أهمية الحادث، مؤكدين فعالية الاستراتيجية الأمنية المغربية لتأمين الحدود وصد التهديدات القادمة من الساحل.
محمد الطيار، خبير أمني، قال إن “الوضعية الحالية لموريتانيا لها تأثير كبير على المغرب، بحكم أنها تشكل لهذا الأخير مجالا استراتيجيا طبيعيا لا يمكن إغفاله أو تجاهله”، مضيفا أن “موريتانيا ليس لها القدرة على التحكم في مجالها الجغرافي الواسع ومراقبة حدودها، وقد تنامى نفوذ التنظيمات الإرهابية والمسلحة في شمال مالي، مما جعل نواكشوط في وضعية انكشاف أمني دائم أمام هذه التنظيمات”.
وأكد المتحدث بهذا الخصوص أن “العناصر المحسوبة على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والتنظيمات المرتبطة بها، عادة ما تتدخل بشكل مباشر لفض النزاعات بين القبائل المتواجدة في الحدود الشرقية بين مالي وموريتانيا، بحكم غياب السلطات المحلية لكلا الدولتين”.
وتابع بأن “هذه التنظيمات تغلغلت في السنوات الأخيرة بشكل كبير في مناطق لم تكن تعتاد على التواجد فيها، على غرار غابة واغادو في الحدود الشرقية لموريتانيا مع مالي”، موضحا أن “الأحداث التي تعرفها هذه الحدود، آخرها تدخل فاغنر، ستفتح الباب أمام توسع المأزق الأمني الذي تعرفه المنطقة، وسوف ستكون لها تداعيات خطيرة، ذلك أن المثلث الحدودي الذي يجمع موريتانيا والجنوب الجزائري وشمال مالي يعرف أصلا نشاطا كبيرا لعصابات الجريمة المنظمة”.
وخلص الطيار، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الانسحاب المرتقب لبعثة الأمم المتحدة من مالي، إضافة إلى انتشار أنشطة تهريب الأسلحة واستعمال المهربين هذه النقاط الحدودية، سيخلق بيئة أمنية غير مستقرة في المنطقة، ستكون لها بالتأكيد تأثيرات على المغرب، كما ستطرح تحديات على أمنه القومي”.
من جهته، علق محمد شقير، محلل أمني، على الحادث بالقول إن “تحركات المجموعات المسلحة، على غرار مجموعة فاغنر، تبقى محصورة ضمن نطاق معين في المنطقة، خاصة في الدول التي تعرف خصاصا وضعفا أمنيا. وبالتالي، فإنها لا تشكل أي تهديد على المغرب”.
وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المملكة المغربية عبر قواتها المسلحة الملكية تؤمن الحدود الجنوبية للبلاد مع موريتانيا بشكل جيد، وتنهج استراتيجية أمنية فعالة في هذا الصدد، تأخذ بعين الاعتبار التحديات الأمنية في المنطقة”.
المصدر: هسبريس