سودانيون في مصر.. بين الهجرة العكسية وحق اللجوء؟
يواجه سودانيون، وصلوا إلى مصر، وآخرون لازالوا عالقين في الطريق إليها، ظروفاً إنسانية حرجة، فيما أضطر البعض للعودة بعد فترة قصيرة بالقاهرة لعدم حصولهم على مساعدات، وكثيرون عالقون بين الخيارين!!
التغيير سارة تاج السر
كشف سودانيون فروا إلى العاصمة المصرية القاهرة، عقب اندلاع المواجهات العسكرية بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم ومناطق أخرى منتصف ابريل الماضي، أن المبالغ المالية التي خصصها لهم برنامج الأغذية العالمي، بقيمة «450» جنيه مصري ما يعادل 6 آلاف جنيه سوداني للفرد الواحد تم صرفها لشهر واحد فقط.
فيما يرزح الآلاف تحت ظروف مادية وصحية سيئة جعلتهم بين خياري الهجرة العكسية نحو الديار رغم سوء الاوضاع أو انتظار الحصول على حق اللجوء وما يتربط به من خدمات.
وغادر نحو 200 ألف سوداني باتجاه الحدود المصرية عقب اندلاع المواجهات المسلحة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم في 15 ابريل الماضي، ولازالت الآلاف ينتظرون عبور الحدود إلى مصر.
فارون: الـ450 جنيه مصري المخصصة من «الأغذية العالمي» تم صرفها لشهر واحد فقط
مآسي المعابر
ولايزال آلاف السودانيين في وضع مأساوي بين خطر الهروب من الحرب وتداعي النظام الصحي وانعدام الغذاء والوصول للخدمات الأساسية وبين استمرار الأزمة مما قد يسبب وضعاً أكثر مأساوية في كل ساعة تمر عليهم وفق منصة اللاجئين في مصر.
وأشارت المنصة إلى أن القرار المفاجئ للسلطات المصرية بإلغاء الاستثناءات المتعلقة بطلب التأشيرة، أثر على حركة العبور للعديد من النازحين من (النساء والأطفال وكبار السن)، وخاصة المرضى ومن لديهم مواعيد فحوصات أو عمليات طبية طارئة، مما خلق وضعاً لا إنسانياً، حيث توفي العديد من الأشخاص وحدثت حالات ولادة على المعبر.
ولفت تقرير المنصة إلى أن معبر أرقين الحدودى بين مصر والسودان وخاصةً على الجانب السوداني تنعدم فيه الخدمات الأساسية في ظل عدم وجود منظمات الإغاثة.
وطبقا لمصادر تحدثت لـ(التغيير) من حلفا، فإن المدينة التي تصل درجة الحرارة فيها ما بين 45 إلى 50 درجة مئوية، ارتفعت فيها إيجارات المنازل إلى 50 ألف جنيه سوداني في اليوم، مع امتلاء الفنادق، المدارس، المساجد، الاستراحات وحتى ساحات الميادين.
وأفادت مصادر الصحيفة في وقت سابق، بأن العالقين السودانيين الراغبين في دخول الأراضي المصرية، اقترب من 15 ألف شخص.
وقالت إن الاشتراطات الجديدة، أسهمت في تكدس الآلاف بمدينة وادي حلفا، حيث كانت السلطات المصرية تسمح يومياً بمرور 30 بصاً، ولكن بعد صدور قرارات الحكومة المصرية، إلى حين تنفيذها الذي استغرق خمسة أيام، توقف مرور البصات التي تقل نحو 50 شخصاً، مما أسهم في ارتفاع أعداد القادمين إلى ما يزيد عن 7 آلاف شخص، إضافة إلى الأعداد الموجودة سابقاً.
المساعدات المقدمة من مفوضية اللاجئين ضعيفة جداً ولا تسد رمق مستحقيها
مبدعون عالقون
ومنذ أكثر من شهر، تزداد معاناة أربعة من المبدعين السودانيين، العالقين بوادي حلفا، طلباً لتاشيرة الدخول إلى مصر، وهم الشاعر الكبير شمس الدين حسن خليفة شاعر (مرحبتين بلدنا حبابا) والذي يبلغ من العمر 87 عاماً ويعاني من بعض الأمراض المزمنة والفنان ياسر تمتام والذي قام بإجراء عملية تركيب دعامتين في القلب وواحدة في القدم وكانت الطامة الكبري بعد اقتحام الدعم السريع لمنزله وإصابته في قدميه ويحتاج الآن أن يعاود الطبيب وفي قدمه جروح “رايش” وهو مصاب بالسكري.
كذلك الفنان عمر إحساس والذي قام بااجراء عملية في الركبة إلى جانب الفنان محمد الفاتح زولو والذي أيضاً يحتاج لمتابعة طبية ونفد ما معه من أدوية بعد عملية زراعة الكلى.
وكتب المؤلف الموسيقي الشافعي شيخ إدريس على صفحته بـ(فيسبوك)، أنه يشعر بعجز وألم بعد أن طرق باب السفارة السودانية بالقاهرة وبعض المعارف والأصدقاء في مصر، في محاولة للسماح لهم بالعبور، وناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقائمين على وزارة الخارجية، بدخول هولاء المبدعين تقديراً لوضعهم الصحي الذي يحتاج رعاية ومتابعة ومراجعة ضوابط دخول السودانيين الذين يتواجدون الآن في المعابر.
ما بين البقاء والعودة
السيدة رحاب جهينة، غادرت أم درمان إلى مصر في رحلة شاقة استمرت اسبوعين، منذ أكثر من شهر ونصف، واستأجرت هي وأسرتها شقة بمدينة فيصل بقيمة 10 آلاف جنيه مصري.
ويتمركز الوافدون السودانيون، في وسط البلد وفيصل والعباسية والمعادي والمهندسين والدقي بالقاهرة إلى جانب أسوان جنوباً، الإسكندرية شمالاً والجيزة غرباً.
ومع استمرار المواجهات العسكرية في السودان تدفق أكثر من 150 ألف سوداني إلى مصر.
وأشارت رحاب في حديثها مع (التغيير) إلى أن السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، ينقسمون إلى نوعين؛ القسم الأول وهم الشريحة التي لديها خلفية عن الحياة في مصر والإقامة والمعيشة وتمتلك كل ما يغطي متطلباتها ولا تحتاج إلى مساعدات.
أما المجموعة الثانية (جاية على الله) بدون مال كافٍ أو مؤن وتواجه أوضاعاً معقدة دفعت أعداداً كبيرة منهم إلى العودة للسودان بعد انقضاء الشهر الأول وانتهى بهم الحال في الخرطوم أو الولايات القريبة من الحدود المصرية، فيما اتجهت فئة أخرى إلى مطاردة المنظمات ومفوضية شؤون اللاجئين حيث يتكدس الآلاف السودانيين يومياً أمام مباني المفوضية.
وأكدت عدم وجود أي منح من الحكومة المصرية كما لم تحدد أي جهة فبها، ميزانية لمساعدة اللاجئين، ولفتت إلى أن المساعدات بسيطة للغاية، حيث تصادف البعض والبعض الآخر لا يصادفها وهي عبارة عن “موية صحة وكراوسون وعصائر معلبة”، بينما المساعدات المقدمة من مفوضية اللاجئين ضعيفة جداً ولا تسد رمق مستحقيها.
«السماسرة السودانيون» يتسبون في زيادة أسعار الشقق بالقاهرة
ارتفاع الإيجارات
وأقرت رحاب بارتفاع أسعار إيجارات الشقق المفروشة بالقاهرة، تبدأ من 6 آلاف جنيه، لكن في نفس الوقت هناك إيجارات تبدأ من ألفين إلى ثلاثة آلاف جنيه مصري للشقق غير المفروشة (على البلاط) ويمكن للمستأجر فرشها بنفسه، واتهمت (السماسرة) السودانيين بالوقوف وراء زيادة أسعار الشقق.
الجانب الإيجابي في البقاء بالقاهرة كما ذكرت رحاب يتمثل في عدم ارتفاع تكاليف المعيشة من خضار وفواكه ومواد تموينية والتي لا تتجاوز 200 جنيهاً مصرياً في اليوم.
المصدر: صحيفة التغيير