اتفاق الشراكة.. بداية تعاون تاريخي
قبل 22 سنة وقعت الجزائر وموسكو اتفاق شراكة إستراتيجية غير مسبوق، في خطوة تهدف إلى تحقيق تقارب سياسي واقتصادي وعسكري بين البلدين.
وجاء التوقيع خلال الزيارة الرسمية والهامة التي قام بها الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة إلى موسكو عام 2001، حيث كانت أول زيارة يقوم بها رئيس جزائري إلى روسيا منذ مطلع الثمانينات.
وبعد انكماش العلاقات الثنائية بين البلدين لعقدين من الزمن، بدأ الجانبان بعث دم جديد في العلاقات التي كانت قد بلغت ذروتها في الستينات والسبعينات، حينما ساهم الاتحاد السوفياتي في تسليح الجزائر ومساندة نضالها لنيل الاستقلال.
وتميزت الزيارة بإبرام اتفاق شراكة إستراتيجية لتحقيق تقارب سياسي واقتصادي وعسكري بين البلدين، تنص على تطوير تعاون عسكري “طويل الأمد” بين موسكو والجزائر وعقد لقاءات دورية على مستوى رئيسي الدولتين وتشكيل لجنة حكومية دائمة للتعاون الاقتصادي.
وتعد وثيقة اتفاق الشراكة، حسب المسؤولين في البلدين، مرجعا محددا يؤطر العلاقات الجزائرية الروسية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية وتتويجا لعلاقات نوعية بين البلدين، وهي تستهدف إخراج العلاقات من مربع التعاون العسكري إلى المجالات الاقتصادية والتجارية وقطاعات حيوية أخرى.
وخلال الزيارة ذاتها وقع الطرفان صفقات عسكرية تقدر بمليارين ونصف المليار دولار، زودت بموجبها موسكو الجزائر بأسلحة للقوات الجوية والبرية والبحرية في غضون السنوات العشر اللاحقة. وشدد إعلان التعاون الاستراتيجي بين البلدين في أحد بنود الوثيقة على أن هذا التعاون لن يكون على حساب دولة أو مجموعة من الدول الأخرى ولا يهدف إلى إقامة “تحالف عسكري سياسي”.
وكان إعلان الشراكة الإستراتيجية الأول من نوعه بين روسيا ودولة عربية والثاني من نوعه على الإطلاق بعد ذلك الذي وقع مع الهند.
وعلى الجانب الروسي حل الرئيس فلاديمير بوتين في مارس 2006 بالجزائر ليكون أول رئيس روسي يزور البلد، في زيارة انتهت بصفقة سلاح بـ6.3 ملايير دولار، بينها 5.3 ملايير قيمة طائرات حربية.
وقبيل هبوط طائرة بوتين وقع وزير الخارجية وقتها، محمد بجاوي، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، على اتفاق بشأن تسوية الديون، حيث ألغت موسكو بموجب الاتفاق ديونا جزائرية قدرها 4.7 ملايير دولار.
وسمحت الزيارة المقتضبة للرئيسين بتناول مسألة ترقية الحوار السياسي الثنائي وتجسيد الشراكة الاستراتيجية، حيث بحث بوتين مع المسؤولين الجزائريين وقتها سبل ترقية العلاقات الاقتصادية الثنائية في جميع المجالات، لاسيما قطاع الطاقة، إلى جانب تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين الجزائر وفيدرالية روسيا في المجالات السياسية، الاقتصادية والعسكرية.
وشملت الاتفاقيات الأربع التي توجت بها زيارة بوتين للجزائر إلغاء الازدواج الضريبي وحماية الاستثمارات في البلدين وأخرى تخص النقل الجوي والبحري واتفاقية تخص حرية حركة الأشخاص ورؤوس الأموال بين الجزائر وروسيا. وبشكل عام شهد محور الجزائر موسكو تنشيطا سياسيا لافتا خلال العقدين الماضيين، حيث تبادل مسؤولو البلدين عدة زيارات تستهدف في مجملها تجسيد اتفاق الشراكة وتعميق التعاون بين البلدين.