مناورات “الأسد الإفريقي” تتصدى لهجوم طائرات مسيرة على مستودع كيماوي
يستمر التعاون العسكري المغربي الأمريكي بشأن “إدارة وتدبير الكوارث والمخاطر الناجمة عن أسلحة دمار شامل” في تمتين روابط تبادل الخبرات، معززاً “فاعلية وجاهزية” قوات الجيشيْن المغربي والأمريكي التي تُواصل مناوراتها العسكرية المشتركة الأضخم في إفريقيا في دورتها الـ19، في سبع مناطق مختلفة إلى غاية 16 يونيو الجاري.
ميناء أكادير العسكري التابع للقاعدة البحرية الرابعة للمملكة شهد اليوم الأحد 11 يونيو فعاليات وأطوار تمرين ميداني يندرج في إطار تنفيذ “السيناريو الثاني” المبرمج ضمن تدريبات “الأسد الإفريقي 2023″، بشكل يحاكي “ظروف واقعية لهجوم طائرتين بدون طيار تحتويان على أجهزة متفجرة على مستودع لتخزين مواد كيميائية بالميناء”.
مكّن هذا التمرين من “اختبار استجابة تقنيّين مغاربة من سرية إبطال وإزالة وتفجير العبوات الناسفة، وسرية الدفاع النووي، الإشعاعي، البيولوجي والكيميائي، التابعتين لوحدة الإغاثة والإنقاذ للقوات المسلحة الملكية، بالإضافة إلى الخبراء الأمريكيين”، بهدف “تعزيز قدراتهم على التدخل في مواجهة المواقف الحرجة ذات الصلة بالأجهزة المتفجرة والمواد الكيميائية الخطرة”.
موضوع التمرين يسمح، حسب المعطيات التي استقتها هسبريس، لكل من سَريّة الدفاع النوويالإشعاعي والبيولوجي والكيماوي، وسَرية التخلص من الذخائر المتفجرة التابعة لوحدة الإغاثة والإنقاذ التابعة للجيش الملكي المغربي، بـ”التدخل لإدارة حادثة تنطوي على مواد كيميائية، إشعاعية ومتفجرة”.
التمرين لم يخْلُ من تسخير وسائل مشتركة بين سَرية الدفاع الأمريكية ضد أسلحة الدمار الشامل وسرية إبطال وتفجير العبوات الناسفة التابعة لوحدة الإغاثة والإنقاذ من الجانب المغربي، لغاية تمثلت في “تقييم مستوى التشغيل البيني مع مختلف المتدخلين من الجانبين في مجال الاستجابة الإشعاعية الكيميائية والمتفجرة، وكذا اختبار التنسيق والتواصل بين مختلف المتدخلين؛ فضلا عن هدف التعرف على إجراءات تحليل وتعبئة ونقل العينات الكيميائية”.
سيناريو التمرين
وفق ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية نصَّ تمرين المحاكاة المُنجَز تحت أنظار مسؤولين عسكريين سامِين، منهم جنرالات من الجيش المغربي ونظيره الأمريكي، على “تنفيذ مهاجمة طائرتين مُسَيَّرتيْن انتحاريتين (Drone kamikaze) تحتويان على عبوة ناسفة، تستهدفان مستودعات للمواد الكيماوية المخزَّنة بوحدات ضخمة تابعة للميناء، بالإضافة إلى اكتشاف عبوات ناسفة مرتجلة، ما تسبب في انفجار وإصابة عشرات الأشخاص”.
وشرعت الفرق المتدخلة في التمرين في “تأمين موقع التدخل” من قبل قوات خاصة، قبل أن تعمد إلى “إبطال مفعول الطائرات المسيَّرة الانتحارية من قبل فريق التخلص من الذخائر المتفجرة”، منجزة “تقييم المخاطر، فرز الضحايا وإعادة تجميعهم على مستوى نقطة معينة”.
كما انتشر “فريق التخلص من الذخائر المتفجرة للقيام بعمليات البحث والتنقيب، مع الكشف عن موقع الكارثة وتقسيمها إلى مناطق”، قبل أن يتم “التطهير الطارئ لمُتدخلّي فريق التخلص من الذخائر المتفجرة بعد وجود مواد كيماوية، وإبطال مفعول العبوات الناسفة من قبل فريق متخصص”.
ومن الإجراءات التي اتُخذت “جمْعُ العينات الكيميائية لتحليل وتحديد طبيعة المواد الكيميائية المتضمنة، بهدف منع تسرب المواد الكيميائية وتحييد الخطر”، فيما عاينت هسبريس “عمليات متسارعة للتطهير التقني والجماعي، بالموازاة مع فرز الضحايا وتقديم العلاج الطبي لهم”.
تحسين قابلية التعاون
كيلي فيندين، عن “الوكالة الأمريكية للدفاع والحد من المخاطر”، ممثل ‘أفريكوم’، لم يُخف سعادته بالقدوم إلى المغرب في إطار تمارين المناورات العسكرية المشتركة، لافتا إلى أن “الوكالة الأمريكية للدفاع والحد من المخاطر (المعروفة اختصاراً بـ DTRA) لديها تاريخ طويل من التعاون المشترك مع القوات المسلحة الملكية المغربية”.
“عمِلْنا معاً، بشكل مشترك، من أجل تطوير قوة للتدخل والدفاع ضد الأسلحة الإشعاعية النووية والكيمائية الأكثر قدرة وتحركاً في المنطقة”، يورد المسؤول الأمريكي في تصريح لهسبريس، وزاد: “الأسد الأفريقي 2023 يكشف قدرة المغرب على نشر قدراته الإقليمية في مكافحة هذا النوع من التهديدات ذات الطابع الإشعاعي، وتقييم قابلية التشغيل البيْني، مع تقديم استجابة حاسمة للأزمات للفوز في ساحة المعارك الحديثة اليوم”.
وتابع المتحدث: “هذا العام نُجري مع البحرية الملكية تمريناً هامّاً لتقييم الاستجابة لأزمة هجوم بأسلحة دمار شامل. يتضمن هذا السيناريو المعقّد وحدة التخلص من الذخائر المتفجرة، واكتشاف الأسلحة الكيماوية باستخدام مختبر متنقل، ووكلاء متخصصين ينفذون عمليات تطهير وإزالة التلوث باستخدام قدرات متطورة”.
“تمرين اليوم دليل آخر على كيفية عمل الوكالة الأمريكية للدفاع والحد من المخاطر، جنباَ إلى جنب مع القوات المسلحة المغربية لتحسين قابلية التعاون المشترك بين الولايات المتحدة والمغرب من أجل منطقة أكثر أماناً وسلاماً”، يخلص المتحدث.
“قوة وحنكة” مغربية
أوضح الملازم الأول حسام بلغازي، نائب قائد سَرية الدفاع ضد المخاطر النوويةالإشعاعية والبيولوجية والكيماوية التابعة لـ”وحدة الإغاثة والإنقاذ” للقوات المسلحة الملكية، أن “سَرية الدفاع المغربية ضد المخاطر النوويةالإشعاعية البيولوجية والكيماوية أبانت، خلال هذا التمرين، عن مدى قوتها وحِنكتها في هذا المجال، بتدخلها للحد من المخاطر الناجمة عن انفجار طائرتيْن انتحاريتين بدون طيار استهدفتَا مستودعاً لتخزين المواد الكيماوية”، وأضاف شارحا لهسبريس: “تم إبطال مفعول وجود عبوات ناسفة مرتجلة، بتدخل من فرقتَيْ إبطال وإزالة المتفجرات التابعتين للقوات المسلحة الملكية والجيش الأمريكي، باستعمال روبوتات ومعدّات جد متطورة”.
كما شاركت في التمرين “خلية التخطيط” التابعة للوحدة سالفة الذكر، إذ تكلفت بـ”جمع وتنظيم وتحليل المعلومات الواردة من فريق الاستطلاع، قصد استخدامها لتحديد الإجراءات الأمنية اللازمة ومعرفة ما يجب القيام به مع مواكبة التطورات الجديدة، من أجل حماية الفرَق المتدخلة والمواطنين من الخطر بعد تحييده”.
جدير بالذكر أنه تمت بنجاح، يوم الخميس الماضي (ثامن يونيو)، في إطار مناورات الأسد الإفريقي، وبحضور مسؤولين عسكريين مغاربة وأمريكيين، بالملعب الرئيسي التابع لقيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، مجريات السيناريو الأول لـ”محاكاة عمليات تدخل ضد تهديد أسلحة الدمار الشامل”، قبل استكمال السيناريو الثاني في الميناء العسكري بأكادير.
المصدر: هسبريس