ضد الحرب السودانية , اخبار السودان
عمار كارا
مناهضة هذه الحرب والعمل علي ايقافها هو الموقف العقلاني السليم واي مكتسبات امنيه او سياسيه متوهمه لا يمكن ان تبرر ازهاق الارواح وتدمير الممتلكات والبني التحتيه وانتشار الجوع وتهديد بل ازهاق حياة المرضي بسبب نقص الدواء وتعذر امكانية الوصول للرعايه الطبيه .
مستقبل ملايين الطلاب علي المحك وغموض مدلهم يغطي مقبل حياتهم ،واد الامل واحلام الشباب والصغار هو من افظع جرائم الحروب لا تقل في شناعتها عن المجازر وتشريد الاسر الٱمنه .
كل الاطراف المتحاربة خاسره في هذه الحرب اى روح تزهق او آليه تدمر هي خساره فادحه للوطن.
حرب لا يوجد فيها منتصر ليس بسبب الظروف التكتيكيه والتقديرات العسكريه المحيطه بالطرفين ولكن لان اي قتل او اضعاف هو بمثابة انتحار واضعاف لقوة الوطن وتماسكه وشوكته.
غريب امر هذا الوطن الذي كابد معظم تاريخه حروب اهليه متصاعده منذ استقلاله لم نجد وصفه تعبر عن اتعاظنا من الدماء التي اريقت في الجنوب والغرب والشرق حتي صار ان نشعل حربا ،اسهل من القاء تحيه.
هي حرب غير مبرره وكان يمكن تفاديها .اهدافها ونتائجها لا يبدو انها تخدم اي من القوتين المتحاربتين ،كانهما اشعلا حربا ثم طفقا يبحثان عن اسباب لها.
هي ليست حربهما لان لا مصلحه واضحه للقوتين في خوض هذه الحرب علي الاطلاق هي حرب بالوكاله يدفع ثمنها زادهما البشري والملايين من المدنيين الابرياء.
من بين ركام التحليلات و المنشورات و التقصي وتاريخ بدء الحرب يتم تداول عدة اسباب لهذا النزاع وهي:
1* دمج الدعم السريع في الجيش والاختلاف حول مدته وتوقيته.
2* مكيده مدبره من الحركه الاسلاميه لقطع الطريق علي الاتفاق الاطاري والعوده للسلطه
3* انقلاب للدعم السريع بحاضنه الحريه والتغيير للاستيلاء علي السلطه
4* ادعاء اي طرف ان الحرب مفروضه عليه وانه يدافع عن نفسه ضد هجوم من الآخر
5* استدعاء صراع الهامش والمركز او الجلابه والغرابه
6*التنافس والغيرة المهنيه بدلا عن التكامل والتعاون الذي ظل سائدا بين القوتين ايام الحرب في دارفور بسبب العقيده العسكريه وظروف التكوين واساليب القتال وتفاوت الامتيازات والسلوك الميداني ودرجة الانضباط العسكري
7* الطموح السياسي لقائدي القوتين
8* مؤامره استخباريه من اطراف اقليميه او دوليه اما للحصول علي ثروات البلاد عبر وكيل او تقسيم السودان الي خمسه دويلات
يمكن تصنيف هذ ه الاسباب الي اريعه اقسام
ا اسباب ذاتيه تتعلق بقيادة القوتين لامصلحه للمؤسسه بها الطوح السياسي
ب اسباب خارجيه من اطراف مدنيه او استخباريه فرضية مؤامرة الحركه الاسلاميه او انقلاب الدعم السريع
ج اسباب ثانويه اشعل حربا ثم فتش الاسباباستدعاء صراع المركز والهامش
د اسباب تنتج توترات لكنها لا تكفي لاشعال حرب الاختلاف حول تواقيت الدمج
من الواضح انه لا توجد مصلحه وطنيه او استراتيجيه او مؤسسيه لاي من القوتين في اشعال حرب بل خساره فادحه لاي منهما ،هما يخوضان حرب ليست لهما واي وضع بعد الحرب او استمرار الحرب نفسها لن يضمن لهما ذات النفوذ.والامتيازات والشوكه العسكريه التي تمتعوا بها قبل الحرب
لكن الخطوره في الحروب هو ان الحروب تشتعل ثم تستعر باسباب ثانويه او ثالثيه ناتجه من الحرب نفسها في سلوك لا يمكن التنبؤ بمساره ولا خطورته بدخول فاعلين جدد وتدخلات وتحالفات جديده محليه وخارجيه.
كل الاحتمالات مفتوحه عند اشتعال الحرب وتطاول امدها:
*التقسيم عبر احتفاظ كل طرف بمناطق نفوذ ونشوء معادله من توازن القوي
*تطور الصراع الي اقتتال اهلي واسع بدخول :
فاعلين محتملين قريبين مثل قوي اتفاق حوبا،
او فاعلين محتملين بعيدين مثل الحركات المسلحه خارج اتفاق جوبا،
او فاعلين محتملين كامنين مثل القبائل المسلحه.
*ظهور نزاعات جديده كامنه كانت في طور النشوء وتطورها الي نزاع مسلح
يعتمد طول امد الحرب علي :
*خطوط الامداد المفتوحة لتعويض المستهلكات والاجلاء
* توفر عمليات التجنيد واستعواض الزاد البشري
* توفر تمويل الحرب عبر اطراف خارجيه
كيف اسهمت العمليه السياسيه والاتفاق الاطاري في اشعال الحرب:
1* ميكانزمية التفاوض جعلت ذروة العقد هي الخلاف بين الدعم السريع والجيش وهي ذروه مصطنعه لعدة اسباب:
انقطة النزاع الاساسيه هي التحول نحو المدنيه
بكان يمكن انجاز المشكل التقني حول السيطره والدمج فى زمن مناسب دون ارجائه للحظات الاخيره مع ملاحظة ربط ذلك بالتصعيد والحشود في الخرطوم متزامنه مع التفاوض
جتكوين وتوقيت واداره ورشة القضايا الامنيه تبدو انها لم تكن مصممه للوصول الي حل للقضايا المطروحه كانت ورشه صوريه تقريبا رغم اهميتها
داستخدام سياسة حافة الهاويه التفاوضية بتحديد اجال للتوقيع النهائى قبل حل العقد التفاوضيه خلق حاله عاليه من الاستقطاب والتوتر
2 عدم وجود معايير ثابته وواضحه للاقصاء او الانضمام للاتفاق الاطاري
3 وجود انقسامات داخليه حاده في التقديرات السياسيه داخل القوي السياسيه الرئيسيه وفيما بينها كذلك
4التعامل بموضوعيه و تقدير موقف صحيح مع بقايا النظام السابق اذا افترضنا ان هذه القوي تستطيع ان تشعل حربا بهذه الطريقه الماثله وان قيادة الجيش الحاليه التي يتم التفاوض معها تمثل النظام السابق توجد خيارات افضل من الحرب .كان يمكن تطبيق مبدا لا للحرب استباقيا لمنع الحرب
5 الافتقار الي الضغط والزخم الشعبي من الشارع لدعم المسار السياسي.العكس كان معارضي الاتفاق السياسي الاكثر زخما والاعلي صوتا.
هذا ليس ادانه او اتهام لاحد الاطراف لكني اقول ان الظروف المحيطه بالاتفاق الاطاري وليس نصوصه وميكانزميه التفاوض ادي لا ستقطاب حاد علي راسه قوتين مسلحتين وربما ادي ذلك ان يحس كل طرف انه يملك غطاء شرعي لاستخدام القوه
يمكن التمييز بين ثلاث مواقف يشملها شعار لا للحرب:,
*موقف سياسي مبدئي يرفض الحرب وكل توابعها وانتهاكاتها ويدين كل المشاركين بها وما يقومون به من انتهاكات لكنه يجب ان يتطور الي تحالف وعمل شعبي وتعبوي وفق ما تتيحة ظروف الحرب والا اصبح موقفا عديم التاثير لا معني له ولا فائده فيه
* موقف انتهازي براغماتي يدعي انه يرفض الحرب ويهلل للانتهاكات التي تخدم خطه السياسي والعكس .
*موقف سلبي يرفض الحرب لكنه يفتقد الي التفاعل وتطوير اي فعل سياسي رافض للحرب والانتهاكات.
لاشك ان الحياد او اتخاذ موقف مناوئ للحرب في زمن الحرب هو من اصعب المواقف في زمن تحتد فيه العواطف والمشاعر ويخفت صوت العقل ،سيكون موقف من الصعب الاستمرار فيه والمحافظة عليه خاصه بالنسبه للمؤسسات والتنظيمات التي ستواجه من الضغوط الداخليه والخارجيه ما يكفي لاظهار دعمه او تحالفه مع احد طرفي القتال او ظهوره في موضع الخائن او ان يقبع في موضع لا يتذكره احد ويصبح في ارشيف التاريخ .
كما يوجد من فلول النظام السابق من يروجون للحرب حتي آخر نقطة دم وآخر لبنه في حائط الوطن يوجد كذلك آخرون في الطرف المقابل مستعدون لدعم خيار الحرب حتي النهايه مقابل عدم عوده فلول النظام السابق.
ان محاولة اختصار كل مشاكل السودان في فلول النظام السابق وهذه الحرب في انهم احد طرفيها هي روايه ورؤيه قاصره ولا تعبر عن حقيقة الوضع الحالي.فلول النظام السبق موجودون وهم احد عناصر المشهد المؤثره لكنهم لا يمثلو ن كل الصوره القاتمه.
اعتقد ان الخيار الاوفق والذي يتوجب منذ الان العمل عليه هو دعم خيار المصالحه الشامله لكل القوي السياسيه والعسكريه بما في ذلك فلول النظام السابق ولنمض قدما في انقاذ الوطن والشعب هكذا يمكن ان نكسب الحرب دون المشاركه فيها.
النصر
هو حاله ذهنيه ومعنويه نسبيه مرتبطه بتحقيق الاهداف المرسومه قبل الحرب ويتم ذلك في الحالات التاليه:
1 استئصال الطرف الآخر
2 دعم اهداف استراتيجيه عبر الحرب (تحريك ملف منسى او ساكن،ارغام طرف علي التفاوض،استنزاف).
3 الصمود والمقاومه وتفادي الاستئصال (حروب الضعفاء)مثل حرب حزب الله
لاشك ان شرعية وقانونية واخلاقية الاهداف تلعب دورا في توصيف الحاله بالنصر.
في المعركه الحاليه نجح الجيش في توصيف اهدافه بدقه وهي انه يواجه تمردا يعمل علي مقاومته بينما قدمت قوات الدعم السريع دعايه سياسيه بانها تريد ان تجلب الديمقراطيه او انها تحارب في (الكيزان) ولا ادري ان كانت فشلت في تحديد اهدافها المعلنه ام هو نوع من الغموض الاستراتيجي المقصود فجلب الديمقراطيه او محاربة الكيزان هي عمليه لا متناهيه من ناحية التوقيت وتعريف الكيزان نفسه يمكن ان يتسع فيشمل الكيزان واشباه الكيزان واصدقاء الكيزان .لكنها قدمت سلوكا عمليا يناقض هذه الدعايه الحربيه لذلك من الارجح ان الغموض في تحديد الاهداف المعلنه مقصود.
الدعم السريع
التكوين:
ا التجنيد علي اساس عشائري ثم تطور الي الاغراء بالامتيازات الماليه
بقياده تاريخيه مرتبطه بالاسره
جالتمويل من تهريب الذهب والتجاره وتقديم خدمات امنيه عابره للحدود
دالترقي والقياده لا توجد معايير واضحه
التاريخ :
مرتبط بمليشيا الجنجويد او هو شكل مؤسسي لهذه المليشيا
السلوك:
العنف المفرط وسيادة مفهوم السلب والنهب والغنائم
التنظيم القتالي:
قوه هجوميه محمول سريعة الحركه .قوة مسانده
لذلك تبدو كقوه مصممه لكسب المعارك التكتيكيه ولا تملك منظور كسب الحرب الشامله بسبب ظروف الكوين والنشاه
لقد افلحت هذه القوات منذ بدء الحرب الى الآن في التمدد الواسع واحكام السيطره علي العاصمه ومحاصره المتبقي من معسكرات الجيش التي لم تسقط لكنها تفننت في اهدار هذا النصر النسبي انصرفت الي اعمال السلب والنهب وترويع المواطنين او علي الاقل التغاضي عن ذلك لم تقدم نفسها كقوه نظاميه محترمه تحوز علي ثقة الشعب وتجلب الطمانينه فالنصر دوما هو حاله ذهنيه ومعنويه لا تقاس بالقوة الصلبه فقط .لم تستطع وياللغرابه في احداث اختراق ملموس في اوساط الجيش وانحدروا بدلا من مطالبة شرفاء الجيش بالانضمام لهم الي مطالبة ابناء عمومتهم في الجيش من ابناء الغرب بترك الجيش ودعمهم وقاموا بمطاردة معاشيي الجيش في الاحياء،وهذا انما يدل علي ان ظروف التكوين والنشاه لهذه القوات والسياق الاجتماعي هما في النهايه اللذان يحددان افق هذه القوات وسلوكها وانها قوات تملك ادوات كسب المعارك التكتيكيه لا ادوات النصر
.
الجيش السوداني :
خسر الجيش معظم المواجهات الميدانيه المباشره ضد قوات الدعم السريع وهو امر يمكن تفسيره .
اكثر المؤسسات التي عانت من ارث البشير هي القوات المسلحه:
* ضعف مرتبات الجنود في مقابل امتيازات الرتب الاعلي وهي احد اشكال الزبائنيه التي يسعي فيها النظام الاوتوقراطي لشراء ولاء كبار الضباط
*تورط الجيش في النزاع الاهلي بصورة مرهقه
*اعتماد الجيش في عمليات المشاة علي المليشيات القبليه مقابل التوسع في الاسلحه الفنيه وهذا بلا شك لم يكن قرارا فنيا
*تشوه في قبو ل الضباط بالكليات العسكريه بتدخل بعض العوامل السياسيه والجهويه
*تفشي الفساد في اوساط القيادات بصورة اثرت في احترافية الجيش
* وجود عدد مؤثر من فلول النظام السابق في قيادته
هل الجيش مؤسسه قابله للاصلاح: نعم
* الغالبيه العظمي من الجيش ضباط وجنود غير متورطه في الانتماء السياسي وحتي مشاركتها في الحروب الاهليه بفعل اقتناعها بانها تقوم بحماية الوطن وتتبع التعليمات
*الانقلابات العسكريه في السودان لا يمكن تحميلها للجيش وحده دون القوي السياسيه
*الجيش مؤسسه عتيده وراسخه ولها ارث مؤسسي قوي جدا
*لا يزال الجيش كمؤسسه تحوز علي ثقه الكثير من اهل السودان
اذا كسب اي من الطرفين الحرب ستكون عملية استعادة الديمقراطيه تحد كبير وذلك بسبب زيادة حدة الاستقطاب المجتمعي وفقدان الثقه في القوي السياسيه والواقع الاقتصادي والديمغرافي بعد الحرب عملية الاستشفاء ستكون عمليه معقده.
كيف يمكن ايقاف هذه الحرب:
* التاكيد علي ان الحل هو بايدي السودانيين وعدم البحث عن حل خارجي يعقد الازمه ويفاقمها مع الترحيب بجهود الاصدقاء.
*رفع شعار المصالحه الشامله بشاركة جميع اهل السودان لان كل الاحوال ستكون اهون من الحرب والموت والدمار.
*التاكيد علي دعم القوات المسلحه بشروط ،وعلي وجود جيش واحد ،وعلي مبدا دمج الدعم السريع والحركات المسلحه في القوات المسلحه وذلك لسحب البساط من استغلال الجيش بواسطة الفلول واستغلال الدعم السريع بواسطة القوي الاخري.سحب البساط امام دعاة الحرب من الجانبين.
*تولي القوي المدنيه مبادره الحل عبر مبادره للمصالحه واسعة الطيف.
*استغلال الاجزاء التي لم تشملها الحرب و المهاجر للتعبئه لوقف الحرب.
* كل الشرور موجوده في اطالة امد الحرب .الفرصه للنجاه هي في التحرك الآن
علي كل الذين تصدوا او تم تكليفهم لقياده العمل السياسي ان يتحلوا بالشجاعه والمسئوليه والكفاءه اللازمه لاخراج الوطن من هذه الازمه .
يونيو 2023
المصدر: صحيفة التغيير