الطريق إلى هدنة حقيقية.. بعثة سلام دولية
الرأي اليوم
الطريق إلى هدنة حقيقية.. بعثة سلام دولية
صلاح جلال
(1)
* المشهد بعد مضى 48 يوماً على اندلاع حرب الخرطوم، اتفق طرفا النزاع على عدد سبعة هدن منها اثنين في جدة برعاية سعودية أمريكية، كل الهدن كان عنوانها العريض لم ينجح أحد الفشل بعد ساعات من توقيعها السبب أن المتحكمين في قرارات الحرب ليست من بين خياراتهم وقفها والعودة لطاولة التفاوض In Good Faith، لا يرون مكسب غير النصر الكامل أو الهزيمة مازالت الحرب مستمرة لقرابة الشهرين رغم أن الطرفين ظهر عليهم إعياء الحرب War Fatigue (جيش + دعم) وثالثهم الشعب الذى رفض مبدأ الحرب وسئم استمرارها وهو يدفع فاتورتها من دمه وماله وممتلكاته، وكلفة الحرب الاجتماعية والاقتصادية تتصاعد وسط المدنيين، القوات المسلحة لم يتبق لها سلاح فاعل غير الطيران والمدفعية مع قِلة المشاة الظاهرة وهي متمركزة في المدرعات ووادى سيدنا والمهندسين والدعم السريع لم يتبق لهم خيار غير الاحتماء بمنازل المدنيين للحماية من القصف وهم ينتشرون في معظم شوارع المدن الثلاث ومداخل العاصمة الرئيسية وبعض المؤسسات السيادية وهي المعادلة التي يخسر فيها السكان المدنيون في الحالين القصف العشوائي من الجيش وخسارة منازلهم وممتلكاتهم التي يحتمي بها الدعامة من القصف، هذا بالإضافة لانفجار الوضع الاجتماعي الكاشف الفاضح في حزام الفقر حول المدن وظاهرة النهابة، وهي نتاج طبيعي لإهمال متطاول للريف ولاختلال توزيع الثروة والعوائد الريعية للاقتصاد القومي.
(2)
* اتفاق جدة في 11 مايو وضع قواعد مفاهيمية للقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين لوضع طرفي الحرب أمام مسؤوليتهما تجاه المدنيين في ظروف الحرب، وأن تجاوز هذه المفاهيم يلزم المجتمع الإقليمي والدولي بالتدخل بما يحقق حماية المدنيين من الهلاك، هذه المقدمة كانت ضرورة نظرية في هدنة جدة ليعلم الطرفان أن التمادي في الحرب غير مسموح به عندما يشكل خطراً على السكان المدنيين، وهناك نماذج عديدة لتدخل الأمم المتحدة حول العالم لأسباب إنسانية ولحماية المدنيين من مخاطر الحرب.
(3)
* القارة الأفريقية هي أكثر القارات تعريضاً لحياة المدنيين للخطر نتيجة للصراعات المسلحة من أجل السلطة، من نماذج التدخلات الإقليمية لحماية المدنيين ما قامت به المجموعة الاقتصادية في غرب أفريقيا المكونة من 15 دولة (الإيكواس) فقد تدخلت عسكرياً لحماية المدنيين في ساحل العاج وليبيريا 2003م، وفي غينيا بيساو 2012م ودولة مالي 2014م وأخيراً تدخلت لحماية المدنيين في قامبيا 2014م، كما تدخل الاتحاد الأفريقي بإرسال بعثات عسكرية لحماية المدنيين ولأسباب إنسانية في السودان بعثة عسكرية للسلام في العام 2004م إلى إقليم دارفور عندما فشلت حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير في حماية المدنيين وتعرُضهم لجرائم الحرب والتطهير العِرقي بلغ قوام بعثة الاتحاد الافريقي للسودان 7 ألف جندي وكذلك بعثة الاتحاد الأفريقي الجارية إلى الآن في الصومال لحماية المدنيين.
(4)
* بعد فشل الهدن السابقة نناشد المسهلين والمجتمع الدولي لبحث آليات جادة لفرض الالتزام بوقف إطلاق النار وتأمين الأوضاع الإنسانية وحماية المدنيين من أطراف هذه الحرب العبثية، نتطلع أن يشكل الاتحاد الأفريقي بعثة سلام عسكرية لفرض حماية المدنيين في السودان بعثة توضع على الأرض Boot On The Ground في أسرع وقت ممكن بتفويض واضح ومحدد ويتم دعمها من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف النيتو وبمساندة أفريقية واسعة وفق قرار مجلس الأمن والسلم الأفريقي الأخير رقم 1156 وخريطة الطريق لمعالجة الأزمة.
(5)
* ضرورة بعثة دولية من الاتحاد الأفريقي مسلحة على الأرض it’s Amust تقوم بواجبات واضحة لفرض وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وتوصيل الاحتياجات الضرورية من غذاء وعلاج لاستعادة الحياة الطبيعية للسكان خاصة في الخرطوم، كما يقع على القوى السياسية والمجتمع المدني تصعيد العمل الجماهيري الرافض للحرب في الأقاليم الآمنة تحت الشعار الملهم لا للحرب ولازم تقيف بتحالف واسع يشمل كل قوى الثورة.
(6)
* عنوان المرحلة تكوين بعثة سلام دولية من الاتحاد الأفريقي وفق السوابق المذكورة لحماية المدنيين تقوم بفرض السلام من خلال عدم السماح للطيران العسكري بالتحليق No Fly Zone، وتلزم قوات الدعم السريع بإخلاء منازل السكان ومباني الخدمة المدنية والعلاجية، لتحقيق ذلك بكفاءة وفاعلية يمكن أن يستعين الاتحاد الافريقي بوسائل وقدرات تقنية من الاتحاد الأوروبي وحلف النيتو لإسقاط أي طيران عسكري فوق العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى وكذلك تقوم بعثة السلام بالسيطرة على مطار الخرطوم الدولي وتفرض عليه منطقة آمنة للطيران المدني Safe Fly Zone لتوصيل الإغاثة من طعام وأدوية والاحتياجات الضرورية للسكان وكذلك تأمين المطارات المدنية الإقليمية الأخرى خاصة في دارفور.
(7)
** لايوجد خيار فعال غير بعثة سلام عسكرية عاجلة للسودان إذا كان المجتمع الإقليمي والدولي وأصدقاء السودان جادين في حماية المدنيين في السودان، لقد منحتم لوردات الحرب ما يكفي من المحاولات والزمن واختبرتم جديتهم الذاتية، لم يبق غير الحلول الصارمة كما يقول المثل السوداني في مثل هذا النوع من الحسم اللازم (آخر العلاج الكي).
#لاللحرب
#لازم_تقيف
5 يونيو 2023م
المصدر: صحيفة التغيير