شباب قرية «مراغة» بدنقلا يقودون مبادرة أهلية لإيواء الفارين من حرب الخرطوم
جلسة شبابية تحت ظلال أشجار النيم الوريفة بقرية مراغة، إحدى ضواحي مدينة دنقلا، أخرجت فكرة مبادرة إيواء النازحين الفارين من حرب الخرطوم لشمال البلاد.
دنقلا:التغيير
لا يتوقف هاتفه عن الرنين، ولا يتوقف هو عن الحركة على الرغم من توقف عمله في مجال التجارة مع مصر.
تغيرت حياة الشاب مروان أحمد السيد الهادئة بعدما ابتدر مع أصدقائه (مبادرة أبناء مراغة) وصار يعمل ليل نهار في توفيق أوضاع النازحين الذين لا يملكون أسرا ممتدة في الولاية الشمالية.
“صرت عاطلا عن العمل بعد أن انتهت تأشيرة دخولي لمصر ولا سبيل لتجديدها، ففكرت في عمل شيء مفيد”، يقول السيد لـ(التغيير).
جلسة نهارية تناولت افرازات حرب الخرطوم، وسمع شباب الحي عن وجود عدد من الأسر في الساحة الخضراء والمدرسة النموذجية جعلتهم يقرروا فورا القيام بمبادرة إيواء لبعض الفارين باسم الحي.
تفاعل مع مروان الاخوان محمد وياسر مصطفى إلى جانب صديق آخر هو ياسر زكي، وبدأوا فورا في القيام باتصالات مع اللجنة المسؤولة عن الإيواء التي رحبت بالفكرة.
جهود مشتركة
تم اختيار المركز الصحي للحي مقرا للايواء خاصة وانه تمت فيه عمليات صيانة حديثة، وانعدام المرضى فيه. وكان هو الخيار الأفضل بعد أن وجدوا أن نادي الحي (الوحدة) لن يتحمل أكثر من أسرة واحدة، أما المدارس فربما تعاود الافتتاح قريبا.
“في بادئ الأمر خططنا توزيع الوافدين على منازل الحي حال كانوا من النساء والأطفال”
اشترك سكان القرية جميعا في امداد المقر بالاحتياجات من أسرة وغيرها، وتمت أعمال صيانة للثلاجات عبر تبرعات تم جمعها من خلال قروب ابناء الحي في تطبيق واتساب.
استقبال الوافدين
بعد أن اصبح المقر مهيأ، انتظر شباب الحي وصول الوافدين بالتنسيق مع اللجنة المركزية للايواء ونشر إعلان في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
اول وفد كان عبارة عن حافلة ركاب كبيرة، بقيت في المركز يومين قبل أن يتوجهوا لمدينة حلفا.
ثم بات الوافدون يصلون بإعداد اكبر، بعضهم يبقى في المكان والبعض الآخر ينتقل لمدينة أخرى أو يتجه لدولة مصر.
العدد الحالي حوالي (22 ) شخص يمثلون قرابة 6 أسر في إقامة دائمة داخل المركز حتى وقوف الحرب ربما!
تنسيق الوجبات
لم تقدم المبادرة مقر إقامة فقط، بل وفرت 3 وجبات و شاي الصباح مع (الخبيز) حسب عادات اهل الشمال.
“وجدنا أن احضار الشاي غير عملي، قمنا بتجهيز متطلبات صناعته ووفرنا كل شيء من اكواب وسكر حتى البسكويت”.
يشعر مروان بالفخر الشديد من تجاوب أهل حيه مع مبادرتهم “أحيانا البعض يحضرون الطعام بدون أن اطلب منهم، والبعض يتصل يسأل متى يحين دوره”.
استقبل المركز إلى جانب الوافدين من السودانيين، 3 من الجنسية السورية، لم يتوقف الأمر عند الاستقبال والضيافة، يسعى مروان عبر معارفه لتوفير عمل للشاب السوري تقديرا لحاجته كونه تزوج حديثا.
بعض الوافدين لا يعرفون طرقات دنقلا وأحيائها، يكفي ان يقوموا بالاتصال ليتحرك مروان مستقلا عربة صديقه ياسر ورفقته لإحضار الوافدين الجدد من موقف الباصات.
وذهبوا لأبعد من ذلك؛ بإرسال ثمن التذاكر لأسرة كاملة قرأت منشورهم في الفيسبوك وتواصلت معرفة عن رغبتها في الحضور ولكنهم لا يملكون ثمن التذاكر!
“في بادئ الأمر ترددت! لكن قلت في نفسي لا يمكن أن يكذب أحد في ظل هذه الظروف”.
أرسل لهم التذاكر، واستقبلهم في المركز حتى رحيلهم.
لا يعرف مروان قصص أي من الموجودين بالمركز “لم أجلس لأتجاذب أطراف الحديث مع احد، انا فقط استقبل طلباتهم عبر الهاتف”.
شاهد على الميلاد
من القصص التي يشعر مروان بأنها مختلفة، وستبقى في ذاكرته، وصول سيدة على وشك الوضوع، بقيت معه في المركز 4 أيام وطلبت تأجير منزل خاص لاستقبال أطفالها التوأم.
“أخبرتني بتاريخ الوضوع، سعينا لتأجير منزل وجلبنا أسرة من الحي لنفرشه لها، ووفرنا لها ثلاجة عبر أحد أعضاء لجنة الخدمات والمواد التموينية.
بعد وضوعها بفتره، عاتبته السيدة لعدم رؤيته لطفلتيها التوأم، ذهب لزيارتهم واطمأن عليهم ومازال يتفقدهم باستمرار.
المصدر: صحيفة التغيير