اخبار المغرب

الرباط تستحق معرض الكتاب.. وروايتي الجديدة تثير ظواهر اجتماعية

قال حسن أوريد، الروائي والكاتب المغربي، إن “معرض الكتاب يجب أن يبقى في الرباط”، كما أن غلاف رواية “رحلة من الجنوب” سيحدث فيه تغيير، إذ لم يكن يعلم أنه موجود في كتاب آخر.

وأضاف أوريد: “العمل الجديد هو قديم في الحقيقة، ويعد أول ما كتبت في مسيرتي خلال الثمانينيات، كما أنه محاولة لإثارة الظواهر المجتمعية الراهنة”.

وأورد الروائي والكاتب المغربي أن “العمل يبين أيضا مدى ضعف بعض الأمثال المجتمعية الراسخة، كـ’من جد وجد’، إذ إن الواقع يتحدث بشكل آخر ويعطي مصيرا مخالفا تماما”.

وأشار المتحدث ذاته، في حوار مع هسبريس، إلى أن منظمي معرض الكتاب لم يقوموا باستدعائه، “لكن ذلك يبقى اختيارهم، وأنا بالطبع أحترمه”، يورد مستدركا.

الحوار كاملا:

عمل جديد أصدرته تزامنا مع انطلاق المعرض الدولي للكتاب بالرباط، حدث القارئ عن مضمونه.

العمل جديد وقديم، وهو في الحقيقة أول عمل كتبته في مسيرتي سنة 1985، وأخرجته كإهداء إلى خالي الحسين أيت مساعد، الذي رحل إلى عفو الله، كما أنه عبارة عن سيرة ذاتية، تتحدث عن فترة ولت بقضاياها وأسئلتها، إذ كان وقتها الفكر الاشتراكي والقومي حاضرا في الجامعة المغربية، كما كانت أفكار جديدة بارزة كالفكر الإسلامي. عموما فالرواية رحلة من الجنوب إلى عالم الغرب المغربي، وهي إحالة ضمنية على المدينة، على الحداثة والقيم العصرية.

أثرت في بداية الرواية نقاش العنصرية التي تواجه القادم من الجنوب إلى المدينة، ما رسالتك هنا؟

لا يمكن اعتبار العمل أدبيا إذا لم يكن يناقش في باطنه ظواهر المجتمع، وهو الأمر الذي ينطبق على رواية “رحلة من الجنوب”، التي لا تتحدث فقط عن سيرة الكاتب الذاتية، بل تعالج مواضيع مجتمعية، كـ”العنصرية”، التي مازالت سارية في مجتمعنا المغربي وفي العالم أيضا، وتحمل في طياتها نظرة دونية إلى القادم من الجنوب، وإثارتها في الرواية كانت بهدف تجاوزها، لأنها مازالت حاضرة هنا في واقعنا، رغم تحقيقنا خطوات مهمة في تجاوزها.

تشد انتباه قارئ الرواية شخصية بلعيد، الاشتراكي المتفلسف، ما سياق توظيفه في العمل؟

شخصية بلعيد ليست مختلقة، وتحيل على اسم واقعي، وهو الكاتب محمد شفيق، الذي يظهر جليا الحديث عنه في اللهجة الأمازيغية الموظفة في كلام شخصية بلعيد، وحواراته مع شخصية عبدلله في الرواية، وهي جزء من النقاشات المفصلية التي عشتها في الثمانينيات مع الكاتب ذاته، حول العلاقة مثلا بين المقدس والدين، غير أنه ليس كل النقاشات التي وردت في حوارات بلعيد حقيقية.

ننتقل إلى موضوع الدين الذي ناقشته بقوة في الرواية، ووضعت عبارات جاذبة كـ “الإنسان حيوان متدين”، وقلت أيضا إن الدين يجب أن يخضع للتفكير والتطوير. هل نفهم أن أوريد مستاء من بقاء الدين في شكله دون خضوعه للتطوير؟

الشخوص في الرواية لها استقلاليتها، وليس من الضروري أن نضع ربطا كهذا لها انطلاقا من حواراتها. كما أن نقاش الدين في الرواية ليس بالضرورة أن يكون كما هو حاليا، فأنا أتحدث عن فترة بعيدة كان وقتها المد اليساري حاضرا، وينادي بتطوير الدين وإخضاعه لمنطق التفكير؛ كما كان هنالك اتجاه مازال حاضرا يقر بأن الدين لازم التجربة الإنسانية، وإثارتي لهذا النقاش كانت بسبب عدم امتلاكي الوسائل اللازمة حينها، غير أن الغوص في هاته القضية ليس من الضروري أن ينطلق في داخل إطار الرواية.

تطرقت أيضا من خلال شخصية كريم إلى الأشخاص المحظوظين الذين يجدون الطرق سهلة في الحياة، والتي تتعارض مع شخصية عبد الله الذي وجد الطرق مغلقة بسبب وضعه الاجتماعي. هل نفهم أن الكاتب عاش هاته التجربة طالما أنها سيرة ذاتية؟

تطرق الرواية لهاته الظاهرة جاء لتبيان مدى ضعف بعض الأمثال المجتمعية الراسخة، كـ”من جد وجد”، إذ إن الواقع يتحدث بشكل آخر. وهنا دعوت القارئ إلى تجاوز هذا التناقض المجتمعي، عبر استحضار أرضية نقدية للواقع. صحيح أن هذا التناقض مس شخصية عبد الله لكن ليس من الضروري أن يكون واقعيا ويمس الكاتب.

في الرواية لاحظنا إثارة أوريد القضية الفلسطينية من جديد، وذلك بعدما ناقشتها باستفاضة في روايته الأخرى “الموتشو”؟

العمل الذي كتب في الثمانينيات تزامن وقتها مع حضور قوي للقضية الفلسطينية. ولا أعلم هل يملك الجيل الحالي الوعي نفسه بالقضية، وإثارتي لها في الرواية كان بسبب واقع عشته وتشبعت به. كما أن توظيف شخصية فياض كان أيضا انطلاقا من الواقع، وما حدث له كما وثق في الرواية كان حقيقيا.

في سياق الشخصيات دائما، هناك حالة الضاوية التي تعرضت للإجهاض؛ هل سعيتم من خلالها إلى إبراز النفاق المجتمعي، إذ وضعتم عبارة “كيف تجاور الفضيلة الرذيلة”؟

إثارة القضية وحالة الضاوية كانت من أجل الكشف عن أسباب الانحراف في مجتمعنا، وكذا لفتح النقاش حول تحسين القوانين التي تعالج هاته الظواهر، مثل الإجهاض مثلا، والتستر عن واقع الحال بالنفاق، وهي معادلة ترفضها شخصية مصطفى. والأمر الطريف أيضا في الرواية علاقة بهذا الموضوع هو شخصية عبد الله التي كانت تنتقد المنظومة المجتمعية لتتحول بعدها إلى حارس لها، وهي حالة تأتي تحت ظل مكر الحياة وسخرية القدر.

اسمح لي حتى نصل إلى نهاية الحوار سيد أوريد أن أثير أمامك سؤالا خلق جدلا منذ الإعلان عن صدور الرواية، وهو الغلاف، هناك من تحدث عن سرقة، ما هو ردكم؟

أنا لست مكلفا باختيار الغلاف. وهاته الضجة كانت أيضا عند صدور كتاب “أفول الغرب”، الذي أيضا لم أختر غلافه. وأنا أحرص فقط على اختيار عنوان الكتاب، وسمعت أن غلاف روايتي الجديدة يوجد في كتاب آخر، وهو أمر لم أعرفه، وسيتم إحداث تغيير فيه مستقبلا.

في الختام ما هو رأيك في معرض الكتاب في “نسخته الرباطية” الذي تشارك فيه روايتك الجديدة؟ وهل نرى جديدا لك في القريب؟

أولا لم أحضر له بعد، كما لم يتم استدعائي له من قبل المنظمين، لكن يبقى هذا اختيارهم. والنسخة الحالية لم أحضرها حتى أعطي تقييما، لكن النسخة الماضية كانت رائعة ومنظمة. وبصريح العبارة أفضل أن يبقى المعرض هنا في الرباط.. أما الجديد فأنا لا أريد أن أتوقف، ومازال هناك الجديد بالطبع.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *