اخبار المغرب

مُخالفة الإشهار للواقع يطرح نقاش تشبّع المستهلك المغربي بالثقافة القانونية

تستعين أغلب المقاهي والمطاعم بأنواع عديدة من الصور الإشهارية التي تثبّتها على واجهاتها بهدف جذب انتباه المارة، وتلجأ إلى استعمال صور بأعلى درجات الإتقان الممكنة على قائمة الأغذية التي تقدمها من أجل إرضاء الزبائن أو إقناعهم بتناول هذه الوجبات أو استهلاك تلك الأطعمة.

وفي الوقت الذي يبدع مصممو اللوحات الإشهارية وقوائم الطعام في اختيار أجود الصور واستعمال أجمل الألوان والتصاميم، يثار بين الفينة والأخرى نقاش حول مدى التزام صاحب المقهى أو المطعم بتقديم الأغذية بنفس درجات الجودة والكمية والإتقان المشار إليها في تلك الصور.

ويظهر الاختلاف جليا بين الصور الإشهارية والأطعمة المقدمة للزبون بأغلب المحلات، خاصة حين يتعلق الأمر بصور لسَلطاتٍ متنوعة المكونات، وأطباق لحومٍ وافرة الكميات، و”بيتزات” مفرطة في الحجم والمحتويات، وسندويتشات بالغة الإتقان ومتعددة المُرفَقات، حيث يجد الزبون نفسه أمام أطباق تختلف بشكل أو بآخر عن الصور المعروضة أمامه.

الصورُ الإشهارية.. تعاقدٌ

وفي هذا الصدد، يقول رضوان زويتني، عضو بالجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن “الصور الإشهارية على واجهة المحلات التجارية، وتلك المنشورة على قائمة الطعام، تُعتبر بمثابة تعاقد بين الزبون وصاحب المحل، وأي اختلاف بين الصور والواقع يندرج ضمن الإشهار الكاذب”.

وأضاف زويتني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك يضبط كل ما يرتبط بهذا الموضوع، وتحديدا في المواد المندرجة ضمن القسم الرابع تحت عنوان “الممارسات التجارية”، خاصة الباب الأول المتعلق بـ”الإشهار”، حيث يمنع كل إشهار يتضمن، بأي شكل من الأشكال، ادعاء أو بيانا أو عرضا كاذبا”.

وأوضح أنه “يمنع كل إشهار من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه إذا كان ذلك يتعلق بحقيقة وجود السلع أو المنتوجات أو الخدمات محل الإشهار، وطبيعتها وتركيبتها ومميزاتها الأساسية ومحتواها من العناصر المفيدة، ونوعها ومنشئها وكميتها وطريقة وتاريخ صنعها وخصائصها وسعرها أو تعريفتها وشروط بيعها، وكذا شروط أو نتائج استخدامها وأسباب أو أساليب البيع”.

شكايات الضحايا

وذكّر زويتني بالمادة 23 من القانون المذكور، التي تؤكّد أن “كل إشهار كيفما كان شكله يجب أن يشير إلى طبيعته الإشهارية بطريقة واضحة لا تحتمل أي لبس، لا سيما العروض الدعائية كالبيوع بالتخفيض أو الهدايا أو المكافآت، وكذا المسابقات الإشهارية من أجل الربح عند تلقيها من طرف المستهلك”.

وبخصوص الشكايات التي يُمكن أن يتقدّم بها ضحايا ما يُمكن اعتباره إشهارًا كاذبًا، تأسّف زويتني لـ”عدم لجوء المواطنين إلى وضع شكايات في الموضوع”، مشيرا إلى أن شبابيك الجامعة المغربية لحقوق المستهلك “لم تتلق أي شكايات في الموضوع، ويُمكن ربط هذه المسألة بعدم وعي الزبون بكامل حقوقه، وعدم لجوء الضحايا إلى المساطر الكفيلة بضمان تلك الحقوق”.

وأوضح زويتني أن “الجامعة المغربية لحقوق المستهلك تقوم بمجموعة من المبادرات التحسيسية في الموضوع، من خلال

مشاركتها في عدد من البرامج الإذاعية والتلفزية وعبر الجرائد المكتوبة، من أجل المساهمة في توعية المستهلك المغربي، ورفع درجة تشبّعه بالثقافة القانونية، وتأطيره بخصوص كل ما يهم علاقته بأصحاب المحلات التجارية”.

التشريعات والمستهلك

وبعدما أكد أن “المستهلك المغربي ديما مسامحْ في حَقُّو”، نبّه زويتني إلى أن “القانون واضح وغني بمواده، والمشرّع بسط مجموعة من التشريعات التي تصبّ في صالح المستهلك، لكن إلى حدود اليوم لم نصل إلى الثقافة الحقيقية للاستهلاك، وهذا يهمّ المستهلك العربي بصفة عامة، والمغربي بشكل خاص”.

وأضاف أن “المستهلك المغربي مطالب بالتحكّمِ في تفاعله مع الإشهار، وضبطِ ما له وما عليه حين يختار منتوجا ما، ومعرفة الإجابات الصحيحة لمختلف التساؤلات من قبيل: ماذا سأشتري، ولماذا، ومن أين، وما الثمن المناسب…؟، لكي يُحيط علمًا بكل تفاصيل المنتوج الذي يودّ استهلاكه كيفما كان نوعه”.

وفي حالة وقوع المستهلك في مشكل الاختلاف بين الصور الإشهارية والمنتوج الحقيقي، أكد زويتني أن “من حق الزبون الاتصال بالدرك الملكي بالوسط القروي، أو بالأمن الوطني في المجال الحضري، من أجل المطالبة بتحرير محضر حول الواقعة، والتقدم بشكاية إلى النيابة العامة، التي توجه الضابطة القضائية للبحث في الموضوع وسلك المسطرة القضائية الملائمة”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *