نقابتان تكشفان تفاصيل الشركات الجهوية متعددة الخدمات وتدعوان لسحب قانون إحداثها
كشفت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والنقابة الوطنية لمستخدمي المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الماء المنضوية تحت لواء الكونفدرالية العامة للشغل المساهمة عن تصورهما وقراءتهما لمشروع القانون 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية المتعددة الخدمات.
وقالت النقابتان في بيان تفصيلي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه إن ما ستشفه من خلال مواد و فقرات هذا المشروع بخصوص توجهات الدولة لإعادة هيكلة قطاع توزيع الماء الصالح للشرب و الكهرباء و التطهير السائل هو خلق شركات جهوية متعددة الاختصاصات على صعيد كل جهة على شكل شركات مساهمة على ألا تقل مساهمة الدولة في رأسمالها عن عشرة بالمائة.
كما سيتم نقل جميع العقارات والمنشآت والتجهيزات وغيرها التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وتلك الموضوعة رهن إشارته إلى الجماعات الترابية المعنية بخلق تلك الشركات دون جرد أو تصفية لوضعيتها المالية و المحاساباتية وغيرها، والتي سيحدد نص تنظيمي مسطرة جردها وشروط وكيفيات تعويض المكتب عنها، يتم بعد ذلك إبرام عقد تدبير عن طريق الاتفاق المباشر بين الجماعات الترابية المعنية والشركة الجهوية، حيث ستضع الجماعات الترابية رهن إشارة الشركة جميع المنقولات.
وأضاف المصدر ذاته أن هذا النموذج الذي تقترحه الدولة من خلال مشروع قانون 83.21 هو ببساطة تفويت تدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب و الكهرباء و التطهير السائل الى الخواص، و الذي تؤطره ثلاثة قوانين، ويتعلق الأمر بالقانون رقم 54.05 الخاص بالتدبير المفوض، حيث يعهد من خلاله إلى القطاع الخاص أو العام بتدبير هذه المرافق عبر عقود التدبير المفوض التي تخضع بنودها و موادها للقانون سالف الذكر.
أما القانون الثاني فهو القانون رقم 86.12 الذي تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 46.18 الخاص بالشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، و الذي يؤطر هو الاخر هذه المشروع الذي يدخل في خانة التدبير المفوض، فيما يتعلق الثالث بالقانون 113.14 الخاص بالجماعات الترابية والذي يتطرق إلى شركات التنمية المحلية التي يمكن إحداثها على شكل شركات مساهمة من طرف الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون بين الجماعات أو مجموعة الجماعات الترابية او المساهمة في رأسمالها. والتي لا يمكن أن تقل نسبة مساهمتهم فيها عن نسبة 34 بالمائة، و في جميع الأحوال أن تكون اغلبية رأسمال الشركة في ملك القطاع العام.
وأشار البيان إلى المشاكل التي عرفتها تجربة الدولة في تسيير وتدبير قطاع توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل عبر الخواص، والتي تطرق إليها المجلس الأعلى للحسابات في تقريره عن التدبير المفوض للمرافق العامة، من قبيل اختلالات في التخطيط وفي تحديد الحاجيات، بغياب مخطط مديري يحدد بصفة دقيقة حاجيات المنطقة وسبل تطوير القطاع وإشباع حاجيات المرتفقين، وتلزم المفوض له بتطوير القطاع خلال مدة العقد، ويكون الركيزة الأساسية في تحديد التزامات الأطراف بخصوص الاستثمار وتتنمية القطاع وتحسين وتجويد خدماته.
وضمن الاختلالات أيضا، أشارت الهيئتان إلى ضعف آليات التتبع والمراقبة وقلة الخبرة في الميدان المطلوبة من طرف الإدارة الجماعية من حيث المؤهلات والكفاءات لممارسة مهام التتبع والمراقبة على أحسن وجه، بالإضافة إلى عدم احترام المفوض اليه بنود العقود بسبب عدم احترام دفتر التحملات، و خصوصا في مجال انجاز الاستثمارات، وفرض الشركة المفوض إليها رسوما مادية ليست في متناول شريحة كبيرة من المرتفقين، حيث تتضاعف فواتير الماء والكهرباء بمجرد استلام هذه الشركات لهذا المرفق الحيوي، فضلا عن مشاكل في صناديق الاشغال، حيث تم استعمال هذه المداخيل لأغراض لا تتناسب مع الهدف منها، ناهيك عن التأخير الحاصل بإيداع هذه الأموال حسب الآجال المتعاقد حولها ، و أحيانا يتم إيداع جزء فقط منها، وفق ما ذكره المصدر.
ولتجاوز هذه المعيقات، يضيف البيان، تمت بلورة نموذج جديد المتمثل في شركات التنمية المحلية التي تعتمد على الشراكة بين القطاع العام والخاص عبر خلق شركات مجهولة الاسم يكون للدولة فيها أكثر من نصف رأسمالها في ملكية أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام، وتشكل حصة الجماعات الترابية أكثر من 34 في المائة من رأسمالها، و رغم هذه التجربة الجديدة التي تهدف الى تجاوز معيقات التدبير المفوض ، الا ان هذه التجربة تصطدم هي الأخرى بضعف هيات التتبع و ضعف الخبرة مما يبقي على نفس إشكالات التدبير المفوض.
وقال المصدر ذاته إنه بالرجوع إلى تجربة التدبير المفوض أو التدبير عبر شراكات مع القطاع الخاص، فقد حرص المشرع على خضوع عقود التدبير في جميع هذه الحالات على الدعوة إلى المنافسة بين مكونات القطاع الخاص، مع بعض الاستثناءات فقط والتي لا يمكن اعتبارها في حالتنا هذه. الشيء الذي لم يتم احترامه في هذا القانون الذي أجاز اللجوء إلى الاتفاق المباشر وهو ضرب في مبدأ المنافسة الحرة بين رؤوس الأموال.
كما حرص على تحري الخبرة والإمكانيات المادية عند المفوض له، الشيء الذي لم يتم احترامه، بل إن هذا القانون أجاز للدولة أن تخلق شركات مجهولة الاسم بمبادرة منها دون رصيد معرفي أو خبرة في الميدان، ويسند لها تدبير قطاع حيوي ومهم دون أية منافسة أو تقويم للعملية، حيث من الواضح أن الدولة تستهدف رؤوس الأموال بدل الخبرة والتجربة المطلوبتين علاوة على الإمكانيات المادية.
وسجل البيان حرص مشروع القانون 83.21 على أمرين مهمين، اولهما نقل جميع العقارات والمنقولات والمنشآت وغير ذلك التابعة للمكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب و المخصصة للمرفق إلى الجماعات الترابية المعنية بعقد التدبير قبل تصفية الجانب المحاسباتي و المالي و الجرد و غير ذلك من الأمور، و خصوصا استثمارات المكتب في القطاع ومتأخرات الاستهلاك والاستثمار لدى الجماعات الترابية ووكالات التوزيع والإدارات العمومية وغير ذلك، و التي تشكل أموالا طائلة.
وقال إن ذلك سيثقل كاهل ما تبقى من المكتب في جانب التوزيع والإنتاج، لينعم أصحاب رؤوس الأموال بمجهود وعرق المكتب وأعوانه الذين بذلوا الغالي والنفيس ليصل القطاع إلى هذه المراتب المتقدمة في التدبير والتسيير والنتائج. وسيشكل كل هذا شرعنة للقضاء على المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب، و ما لذلك من تبعات على قطاع الإنتاج، والزج بالبوادي والقرى والحواضر في أزمة مائية غير محسوبة العواقب.
أما الأمر الثاني، بحسب البيان، فيتمثل في نقل الأعوان إلى الشركة على ألا تكون وضعيتهم أقل فائدة من وضعياتهم السابقة، دون الحديث عما راكموه من مكتسبات وحقوق تهم وضعياتهم الأجرية والإدارية والنقابية والاجتماعية وطرق ترقيهم وتحسين أوضاعهم المادية والمعنوية والإدارية، وعن مصيرهم المهني وغير ذلك من الأمور التي تهم الجانب الاجتماعي والتقاعد والتعاضد وغير ذلك، التي يجب التفصيل فيها وتضمينها بمشروع القانون ضمانا للحقوق والمكتسبات.
وعبرت النقابتان عن إيمانهما بأن المكتب هو المؤهل لقيادة أية إعادة هيكلة للتوزيع، لتجربته الطويلة في ذلك ولاحتوائه العديد من وكالات التوزيع التي تم حلها، ويشكل ضمانة استمرارية المرفق وتطويره بدل المراهنة على شركات دون رصيد ميداني او خبرة في المجال.
كما أكدتا على أن إعادة هيكلة قطاع التوزيع عبر الجهات وإن عبر شركات جهوية يجب أن تبقى تحت إشراف المكتب ومضلته مع العمل على إصلاحه وتعزيز حوكمته، وذلك بتطوير أدائه وتقوية تنافسيته وتقوية انفتاحه على العصرنة، والتطور السريع للتكنولوجيات وباعتماد قواعد الحكامة الجيدة وضوابط الشفافية والنزاهة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتقوية وتفعيل آليات الرقابة، وكذا بتمديد صلاحيات هذه الشركات لتتماشى مع الجهوية المتقدمة.
ودعت النقابتان في ختام بيانهما المشترك الحكومة إلى سحب مشروع القانون سالف الذكر من البرلمان وإخضاعه لنقاش عمومي يشارك فيه الجميع، لاتخاذ القرارات المناسبة وغير المستعجلة. كما وجهتا دعوة إلى عموم مستخدمات ومستخدمي المكتب للم الصف والانخراط الواعي والموسع في المعارك المقبلة التي سيتم تسطيرها من طرف النقابتين.
المصدر: العمق المغربي