تعطيل منصة التأشيرات الفرنسية في المغرب .. مظاهر تقنية لممارسات ابتزازية
وضعت سفارة باريس بالرباط المواطنين المغاربة الراغبين في الحصول على تأشيرات الدخول لفرنسا في حالة من “الاضطراب”، بعد إعلانها “التعليق المؤقت” لعمل المنصة الرقمية الرسمية الخاصة بتلقي طلبات التأشيرات.
وتأتي هاته الخطوة في ظل متغيرات عديدة تهم العلاقات بين باريس والرباط، والتي كانت شعلتها الأولى تقليص باريس لعدد المغاربة المستفيدين من التأشيرات إلى النصف سنة 2021؛ وهي الخطوة التي تراجعت عنها باريس قبل أن يتضح فيما بعد أنها مجرد “تمويه”، إذ كشفت آخر البيانات أن فرنسا من أول الدول الرافضة لطلبات المغاربة لتأشيرة “شنغن”.
وتزامنا مع الفترة الصيفية والتي تشهد غالبا تزايدا في طلبات التأشيرات من دول منطقة “شنغن”، وضعت السفارة الفرنسية شروطا محددة لوضع الطلبات؛ منها “التوجه بشكل حضوري لمن تعذر عليه تقديم الطلب عبر المنصة إلى المصالح الفرنسية قبل الفترة المعلقة، أي بين 26 و30 ماي الجاري”.
وقالت السفارة، في تبريراتها وتوضيحاتها للقرار، إنه “يمكن استقبال مقدمي الطلبات اعتبارًا من 29 ماي الجاري، في البلدان التي تقدم فيها الملفات إلى مزود خدمات خارجي معتمد. أما بالنسبة للطلبات التي تعذر تسجيلها على الإنترنيت، فسينبغي على مزود الخدمات المعتمد تقديمها بنفسه؛ وهو ما قد يؤدي إلى تأخير في معالجتها”.
دوافع التبرير التقني
أوردت السفارة أن “القرار جاء لدواع تنظيمية، وتقنية، ورغبة في تحسين معالجة الطلبات”، دون تقديم توضيحات أخرى؛ وهو ما يعتبره عمر المرابط، الخبير السياسي، ونائب عمدة سابق بفرنسا، “مجرد قرار روتيني وتقني، وبعيد عن أن يكون سياسيا، كما أنه يبقى في ظل مدة محددة وهي أربعة أيام”.
وأضاف المرابط، في تصريح لهسبريس، أن “أزمة التأشيرات لبنة من بيت أزمة كبيرة بين الطرفين، ترتبط أساسا بموقف باريس من قضية الصحراء المغربية؛ لأن الرباط كانت تنتظر قرارا فرنسيا مشابها لما قامت به واشنطن ومدريد، ودول أوروبية أخرى”.
وأضاف الخبير السياسي ونائب العمدة السابق بفرنسا أن “الإجراء العقابي الذي اتخذته فرنسا في سنة 2021، بخصوص طلبات التأشيرة الفرنسية من قبل المغاربة، كان بهدف انتخابي، وتم تغييره في زيارة وزيرة الخارجية الأخيرة؛ لكن اتضح فيما بعد أن المشكل ما زال مستمرا”.
ممارسات ابتزازية
حول دوافع استمرار “أزمة الفيزا الفرنسية”، اعتبر المتحدث سالف الذكر أن “فرنسا تأخذها كنقطة ابتزازية ضد المغرب، وتمنع بذلك العديد من المغاربة، أبرزهم رجال الأعمال، من أداء مهامهم ومصالحهم بأراضيها؛ لكن قد يكون هذا القرار سلبيا على فرنسا نفسها، لأن المغاربة سيتخذون وجهات أخرى تشكل منافسة لباريس”.
“فرنسا كانت تعتبر أن الخطاب الملكي الذي أوضح فيه أن الصحراء نظارة المغرب للعالم مجرد تعليق عابر، لكن الوقت برهن العكس”، يتابع المصرح لهسبريس، ثم أكد أن ” الرباط جدية في شروطها، ولن تقبل موقف باريس المتذبذب، خاصة أن المملكة بدأت تمارس سياستها الخارجية دون تبعية وتعبر عن مواقفها بصلابة وتعزز شراكاتها الدولية المتنوعة”.
وخلص المرابط إلى أن “فرنسا ماكرون تعتبر المغرب إلى جانب تركيا أهم الأعداء في الساحة الدولية، بسبب مواقفهما من قضايا الهجرة، ورفضهما للتحول إلى مرتع للمهاجرين الذين ترفضهم باريس، إلى جانب كونهما معا منافسين حقيقين في العمق الإفريقي”.
المصدر: هسبريس