الحوار الاجتماعي بالمغرب مجرد “ديكور” والحكومة أخلت بالتزامات عدة
قال الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي المخارق، إن الحوار الاجتماعي بالمغرب “مجرد ديكور”، والمأسسة التي تتغنى بها الحكومة ووزارة الشغل لن تفيد الأجراء في شيء، ولن تدفع لهم مصاريف الكهرباء والماء وباقي متطلبات الحياة.
وجاء موقف الأمين العام لأقدم نقابة في المغرب خلال مشاركته في الحلقة الأولى من الموسم السادس من برنامج “حوار في العمق“، الذي يقدمه مدير نشر جريدة “العمق” محمد لغروس كل يوم جمعة على الساعة السادسة مساءً.
وردا على سؤال حول سبب امتناع نقابته بمجلس المستشارين عن مساءلة وزي الشغل في جلسة الأسئلة الشفوية، أجاب بالقول: “الوزير اختار موضوع الحوار الاجتماعي، والإخوان في الفريق جلسوا معي من أجل تحضير السؤال، وأخبرتهم لماذا ندخل في لعبة وكأن هناك حوار اجتماعي حقيقي في بلادنا”.
“ملاعبينش”
وأضاف المخارق، انه طلب من فريق الاتحاد بمجلس المستشارين عدم المشاركة في “هذه اللعبة” وطرح سؤال على الوزير، خصوصا وأنه سيجيب بأن الحكومة قامت بمأسسة الحوار الاجتماعي، مضيفا أن خطوة فريق سابقة في تاريخ مجلس المستشارين.
وأوضح الأمين العام لأقدم نقابة بالمملكة، أن هذه الخطوة “كان عندها صدى قوي في قبة البرلمان، بأننا ملاعبينش ولن ندخل في لعبة سئل فأجاب، وهذا نوع من الاحتجاج القوي الذي خاضه الاتحاد المغربي للشغل”.
وأردف المسؤول النقابي بقوله: “من يتغنون بمأسسة الحوار الاجتماعي، أريد أن أطرح عليهم سؤالا هل هذه المأسسة سيدفع بها الأجراء مصاريف التمدرس لأبنائهم أو العلاج أو المحروقات .. المأسسة ليست غاية بل هي وسيلة”.
وبحسب المخارق، فإن الحكومة أخبرتهم بأنه سيكون هناك اجتماع لمرتين في السنة مع النقابات، مرة في شتنبر، خلال التحضير لقانون المالية، من أجل مناقشة الإجراءات الضريبية، خصوصا الضريبة على الأجور المرتفعة، أو خفض الضريبة على القيمة المضافة.
أما المناسبة الثانية، يضيف المتحدث، فهي دورة أبريل، حيث قال “لا نريد أن نكون ديكور، ويأتي رئيس الحكومة، والوزراء ومعهم الكاميرات ويلتقطون لنا الصور، ونقول هناك حوار اجتماعي”، واصفا ذلك بأنه “حوار اجتماعي شكلي وللديكور”.
فاتح ماي
أوضح الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن “فاتح ماي لهذه السنة كان استثنائيا، لأنه أول فاتح ماي بعد 3 سنوات من الأزمة الوبائية التي علقنا فيها مسيراتنا عبر التراب الوطني”، مضيفا: “كنا نأمله أن يكون عيدا للعمل، لكن وللأسف الحكومة دفعتنا لجعله يوما للاحتجاج واستنكار السياسات الحكومية، وعدم التزامها تجاه الطبقة العاملة، وعدم تنفيذ ما تبقى في المحضر الموقع مع رئيس الحكومة”.
وأشار إلى أن فاتح ماي لهذه السنة، كان مطبوعا بالارتفاع المهول للأسعار، واكتواء كل شرائح المجتمع بهذا الارتفاع، مضيفا أنه “لذلك أخذنا كشعار مركزي في كل الجهات، وفي 58 مدينة التي خلّدنا فيها عيد الشغل، أخذنا شعار وهو أوقفوا مسلسل التهاب الأسعار للطبقة العامة والجماهير العشبية”.
التفرج على الغلاء
وأردف أن نقابته قامت بمسيرات عمالية حاشدة، ونددت بالسياسات الحكومية وتجميد الأجور، وبعدم قدرتها على الاستجابة للمطالب العادلة والمشروعة، وأيضا بالموقف الحكومي المتفرج على ارتفاع الأسعار.
وفي رده على سؤال حول إن كان هناك تجاوب من الحكومة مع احتجاجات فاتح ماي، قال المخارق “هذه مناسبة ننزل للشارع ونرفع جهرا شعاراتنا ومطالبنا، فإذا أرادت الحكومة أن تستخلص العبرة فمرحبا، وإن استمرت في الأذان الصماء فلها ذلك والنضال مستمر داخل الاتحاد المغربي للشغل”.
وتابع: “رئيس الحكومة وجه لنا الدعوة لعقد اجتماع ما أصبح يسمى بالحوار الاجتماعي يوم الجمعة 14 أبريل، ذهبنا بنية صادقة من أجل التحاور، وانتزاع الزيادة العامة في الأجور والتخفيض الضريبي على الأجور، وابتكرنا مطلب عظيم أمام التهاب الأسعار طالبنا بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة”.
حكومة مخلة بالالتزامات
طلبنا من رئيس الحكومة، يضيف المسؤول ذاته، أن “يخفض هذه الضريبة كما فعلت مجموعة من دول البحر الأبيض المتوسط وكان آخرها اسبانيا التي ألغت الضريبة على القيمة المضافة في 50 مادة أساسية، لكن لم تكن هناك استجابة، وسلكت الحكومة سلوكا مرفوضا”.
وأوضح، أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اقترح تكوين لجنة ثلاثية تضم أرباب العمل والحركة النقابية والوزراء المعنيين من أجل دراسة هذه المطالب، وأخبرهم بأنها ستبدأ في الاجتماع يوم الاثنين، لكن لم تعقد هذه اللجنة، ولازالو ينتظرون إلى اليوم.
وبحسب زعيم أقدم نقابة بالمغرب، فإن “كان المفروض أن تجتمع هذه اللجنة قبل فاتح ماي لتقدم لنا الحكومة عرضها، لكن لم تجتمع ولم تقدم الحكومة أية عرض، ولم تكلف حتى نفسها عناء استدعائنا الى اجتماع هذه اللجنة”.
واعتبر أن “الحكومة حتى إن كان لديها أزمة وضائقة مالية، فلتخبرنا بذلك، ولكن أخلت بالتزامها وبالتالي دفعنا الى صياغة خطاب لفاتح ماي شديد اللهجة ورفع شعارات قوية وجعلنا من فاتح ماي يوما للاستنكار”.
ابتسامة التوقيع
وبخصوص ابتسامته أثناء التوقيع اتفاق 30 أبريل 2022، قال المخارق “هناك فرق بين العلاقات الإنسانية والنقابية، هل لأن أخنوش رئيس حكومة، ندخل عندو مغوبش”، مضيفا: “نحن لسنا في حلبة صراع، وكاين الصواب والآداب، والعلاقات الانسانية، وعندما كنا داخل القاعة كنت قاسح، لأن المواقف لا مساومة ولا ابتسامة فيها، ولكن رئيس الحكومة استقبلني بابتسامة أمام الباب ومن الطبيعي أن أرد عليه بابتسامة”.
الباطرونا
وفي جوابه على سؤال حول علاقة نقابته بـ”الباطرونا”، أشار المتحدث، إلى أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في حلته الجديدة “تنظيم لأرباب العمل راق إلى حد ما، ومن الطبيعي أن يدافع عن الشريحة الاجتماعية التي يمثلها، كما أنه من الطبيعي أن تكون مصالحنا متناقضة”.
وزاد أنه “عندما نحدثهم عن الزيادة في الأجور يقولون أن تكلفة الإنتاج مرتفعة، وهناك نقط التقاء فيما بيننا، مثل رفع سن التقاعد هم أيضا ضده، ورفع الضريبة عن الأجور يساندوننا فيها ويعتبرونها غالية وأن الدخل سيتحسن للأجراء إذا تم تخفيض الضريبة ولن تستمر مطالب الزيادة في الأجور”.
كما أن هناك نقاط خلاف، حيث يشير المخارق إلى أن “الباطرونا يدافعون عن أرباب العمل ويبحثون عن تقليص تكلفة كتلة الأجور ونحن نقول لا ونرى أن الأجور يجب أن تتلاءم مع غلاء المعيشة ومع الأثمنة الحالية”.
وأكد أن نقطة الخلاف الكبيرة بين الاتحاد المغربي للشغل و”الباطرونا” هي “ما يسمى القانون التنظيمي لحق الإضراب، هم يريدون أن يكبلوا هذا الحق الدستوري بسن قانون يجعل ممارسة حق الاحتجاج مستحيلة بمساطر ملتوية وبالطبع عندما أقول هم معهم الحكومة، ونحن نقول لا لأن الحق الدستوري لا يقنن بل يحمى ويجب أن يمارس بكل أريحية وحماية لهذا الحق الإنساني”.
المصدر: العمق المغربي