علماء فلك يكتشفون للمرة الأولى الأثر الكيميائي للنجوم الفائقة الكتلة اليوم 24
تمكن علماء فلك للمرة الأولى من اكتشاف الأثر الكيميائي للنجوم الفائقة الكتلة التي أضاءت الكون الناشئ بضوء مماثل لما ينبعث من ملايين الشموس، بما يشبه “وحوشا سماوية” في مجرة ظهرت قبل أكثر من عشرة مليارات سنة.
وقالت الأستاذة في علم الفلك لدى جامعة جنيف كورين شاربونيل، في بيان “نعتقد أننا وجدنا أول دليل لوجود هذه النجوم المدهشة”. وهذه النجوم غير العادية جرى تفسيرها حتى الآن من الناحية النظرية فقط.
ويفوق حجم أكبر نجم رصد حتى اليوم ما يزيد قليلا عن حجم 300 شمس، بينما يتخطى حجم النجم الذي ذكر في الدراسة المنشورة في مجلة “أسترونومي أند أستروفيزيكس” كتلة الشمس بـ5 إلى 10 آلاف مرة.
ووضع الفريق الذي تقوده عالمة الفيزياء الفلكية إلى جانب علماء من جامعتي جنيف وبرشلونة ومعهد الفيزياء الفلكية في باريس، نظرية لوجود هذه النجوم الضخمة في العام 2018 بهدف شرح أحد ألغاز علم الفلك، وهو التنوع الكبير في تركيبة النجوم في تجمعات نجمية كروية.
وتضم هذه التجمعات التي عادة ما تكون قديمة جدا ملايين النجوم ضمن مساحة صغيرة. وكشف التقدم المحرز في علم الفلك عن عدد متزايد منها، كنوع من “الحلقة المفقودة” بين النجوم والمجرات الأولى. وتضم مجرة درب التبانة التي تحوي أكثر من مئة مليار نجم، نحو 180 تجمعا نجميا كرويا، على ما ذكر بيان لجامعة جنيف.
ويكمن اللغز في أن عددا كبيرا من النجوم في هذه التجمعات يحتوي على عناصر تتطلب درجات حرارة هائلة لكي يتم إنتاجها، إذ قد تصل الحرارة اللازمة لإنتاج الألمنيوم إلى 70 مليون درجة مئوية. ودرجات الحرارة هذه هي أعلى بكثير من تلك التي تصل إليها النجوم في وسطها والبالغة بين 15 إلى 20 مليون درجة مئوية كحد أقصى، كشمسنا مثلا .
أما الاحتمال الذي اقترحه الباحثون فهو في “تلوث” هذه النجوم بنجم فائق الكتلة ناشئ، لأنه الوحيد القادر على بلوغ درجات حرارة مماثلة. ويرى العلماء أن النجوم الفائقة الكتلة تنشأ عقب تصادمات متتالية تحصل في المساحة الضيقة والكثيفة جدا للتجمع النجمي الكروي.
وتقول شاربونيل لوكالة فرانس برس إن “نوعا من بذور نجوم ستبتلع عددا متزايدا من النجوم، وتصبح مثل مفاعل نووي ضخم يتغذى باستمرار على مواد يقذف منها كمية كبيرة” في التجمع النجمي الكروي. وستغذي هذه المادة النجوم الناشئة في مرحلة تكوينها، بما يتناسب مع “قربها من النجم الفائق الكتلة”.
وبما أن العثور على دليل لإثبات هذه النظرية ضروري، اكتشفه الباحثون في مجرة تعود إلى عصور الكون الأولى هي “جي انزي11” (GNZ11).
وكان أحد زملاء شاربونيل اكتشف هذه المجرة في العام 2015، وهي من بين أبعد المجرات المرصودة إذ تقع على بعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية، وتشكل تاليا إحدى أقدم المجرات التي كانت موجودة بعد 440 مليون سنة من الانفجار العظيم.
وجرى التوصل من خلال رصد هذه البقعة الحمراء التي تم اكتشافها بواسطة تلسكوب “هابل الفضائي”، عبر تلسكوب “جيمس ويب” إلى دليلين رئيسيين يتمثلان في وجود كثافة كبيرة جدا من النجوم وكمية كبيرة من النيتروجين، وهو عنصر لا يمكن تفسير وجوده بهذه النسب إلا من خلال احتراق الهيدروجين بدرجات حرارة قصوى. ولا يمكن لهذه الظاهرة أن تحدث سوى في نجم فائق الكتلة.
أما الآمال في رصد نجم فائق الكتلة يوما ما فضئيلة لأن العلماء يقدرون متوسط العمر المتوقع لنجم فائق الكتلة بحوالى مليوني سنة، وهي فترة قصيرة جدا في الكون.
إلا أنهم يعتقدون أنها قد تظهر في تجمعات نجمية كروية تعود إلى ما قبل ملياري عام، أي إلى فترة ليست ببعيدة نسبيا، وأنها تركت تاليا آثارا ستمكن من توفير معلومات إضافية عنها.