“مسيرة الأعلام”: الاحتلال يستهدف المقدسيين ويحذر من تصريحات غير مسؤولة قد تشعل الأوضاع
شن الاحتلال الإسرائيلي حملة اعتقالات وأصدر العشرات من أوامر الإبعاد عن مدينة القدس، اليوم الثلاثاء، في إطار ما يصفه بـ”الإجراءات الوقائية”، تمهيدا لمسيرة المستوطنين المقررة يوم الخميس المقبل في المدينة المحتلة، في حين تشير تقديرات أجهزة الأمن الإسرائيلية إلى أن إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة في هذا السياق، ليس تهديدا مركزيا أو ملموسا في هذه المرحلة، إلا أنها تستعد لمثل هذه الاحتمالية.
ورفعت أجهزة أمن الاحتلال مستوى التأهب والاستنفار في صفوف قواتها، وسط مخاوف من تصاعد “التحريض على العنف والإرهاب” ما قد يؤدي إلى تصعيد أمني، فيما حذر مسؤولون في أجهزة الاحتلال الأمنية، وزراء في الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير، من “تصريحات غير مسؤولة قد تؤدي إلى إشعال” الوضع الميداني.
واعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي 15 مقدسيا وأصدرت نحو 37 أمر إبعاد عن المدينة المحتلة في إطار استعداداتها لمسيرة المستوطنين التي يحمل خلالها المشاركون العلم الإسرائيلي ويمرون من باب العامود أحد أبواب البلدة القديمة في القدس المحتلة، وعبر البلدة نفسها وصولا إلى حائط البراق.
وزعمت التقارير الإسرائيلية، نقلا عن مصادر أمنية، أن حملة الاعتقالات والإبعاد “طاولت أي مشتبه به تلقت استخبارات الاحتلال معلومات حول نيته القيام بأنشطة معينة في الحرم القدسي والمسجد الأقصى، أو الإخلال بالنظام العام”، وأشارت إلى أن معظم المعتقلين هم من سكان القدس المحتلة.
وفي حين ادعت أجهزة أمن الاحتلال تلقي تحذيرات أو إنذارات من احتمال إقدام فلسطينيين على تنفيذ عمليات على خلفية “مسيرة الأعلام”، أشارت إلى أنه تم إصدار أوامر إبعاد بحق مستوطنين ومتطرفين يهود عن منطقة البلدة القديمة والحرم القدسي، والقدس المحتلة عامة.
ومن المقرر أن يشارك نحو ثلاثة آلاف عنصر من شرطة الاحتلال في تأمين مسيرة المستوطنين التي تنظم سنويا في ذكرى احتلال الشق الشرقي من مدينة القدس وفقا للتقويم العبري، ولمواجهة احتجاجات فلسطينية متوقعة بالتوازي مع مسيرة المستوطنين.
وفي هذا السياق، قال قائد شرطة الاحتلال في القدس، دورون تورجمان، في إحاطة لوسائل الإعلام الإسرائيلية، إن “قرار إقامة المسيرة اتخذه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو”، وكان الأخير قد قال في كلمة خلال اجتماع لحزب الليكود بالكنيست، أمس، إن “مسيرة الأعلام ستقام في موعدها وبمسارها وبشروطها”.
وأوضح تورجمان أنه “في إطار الاستعدادات لأنشطة معادية، تستعد الشرطة لاحتمال إطلاق النار من غزة أو من أي مكان آخر”. وأوضح تورجمان أن “هناك لوائح وصيغ إنذار صوتية منظمة، بما في ذلك مخارج للطوارئ وتعليمات حول كيفية التصرف في مثل هذه الحالة للجمهور”.
وعن إمكانية اقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى وتغيير مسار المسيرة لتمر من الحرم القدسي، قال تورجمان إن “مسرة الأعلام لن تمر في جبل الهيكل (الحرم القدسي) لم يتم الموافقة على ذلك ولن يتم ذلك. في العام الماضي كان هناك من رفعوا الأعلام التي أخفوها تحت ملابسهم وسرعان ما أُخرجوا من هناك”.
وعن مرور المسيرة في أحياء وبلدات القدس المحتلة، قال قائد شرطة الاحتلال في القدس، إن هناك مسيرات وصفها بأنها “أحداث صغيرة” في جبل الزيتون وقرية الطور، وأكد أنه “تمت المصادقة عليها وأنه سيتم تأمينها”، وأوضح أن قوات الاحتلال ستغلق شوارع في القدس المحتلة أمام حركة المرور وسيتم فتحها تدريجيا.
وكانت فصائل فلسطينية طالبت في الأسابيع القليلة الماضية بإلغاء المسيرة، التي تزامنت في الماضي مع اعتداءات من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال في القدس استهدفت الفلسطينيين، في حين أعلنت جماعات يمينية إسرائيلية متطرفة أنها تسعى لحشد 5000 مستوطن لاقتحام الأقصى في اليوم ذاته.
وأعلن 4 وزراء على الأقل في حكومة نتنياهو مشاركتهم في المسيرة، وهم وزراء الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزيرة المواصلات، ميري ريغيف، ووزير ما يسمى بـ”تطوير النقب والجليل”، يتسحاق فاسرلاوف.
ونقل موقع “واللا” عن مسؤول أمني رفيع المستوى، قوله إن حكومة الاحتلال “تواصلت بشكل متكرر مع الأطراف المؤثرة في المنطقة، مفادها أنه لا توجد صلة بين مسيرة الأعلام التي تقام منذ عقود وبين جبل الهيكل (الحرم القدسي)”، وأضاف “يكفي أن يكون هناك تصريح واحد غير ضروري يربط بين جبل الهيكل والحي الإسلامي ومسيرة الأعلام لإشعال الوضع”.
وتابع “يجب على كل من سيشارك في هذه المسيرة التحلي بالمسؤولية والامتناع عن إشعال المنطقة، فهذا غير ضروري وخطير؛ لذلك من المستحسن أن يتجنب وزراء مثل بن غفير وغيره من السياسيين التصريحات المتطرفة. هناك خوف كبير من أن يتم استخدام هذه التصريحات لإشعال المنطقة”.
واعتبر أن “التحريض الواسع على شبكات التواصل الاجتماعي، وربط الحرم القدسي والقدس بالادعاءات الكاذبة عن تغيير الوضع الراهن، يمكن أن يشعل الأوضاع ويؤدي إلى عمليات إرهابية”. وأضاف أن “الأسبوع الأخير مر بشكل هادئ نسبيا في الضفة رغم أن غزة اشتعلت من جراء القصف الجوي (في إشارة إلى العدوان الأخير للاحتلال على غزة)”، واستدرك قائلا: “لكن يخطئ من يعتقد أن خطر العمليات غير قائم” على خلفية “مسيرة الأعلام”.