مبادرة تشريعية تهتم بالسياسة الصناعية
في مبادرة تشريعية تروم مواكبة نقاشات ومخرجات “اليوم الوطني للصناعة”، المنظم أواخر شهر مارس الماضي في مدينة الدار البيضاء، تقدّم الفريق الحركي بمجلس النواب، عبر رئيسه بمعية 7 نواب ونائبات، بـ”مقترح قانون يقضي بإحداث المجلس الوطني للصناعة”.
المذكرة التقديمية لمقترح القانون، الذي تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، وضعت سياقه ضمن “تفاعله مع توصية مؤسسة دستورية ضمن إحالة ذاتية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2017؛ لاسيما مأسسة هيئة قيادية رفيعة المستوى، تشكل أرضية للتشاور والقيادة الإستراتيجيين”، حيث اقترح “إنشاء مجلس وطني للصناعة، بغاية توطيد الإستراتيجية الصناعية وضمان تملُّكها الطبيعي وتنزيلها على أرض الواقع، وتعبئة القطاعات والهيئات الاجتماعية والاقتصادية من القطاعين العام والخاص ذات التأثير القوي على تنفيذ الإستراتيجية الصناعية”.
المبادرة التشريعية تجد أسباب نزولها “تفاعلا، من جهة، مع توصية المؤسسة الدستورية التي تعتبر من أهم مخرجات تقريرها، واعتبارا من جهة أخرى للأهمية التي تكتسيها الصناعة، لكونها قطاعا إستراتيجيا واعدا يساهم بـ 18 في المائة من الناتج الداخلي الخام”، مشددة على “ريادة المغرب في صناعة السيارات والمنظومات الصناعية المرتبطة بها، وكذلك صناعة أجزاء الطائرات، بفضل الإستراتيجيات المتتالية لتنمية القطاع الصناعي خلال العقدين الأخيرين”.
كما استحضرَت المبادرة مضامين “الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في الدورة الأولى من ‘اليوم الوطني للصناعة’، بوصفها خارطة طريق لتطوير المنظومة الصناعية، باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومصدرا لتوفير فرص الشغل، مع التذكير بمضامين النموذج التنموي الجديد في هذا الاتجاه”.
الغاية والوضع القانوني
اقترح “الحركيون” أن يكون المجلس الوطني للصناعة “خاضعاً لوصاية الدولة”، آملين أن يكون “آلية استشارية مهمة لوضع التوجهات الإستراتيجية الكبرى القادرة على خلق دينامية على الصعيدين الوطني والجهوي، وإغناء الحوار بين الفعاليات المعنية”، مؤكدين أنه سيكون وسيلة مؤسساتية لـ”اقتراح الأفكار والبدائل الكفيلة بتجاوز العراقيل والصعوبات وإرساء سياسية وطنية لليقظة في المجال الصناعي، مع استحضار الأثر المتوخى على التنمية وعلى المواطنين على حد سواء”.
المادة الأولى من مقترح القانون عَهدت إلى المجلس في حالة إقراره تحديد “كيفية تأليفه وتنظيمه وصلاحياته وقواعد تسييره والنصوص المتخذة لتطبيقه”؛ كما حددت مقره بالرباط، “وتُحدث عند الضرورة فروع جهوية للمجلس بقرار منه”. “كما يجوز للمجلس بتنسيق مع السلطات المختصة إحداث تمثيليات بالخارج”، وفق نص المقترح ذاته.
ونصت المادة الثانية على أنه “يُعتبر المجلس (في حالة إحداثه) شخصاً اعتباريا من أشخاص القانون العام، ويتمتع بهذه الصفة بكامل الأهلية القانونية وبالاستقلال الإداري والمالي”.
واستنادا إلى “الريادة الإقليمية للمغرب في هذا القطاع، وبناء على التجربة والتراكم، فإن المؤمل هو أن ترتقي الصناعة الوطنية إلى مستوى العالمية، من خلال تنويع الصناعات الوطنية، كالصناعات الغذائية والإلكترونية واللوازم المنزلية والتجهيزات المنزلية والطبية، والمواد الدوائية والأجهزة الفلاحية وغيرها، مع العناية بالصناعة التقليدية التي تشغّل حوالي مليونيْ ونصف مليون صانع وصانعة بالمغرب”، يؤكد النص التقديمي للمقترح الذي علمت هسبريس وضعه وعرضه على مجلس النواب مطلع ماي الجاري.
أبرز المهام والصلاحيات
المادة 3 من المقترح النيابي، الذي جاء في 33 مادة جمعتْها سبعة أبواب، حددت مهام “مجلس الصناعة المقترح”، مع مراعاة الاختصاصات المخولة، بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، للسلطات الحكومية والمؤسسات والهيئات الأخرى المعنية، في “تنفيذ وإدارة التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة في المجال الصناعي”.
ولهذه الغاية أكدت المادة ذاتها أن المجلس سيكون بإمكانه من بين صلاحيات عديدة “إبداء الرأي في ما تُحيله الحكومة والبرلمان، والمؤسسات والهيئات الدستورية، من القضايا ذات الصلة بالقطاع الصناعي؛ وإبداء الرأي في ما تحيله الحكومة والبرلمان، بشأن مشاريع ومقترحات القوانين والقوانين التنظيمية والنصوص التنظيمية، التي يعرضها عليه من أجل ذلك رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين حسب كل حالة، ذات الصلة بالقطاع الصناعي”.
كما يمكن للمجلس وفق المصدر ذاته “اقتراح السياسات والخطط والبرامج المتعلقة بالقطاع الصناعي، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة، وعرضها على الحكومة قصد اعتمادها، ووضع التوجهات الإستراتيجية الكبرى القادرة على خلق دينامية على الصعيدين الوطني والجهوي، واقتراح الآليات العملية الكفيلة لتعزيز تنافسية البلاد”، مع “إعداد دراسات وأبحاث بمبادرة منه، أو بناء على طلب من الحكومة، بشأن كل مسألة تهم القطاع الصناعي”.
وفضلا عن “إعداد برامج عمل سنوية ومتعددة السنوات بخصوص الإستراتيجية الصناعية وضمان تنزيلها على أرض الواقع وتتبعها وتقييمها؛ يمكن للمجلس، بمبادرة منه، أو بطلب من الحكومة، أن يقترح على هذه الأخيرة مشاريع نصوص تشريعية أو تنظيمية لها علاقة بمجال اختصاصه”، وفق المقترح المذكور.
تركيبة المجلس، وفق المادة الثامنة، تتكون إلى جانب “الرئيس الذي يعيّن وفق التشريع الجاري به العمل، من أعضاء يراعى في تعيينهم السعي إلى تحقيق المناصفة بين الرجال والنساء طبقا للدستور، ويُوزّعون على 3 فئات: الخبراء والمتخصصون 25 عضوا، وفئة الأعضاء المُعيَّنين من 10 أعضاء، وفئة الأعضاء المنتخبين من 15 عضوا يتم انتخابهم من قبل جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالمجال الصناعي والفاعلين الاقتصاديين والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمنظمات غير الحكومية”.
وكانت الدورة الأولى من “اليوم الوطني للصناعة” التأمت بمشاركة رئيس الحكومة، ووزراء، وممثلي القطاع الخاص الملتئمين ضمن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، مع دعوة ملكية صريحة إلى “تعزيز الإنتاج المحلي” في مختلف قطاعات وفروع الصناعة بشكل يرتقي بالمملكة إلى مستوى “ولوج عهد صناعي جديد يتخذ من مفهوم السيادة هدفا ووسيلة”.
المصدر: هسبريس