أهمية التوعية بمخاطر المخدرات على الفرد والمجتمع
إن الله تبارك وتعالى ما من خيرٍ إلا أمر به، وما من شر إلا حذر منه، ومن الشرور العظيمة كل مسكر؛ وكل مفتر؛ وكل مخدر؛ وإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التمر يتخذ منه الخمر، وعن الذرة وعن حبوب أخرى يتخذ منها الخمر؛ قال: “كل مسكر حرام”، وقال صلى الله عليه وسلم: “وما أسكر قليله فكثيره حرام”، وقال في حديث له آخر: “وكل مسكر ومفتر حرام…”، والمسكر هو ما غطى العقل وأزاله، والمفتر هو ما فتر الأعضاء وأدخل عليها الرخاوة والكسل، وغيَّر طبيعة الإنسان.
إن الشخص المتعاطي للمخدرات يكون عبئا وخطرا على نفسه وعلى أسرته ومجتمعه، وعلى الأخلاق والإنتاج، وعلى الأمن ومصالح الدولة وعلى المجتمع ككل، بل لها أخطار بالغة أيضا في التأثير على كيان الدولة السياسي.
إن أضرار المخدرات لا يقتصر على الفرد المدمن فقط بل إنه يؤثر على المجتمع من جميع الجوانب اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، فهو يؤثر على الأمن القومي للبلاد بشكل عام، وغيرها من المشاكل المختلفة التي تحدث حال وقوع أبناء المجتمع في طريق الإدمان على المخدرات. لهذا السبب، فإن الدولة مطالبة أن تبذل الكثير من الجهد للحد من هذا التأثير، والعمل على إيجاد مجتمع خال من الإدمان.
تتسبب المخدرات في العديد من المخاطر والأضرار على الصحة الجسدية والعقلية والنفسية للمدمنين، وإن المتعاطي يعتقد أن تناول المادة المخدرة سوف يجعله في حالة نفسية جيدة طوال الوقت، وهذا غير صحيح، حيث أن هذا يسبب العديد من المخاطر النفسية والاضطرابات، والتي يمكن أن تصل إلى الانتحار في الكثير من الأحيان.
كذلك فإن تأثير المخدرات لا يقتصر على الفرد فقط بل إن له العديد من التأثيرات على المجتمع أيضا، وتتمثل هذه التأثيرات في زيادة جرائم العنف بين الأفراد في المجتمع، بين السرقة والاغتصاب والقتل وغيرها من الجرائم التي يقوم بها المتعاطي دون وعي. إلى جانب زيادة الحوادث وذلك بسبب عدم القدرة على التركيز وتأثير هذه المادة المخدرة على العقل، فإن هذا يكون سببا في حدوث العديد من الحوادث. وكذلك تؤثر على الحالة الاقتصادية للبلد، ذلك لأن الدولة تنفق العديد من الأموال في مكافحة جميع حالات الإدمان وبناء مراكز متخصصة للعلاج، إضافة إلى التوعية التي تقوم بها الدولة للوقاية من هذا الإدمان، إلى جانب الانهيار الأخلاقي في المجتمع وذلك بسبب سوء الرقابة على الشباب، وانتشار السلوكيات الإجرامية في المجتمع، مع انتشار الأمراض المعدية، وهذا يحدث بسبب تبادل الحقن خلال التعاطي، ومن ضمن هذه الأمراض: الإيدز وفيروس سي وغيرها من الأمراض المعدية الخطيرة.
وبسبب المخدرات، تنتشر السرقات ويكثر السطو، ويختل الأمن وتروّع النفوس، وتشل حركة الفرد، ويقلّ إنتاجه، فتتفاقم على وليه الأعباء وتتضاعف الأحمال، ويعم الفقر، وتتمزق الأسر، وتتشتت العلاقات وتنقطع الصلات.
إن نشر التوعية في المجتمع بالمخاطر التي يمكن أن تنتج عن تناول المواد المخدرة يكون سببا في التقليل من حالات الإدمان؛ وإن التوعية أولى خطوات العلاج لهذه الآفة الخطيرة، مع الاستخدام الجيد لوسائل الإعلام، والإعلان عن أماكن وهواتف مراكز العلاج، والحذر كل الحذر من الإعلام الخطأ. فمثلا، الأفلام والمسلسلات التي تُظهر تاجر المخدرات على أنه يعيش حياته كملك يمتلك كل الإمكانات، وهو يتمتع بما لذ وطاب، ويعيش في سعادة غامرة، ولا يقدر أحد أن يقف في طريقه، فمثل هذه الأفلام والمسلسلات هي في الحقيقة تعتبر دعاية جيدة للمخدرات. ولقد أضحت حرب تهريب المخدرات وترويجها بين الناسِ من أخطرِ أنواعِ الحروب المعاصرة التي تواجهها الدول بكل ما أوتيت من قوة، ورغم تلك المجهودات ما زالت في التوسع والانتشار.
فعلى الآباء والمربين أن يتنبهوا لهذه الأسباب، ويحاولوا أن يجدوا لها علاجا، ومن ذلك إحياء الرقابة الذاتية في قلوب الناسِ عامة، وغرسها في أفئدة الناشئة خاصة، وتسليحهم بالإيمان بالله، والخوف منه سبحانه وتقريرهم بنعمه؛ ليحمدوه ويشكروه، ولابد من تكثيف التوعية بخطر المسكرات والمخدرات على الدين والأخلاقِ، ونشر الوعيِ بأضرارها على العقول، وبيان شدّة فتكها بالأجساد، وملء أوقات الشباب بما ينفعهم وينفع مجتمعهم، فإنه لا أفسد للعقول من الفراغِ، والنفوس لا بد أن تشغل بالطاعات، وإلا شغلت بالمعاصي.
إن المبتلين بالمخدرات مرضى يحتاجون إلى الرعاية والعلاج، وغرقى يتشوّقون إلى المساعدة والإنقاذ، ومن ثم فلابد من فتحِ القلوب لهم ومدّ جسور المحبة إليهم؛ بكلمة طيبة ونصيحة مخلصة، ومعاملة حسنة وعلاقة حميمة، وأساليب منوعة وطرق مختلفة، يمزج فيها بين الترغيب والترهيب، ويقرن فيها الثواب بالعقاب حتى نصل بهم إلى بر الأمان والإقلاع التام عن هذه الآفة الخطيرة.