الموريتانيون يصوتون في انتخابات تشريعية تشكل اختبارا قبل عام من الرئاسية
أدلى الموريتانيون بأصواتهم السبت لاختيار 176 نائبا وأعضاء 15 مجلسا محليا و238 مجلسا بلديا في اقتراع ثلاثي يشكل اختبارا للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية.
وهذه أول انتخابات تجرى في عهد الغزواني الذي تولى رئاسة هذا البلد الشاسع الواقع في غرب إفريقيا في 2019 ويعتبر أحد البلدان المستقرة القليلة في منطقة الساحل التي تهزها هجمات الجماعات الجهادية.
بدأت أبواب مراكز الاقتراع في الإغلاق في الساعة السابعة مساء (محلي وغرينتش) لكن بعضها ظل مفتوحا لفترة للسماح لجميع الناخبين الذين وصلوا قبل وقت الإغلاق مباشرة بالإدلاء بأصواتهم، حسب ما أشار صحافي في وكالة فرانس برس. ثم بدأ عد الأصوات.
ويفترض أن تجرى دورة ثانية في 27 أيار/مايو لنصف مقاعد المجلس البالغ عددها 176 مقعدا نظرا لوجود نظامين انتخابيين تبعا لأنواع الدوائر.
يتنافس 25 حزبا في الانتخابات التشريعية. ويبدو حزب الأغلبية الرئاسية “الإنصاف” في موقع جيد لتصدر النتائج علما أنه الوحيد الذي قدم مرشحين في جميع الدوائر لا سيما في المناطق الريفية.
ورأى آدم هيليلي المحلل في المجموعة الاستشارية الأمريكية المتخصصة بإفريقيا “14 نورث ستراتيجيز” أن حزب الإنصاف “سيحقق أغلبية في كل الانتخابات، وسيعزز الرئيس الغزواني فرص إعادة انتخابه في 2024”.
حرص الغزواني (66 عاما) الذي يعد من أكبر مهندسي نجاح موريتانيا في مواجهة التيار الجهادي منذ 2011 عندما كان قائدا للجيش، على الامتناع عن الحديث عن إمكانية ترشحه لولاية ثانية، لكن ذلك يبدو مؤكدا في موريتانيا.
وقال الغزواني بعد الإدلاء بصوته صباحا في نواكشوط “السياسيون قالوا كلمتهم في الحملة الانتخابية، واليوم سيقول المواطن كلمته… وفرت له الظروف ليقولها بحرية وشفافية”.
وفي مواجهة “الإنصاف”، يسعى حزب “التواصل الإسلامي” إلى ترسيخ مكانته على رأس المعارضة في الجمعية الوطنية حيث ينافسه على هذه القيادة حزب “الصواب” ذو الميول القومية العربية الذي يستفيد من تحالفه مع الناشط المناهض للعبودية بيرام ولد الداه ولد عبيدي الذي حل ثانيا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
أما الأحزاب الأخرى فهي غائبة عن جزء كبير من الناخبين ولا يمكن أن تشكل تهديدا للحزب الحاكم الذي كان يتمتع بأغلبية مريحة في البرلمان المنتهية ولايته. ويعتمد الرؤساء الموريتانيون دائما على الأغلبية القوية في المجلس منذ إدخال نظام التعددية الحزبية في 1991.
وقال عبد القادر برار رئيس المركز الثالث للاقتراع في ملعب نواكشوط الأولمبي في وسط العاصمة عند فتح مراكز الاقتراع صباحا إن “كل شيء جاهز وصناديق الاقتراع مختومة”، وأمر بالسماح بدخول “أوائل الناخبين”.
ووضعت أوراق الاقتراع ولوائح الناخبين والحبر المستخدم لوضع البصمة أمامه بحضور اثنين من مساعديه.
وقال محمد ولد الشيخ (30 عاما) الذي يعمل في التعدين، لفرانس برس إن “حس الواجب هو ما دفعني إلى القدوم. من واجبنا المساهمة في تطوير الديمقراطية، فالتنمية والسلام مرتبطان بها”.
أما الطالب الخضر أمين (18 عاما) الذي يدلي بصوته للمرة الأولى فأكد أنه “يلبي واجب المساعدة في فتح فرص جديدة للشباب”.
ومن الأمور الجديدة في هذا الاقتراع وجود لائحة لاختيار مرشحين شباب تقل أعمارهم عن 35 عاما سيخصص للفائزين منهم 11 مقعدا في الجمعية الوطنية.
وفي نواكشوط وخلال الحملة الانتخابية التي بدأت في 27 نيسان/أبريل، نصبت خيام كبيرة اكتظت بالحضور في المساء لحضور خطب ناشطين وحفلات موسيقية ورقصات تقليدية.
وقال الخبير الاقتصادي محمد ولد شنان (60 عاما) لفرانس برس إن “حزب الرئيس وسياسته الاجتماعية ومشروعه الاقتصادي لموريتانيا هي مصدر فخر لنا ونحن لذلك ندعمه”.
كانت الأجواء مختلفة في حي دار النعيم الشعبي الذي يؤمن بفرص المعارضة.
وأوضح المدرس أمادو مامادو (35 عاما) “أنا أدعم بيرام بطل الكفاح من أجل تحرير السود”، مؤكدا أن “كلامه وحيويته والتزامه أمور تناسبني”.
وبيرام ولد الداه ولد عبيدي معارض تاريخي يقوم بحملات من أجل أحفاد العبيد وهم مجتمع ينتمي إليه في بلد يتسم بتنوع سكاني بين العرب وأحفاد العبيد ومجموعات متحدرة من إفريقيا جنوب الصحراء.
وفي جنوب نواكشوط معقل إسلاميي حزب “التواصل”، سادت آمال في الفوز وفي تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل صارم. وقال التاجر إبراهيم ولد السالك (28 عاما) إن ذلك “سيؤدي إلى الثراء ويعيد الأمل للبلاد”.
جرت الحملة في أجواء سلمية، فقد أدى حوار بين المعارضة والحكومة مطلع العام الجاري إلى توافق بشأن تنظيم الانتخابات.
وقال الرئيس الموريتاني في رسالة عشية انطلاق الحملة “هذه هي أول انتخابات تجرى في مناخ من التوافق العام بين جميع القوى السياسية في البلاد، مشيدا بسجل سنواته الأربع في السلطة.
وبعد التباطؤ الاقتصادي بسبب جائحة كوفيد ثم الحرب في أوكرانيا، وضع الغزواني مكافحة الفقر بين أولوياته. وقد نفذ برنامجا اجتماعيا طموحا تضمن توزيع المواد الغذائية والنقدية على الفئات الأكثر فقرا.
والتوقعات الاقتصادية جيدة لكن البلاد تشهد تضخما قدر بـ9,5% في 2022، حسب البنك الدولي. لذلك يشكل ارتفاع تكاليف المعيشة أحد الاهتمامات الرئيسية للناخبين.
وستعلن النتائج الرسمية للانتخابات الرسمية بعد 48 ساعة على انتهاء التصويت.