التضخم وارتفاع الأسعار يؤثران على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة
اعتبر تقرير صادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية عاملان يؤثران على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمغاربة.
وذكر المجلس، في تقريره السنوي لسنة 2022، بأن تداعيات الجائحة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا تقتصر على الآثار السلبية المباشرة الناجمة عن الإغلاق الشامل للاقتصاد الوطني خلال فترة الحجر الصحي، بل كان لها آثار سلبية على قدرة المواطنات والمواطنين على الولوج لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية على المديين المتوسط والبعيد.
وأشار التقرير إلى أن هذا الأمر يؤشر عليه الارتفاع الكبير لمعدل التضخم الذي بلغ %6.6 عند نهاية دجنبر 2022، مضيفا أن موجة التضخم القياسي الذي تعيشه البلاد، والذي انتقل من %0.2 في 2019 كأضعف معدل خلال أكثر من نصف قرن، إلى %0.7 في 2020 ثم إلى %1.4 في 2021 وصولا إلى %6.6 في 2022، تتميز بالطابع المركب لأسبابها.
وبالإضافة إلى الارتفاع المسجل على مستوى أسعار المواد المحلية، فسجل المجلس أن أسعار المواد المستوردة ساهمت في رفع معدل التضخم بحوالي %79.9، وذلك بسبب تظافر مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية.
فعلى مستوى العوامل الخارجية، فاعتبر مجلس بوعياش أن الحرب الأوكرانية الروسية أدت إلى تقلبات كبيرة في أسعار المواد الطاقية والزراعية، مشيرا إلى أنه رغم تمكن الحكومة من ضمان استمرار تزويد السوق الوطنية بالمواد النفطية، فإنها لم تتمكن مع ذلك من التحكم في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تأثرت منظومة الأسعار بالمغرب سنة 2022 باستمرار الارتباك على مستوى سلاسل التوريد العالمية وما نتج عنه من ارتفاع غير مسبوق في كلفة نقل السلع على المستوى العالمي، مضيفا أنه وبالنظر إلى أن الاقتصاد الوطني شديد الاندماج في الاقتصاد العالمي ومنفتح بشكل كبير على التجارة الدولية، استيرادا وتصديرا، فإنه يبقى معرضا للتقلبات الجيوقتصادية الدولية بشكل كبير.
أما فيما يتعلق بالعوامل الداخلية، فأكد المجلس أن سنة 2022 لم تكن سنة جافة فحسب، بل إنها تميزت كذلك بظهور الأثر التراكمي لسنوات الجفاف المتعاقبة، وقد تجلى ذلك بالأساس في التراجع الكبير في المواد المائية بكل أصنافها، وهو ما أثر بشكل كبير على القطاع الفلاحي، سواء فيما يتعلق بتراجع قدرته على التشغيل أو من خلال مساهمته في ارتفاع نسبة التضخم بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية ذات الأصل الزراعي المحلي.
وشدد مجلس بوعياش على أن موجة التضخم التي عرفتها سنة 2022 كان لها تأثير كبير على التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لفئات واسعة من المواطنات والمواطنين، وخاصة الفئات الفقيرة والهشة التي لاتزال لم تتعافى بعد من آثار جائحة كوفيد19.
ويمكن رصد الآثار السلبية للتضخم على المستوى المعيشي للمغاربة من خلال بعض المؤشرات الدالة، حسب التقرير ذاته، من قبيل مؤشر القدرة على الادخار الذي تراجع بشكل كبير خلال سنة 2022، حيث تراجعت نسبة القادرين على الادخار إلى %32، أي أن أكثر من ثلثي المغاربة كانوا عاجزين عن الادخار في هذه الظرفية.
وفي قراءته لتطورات العوامل الداخلية والخارجية للتضخم، أبرز المجلس أن الموجة الحالية قد لا تنتهي في الأمد القريب، ومن المحتمل أن تتحول إلى معطى هيكلي في الاقتصاد العالمي، ولذلك يرى المجلس أن مواجهة الآثار السلبية للتضخم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ينبغي أن تعتمد مقاربة تزاوج بين الإجراءات والتدابير الآنية المستعجلة التي تروم إعادة التوازن إلى أسعار المواد الأساسية والخدمات الحيوية للمواطنين من جهة، والتدابير الاستباقية التي تستهدف التأثير في العوامل المؤدية إلى التضخم من جهة ثانية.
ودعا المجلس إلى الاعتماد على الذات عبر توجيه النموذج الفلاحي المعتمد لتحقيق الاكتفاء الذاتي بما يسمح بضمان الأمن الغذائي واستقرار أسعار الغذاء والخدمات الأساسية، كما يرى أن الوعي بالتداخل الكبير بين إشكالية التضخم وبين مختلف السياسات الاجتماعية، خاصة التعليم والصحة وضمان خدمات عمومية، سيساهم بشكل كبير في رفع القدرة الشرائية للمواطنين، و يدعو إلى استعجال إخراج منظومة الاستهداف إلى حيز الوجود مع العمل على تحيينها بشكل دوري.
كما أكد المجلس على ضرورة تفعيل الآليات المؤسساتية المناط بها تنظيم مراقبة منظومة تسويق السلع والخدمات ومحاربة جميع أشكال الاحتكار والمضاربة وغيرها من الممارسات المنافية للقانون وإعمال آليات مناهضة الإفلات من العقاب، داعيا بالخصوص إلى الإسراع بإخراج النصوص التنظيمية التي ستمكن مجلس المنافسة من الاضطلاع بمهامه في هذا المجال.
المصدر: العمق المغربي