التظاهرات الاحتجاجية بالمغرب تتراجع في سنة 2022 مقارنة مع عام 2021
سجل مَنحى الفعل الاحتجاجي في المغرب تراجعا ملموسا خلال سنة 2022، مقارنة مع سنة 2021، على الرغم من أن هذه الأخيرة شهدت استمرار سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية والإجراءات الاحترازية لمكافحة جائحة فيروس كورونا.
وأفادت المعطيات الواردة في التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، برسم سنة 2022، بأن عدد التظاهرات بالفضاء العام التي نُظمت في المغرب خلال السنة الفارطة بلغ 11 ألفا و874 تظاهرة، اتسمت في معظمها بطابع السلمية.
وفي سنة 2021، بلغ عدد التجمعات والتظاهرات السلمية، حسب ما ورد في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان للسنة ذاتها، استنادا إلى معطيات وزارة الداخلية، 12 ألفا و471 تجمعا، شارك فيها 669 ألفا و416 شخصا.
وفي سنة 2020، التي شهدت ذروة انتشار جائحة فيروس كورونا، شهد المغرب تنظيم 8844 تجمعا احتجاجيا، شارك فيها 394 ألفا و22 شخصا.
ولا يزال التعاطي الأمني مع التجمعات السلمية في الفضاء العام يثير حفيظة المجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ فقد دعت هذه الهيئة الحقوقية الرسمية، في تقرير جديد، إلى مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالتجمعات العمومية والتنصيص على إخضاع عملية استعمال القوة لمراقبة النيابة العامة لتوسيع مجال إعمالها بما يضمن بشكل صريح حماية كافة المدافعين عن حقوق الإنسان.
وذكر المجلس أنه، على الرغم من استمرار سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية طيلة سنة 2022، لم يسجّل حالات دالة لتقييد ممارسة الحريات، خاصة الحق في التظاهر السلمي، بالاستناد إلى مقتضيات مرسوم الطوارئ الصحية، حسب ما جاء في التقرير.
وعلى الرغم من تسجيل المجلس بأن الفضاء العمومية لم يتأثر بالتدابير الاستثنائية لحالة الطوارئ الصحية مقارنة مع سنتي 2020 و2021، فإن “استمرار مجموعة من الإشكالات التي تؤثر في ممارسة الحريات العامة في الفضاء العمومي، بشقّيه الواقع والافتراضي على حد سواء”.
ومن الإشكالات التي وقف عندها المجلس متابعة بعض الأشخاص أو إدانتهم بعقوبات سالبة للحرية على خلفية نشرهم مضامين معينة على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرا أن هذا الأمر “يؤشر على استمرار الإشكاليات التي يواجهها المجتمع المغربي، مؤسسات ومواطنين، في تدبير إكراهات الانزياح المتسارع للفضاء العمومي من العالم الواقعي إلى العالم الافتراضي”.
من جهة ثانية، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن دينامية إنشاء جمعيات المجتمع المدني ما زالت متواصلة، حيث وصل عددها في سنة 2022 إلى 259 ألف جمعية، تتوزع على كل جهات المملكة وتشتغل في كل المجالات.
وبالرغم من أن الجمعيات تعتمد في أغلب أنشطتها على نظام التصريح عوض الترخيص، فإن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سجل بعض التحديات التي تحول دون تطوّر الفعل الجمعوي.
واللافت للانتباه هو أنه في الوقت الذي يشتكي فيه عدد من الجمعيات من حرمانها من وصولات الإيداع والحرمان من استعمال القاعات العمومية لتنظيم أنشطتها وتتهم السلطة الوصية بأنها “تحارب الجمعيات المزعجة للدولة”، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن التحديات الإدارية التي تواجهها الجمعيات مرتبطة بـ”الممارسات الصادرة عن بعض الموظفين الإداريين”.
في هذا الإطار، أوصى المجلس بإطلاق مسلسل للمشاورات بين مختلف الفاعلين المدنيين والمؤسساتيين من أجل مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالجمعيات، وخاصة منها المتعلقة بمسطرة التأسيس والتجديد والتمويل والاستفادة من القاعات العمومية لتنظيم الأنشطة.
ويروم المجلس، من توصيته بمراجعة المقتضيات المذكورة، تعزيز ممارسة حرية الجمعيات وعمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان وتوسيع الفضاء المدني، انسجاما مع مقتضيات الدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
المصدر: هسبريس