اخبار السودان

قرع الطبول يطرب الفلول! السودانية , اخبار السودان

بثينة تروس

قرع الطبول يطرب الفلول!

بثينة تروس

يبدأ هذا المقال بخلاصته، أوقفوا هذي الحرب اللعينة، بأي وسيلة تتاح، أنقذوا الوطن من تدويلها، إنها حرب بين جنرالين كلاهما صنيعة الحركة الإسلامية، يتعاركان حول السلطة والثروة، ومعركتهما لا تخص الشعب السوداني في شي. فهو شعب مسالم، سمح، مصابر على بلواء حكامه الأقزام منذ خروج المستعمر، قدم ثورةً نموذجاً يحتذى في الثورات السلمية، بالرغم من بطش اللجنة الأمنية، والجيش، والدعم السريع، التي حصدت بنادقهم، ورشاشاتهم، وقانصاتهم، ومدفعياتهم الثقيلة، والغازات المسيلة للدموع، وخراطيم المياه المعبأة بالسموم، أرواح بنيه، من جيل الشباب، ما بين المجازر، والاعتقالات، والاغتصابات، ثم لم يحيدوا عن شعار ثورة ديسمبر السلمية.. وضرب أسر هؤلاء الشهداء ألوان أخرى من بطولات السلمية، واتباع القانون في المطالبة بالعدالة، والصبر على الجهاز العدلي والمؤسسة القضائية المعطوبة. لذلك الدعم السريع ينحل، ولكي يعود الجيش (المؤدلج) للثكنات، يكون خلف شعبه، وليس أمامه، لابد أن ينحل كذلك لنحظ بجيش قومي وطني.

فها هو الإسلام السياسي يستخدم مجدداً أسلحة المكر، والدهاء، مسترخصاً أرواح أبناء الشعب، باستنهاض همته في الفتك بمزيد من الضحايا لخدمة لجنته الأمنية، التي خرج دعاتها من الإخوان، والحركات المسلحة الانقلابية، وإرهابي الفانتازيا الدينية، يهددونهم بإشعال الحرب في فيديوهات موثقة، تحت سمع وبصر البرهان والجيش.. جميعهم يتعامون عن حقيقة هذه الحرب الكارثية الدامية، والتي ما هي إلا امتداد لحروبات اشتعلت منذ أن استولت الحركة الإسلامية على السلطة، لتأكل في بني الوطن.. هي حرب بدأت في الخرطوم، ثم عادت إلى الخرطوم.. بدأت فيها عندما شهدت شوارع العاصمة عربات الجيش بقيادته الإخوانية ذات اللحى! تتبارى في خدمة أجندة التنظيم الإخواني، تطارد طلبة المدارس في الأزقة والحواري، وطرقات المدارس، تحملهم قسراً إلى معسكرات الدفاع الشعبي والجهاد، تقايضهم استلام شهادات إكمال دراستهم وتوظيفهم، مقابل التجنيد الإجباري، فلما قضوا نحبهم في تلك الحروب الجهادية العبثية، عوضت أسرهم أكفان، وجوالات سكر، وعمرة للحجاز، واستعراض لأسماء الضحايا في برنامج ساحات الفداء، بعد أن نسجت حول موتهم القصص الموحاة من أوهام وخيال الهوس الديني.. ثم فوق ذلك منعت هؤلاء الأسر من قيام المآتم على أبنائهم حتى لا يؤثر ذلك سلباً على الروح المعنوية واستبدلتها بأعراس الشهيد التي يرقص على قرع طبولها الرئيس، والوالي، وعلماء السلطان، إمعاناً في حرق حشى الأمهات.. وبالمقابل لم يشهد الشعب سرادق أعراس الشهيد على عتبات دور الحكام.

لابد من إقرار حقيقة ألا وهي أن هذه الحرب لم يقم بها الجيش من أجل كرامة الشعب السوداني، ومكانته بين الشعوب، أو لمنع نهب موارده من الذهب، وثروته الحيوانية، وبيع أراضيه، أو من أجل حمايته من حاويات المخدرات ومافيا مخدر (الآيس) والفساد، أو هي اشتعلت لصد غازٍ من خارج البلاد، كما أنها ليست من أجل استرداد حلايب أو شلاتين، أو على أقل تقدير من أجل حماية المواطنين من سواطير وسكاكين عصابات تسعة طويلة! بل هي حرب بين جنرالين اختلفا حول السلطة (المسروق).. حرب تتفطر لها الأكباد، وقد أعلن صافرة بدايتها الفلول (هنالك كتائب ظل كاملة يعرفونها تدافع عن هذا النظام إذا اقتضى الأمر التضحية بالروح)، ودق طبولها رجال الدين الذين امتثلوا لفتوى رجل الدين الفاسد الشيخ عبد الحي يوسف، الذي لم تشبعه مذابح فتواه بقتل الثلث من الشعب السوداني إبان ثورة ديسمبر، فعاد يمني نفسه بأن يشهد الدماء بركاً تغطي أرض البلاد، فدعا لقتل قيادات الأحزاب، ومن توافق على الإطاري منهم.. وتبارى المهووسون في نشر هذه الفتنة، فدعا أحدهم الى اغتيال أعضاء قوى الحرية والتغيير، ورفعت الحركة الإسلامية عقيرتها في تكفير وتخوين من نوع آخر، فكل من تحدث عن خلل الجيش والمنظومة العسكرية هو عديم الوطنية، مأجور وخائن، وعميل.. فهؤلاء المهوسون الدينيون يستهويهم جميعاً قرع طبول الحرب ويستلذون بموت الشعب وسلامة أسره وأبنائه، ولا يعنيهم موت صغار الجنود والعساكر، الذين تآمر عليهم الدعم السريع والجيش الدعم السريع في مذابح اليمن، وليبيا حيث أكلت جثثهم الصقور وتعفنت في الصحراء أو الاقتتال الداخلي في دارفور وجبال النوبة، وجنوب كردفان والنيل الأزرق. الجنود المساكين الذين يلقون حتفهم في المعارك التي لا ناقة لهم ولا للبلاد فيها ولا جمل، أو يموتون قهراً في بيوت الضباط يخدمون أسرهم وزوجاتهم! وما هذا بتاريخ بعيد. وهاهم اليوم يشعلون أتون النيران ولا يريدون للحرب أن تنطفئ.

تأجيج نيران الحرب، واستطالة أمدها، وعرقلة جهود التفاوض لإخمادها، يدق طبوله بإزاء الإسلاميين وعلماء السلطان، أناس يعون أن (الجمرة تحرق الواطيها) فهم آمنون ينفخون جمرها من خلف شاشات الكيبورد، أو هم منساقون بضلالٍ واهنٍ قديم. وبالمقابل، والحرب تدخل في اسبوعها الثالث، فإن الذين يطئون على جمرها الحي، ويتجمّرون كالذهب من لهيبها ونيرانها، سودانيون يمدون العون لبعضهم البعض يطببون جرحاهم، يأوون اللاجئين، يتقاسمون فتات الطعام، يمسحون دموع بعضهم البعض، يتراحمون فيما بينهم، ويعلمون أنه لا يحل مشكلة السودان إلا السودانيون أنفسهم، ويترجون الجنرالين (الأرعنين) بوقف الحرب.. فهؤلاء أقوام لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لأنهم يعلمون أن الكوز كائن متحول ينبغي الحذر والتحوط منه، ومن مكائده، وعدم الانسياق وراء فتنه التي لا تبقي ولا تذر، ولسوف يقومون من تحت أنقاض الحرب ورمادها كطائر عنقاء يدهشون الإنسانية مجدداً..

[email protected]

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *