مداخلات الأغلبية توصي بجعل الفلاح في صلب منظومة إرساء السيادة الغذائية
تفاعلت أحزاب الأغلبية المشكلة للائتلاف الحكومي مع كلمة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، مسجلة بإيجابية كبيرة التدابير الأخيرة المتخذة من لدن الحكومة مع تثمين المنجزات المحققة في إطار مخطط المغرب الأخضر، قبل أن توصي بجعل الفلاح وتمويله ودعمه في صلب السياسة الوطنية لإرساء السيادة والأمن الغذائيين.
محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، أبرز أن انعقاد جلسة المساءلة الشهرية المقررة دستوريا حول موضوع “الرؤية الحكومية لإرساء منظومة وطنية للسيادة الغذائية” يجعل من هذه المساءلة اليوم ذات “راهنية حاسمة؛ لأن ما يعيشه المغرب وكل دول العالم من أزمة معقدة متعددة أبان هشاشة النظُم الغذائية في العالم بأسره بشكل لم يُفلِت منه أي بلد”.
وأضاف غيات، في كلمة باسم فريق الأحرار، أن “هذا الجيل الجديد من التحديات العابرة للقارات، نظرا لترابط سلسلة القيمة العالمية، يسائل الجميع، حكومات ومنظمات دولية، عن أنجع السُبل لابتكار مُخططات فلاحية باستعمال أمثل للموارد الطبيعية المتوفرة من أجل أمن غذائي وسِلم اجتماعي ضروري للاستقرار السياسي لكل الدول”.
ولم يفوّت المتحدث ذاته “تسجيل عدد من الملاحظات المنهجية”؛ أولاها أن “تحقيق الأمن الغذائي في هذا السياق الصعب يعني الأمن والسيادة الوطنية وكذلك الحفاظ على استقلالية القرار الوطني”، قبل أن ينتقد ما وصفه بجعل “السيادة الغذائية مجالا للمزايدات السياسوِية”، مؤكدا أنها “ليْست عواطف ولا شعارات حماسية”.
رئيس فريق “النواب التجمعيين” زاد شارحا: “السيادة الغذائية هي مجهود وطني آني وبعيد المدى؛ وهو تمكين المواطن من الإحساس بالثقة في مؤسسات الدولة الضامنة لحقوقه الأساسية في الغذاء، وأن هذه الحقوق مضمونة ومُحصنة بسياسات عمومية ومخططات ذات بعد استراتيجي”.
وتابع غيات معتبرا أن “تحقيق السيادة الغذائية لبلدنا ماشي نُزهة، بل معاناة يومية في عالم مليء بالتحديات والمنافسة الشرسة في الأسواق العالمية، تتطلب يقظة مستمرة من أجل تعزيز التحالفات والشراكات والتموقع وفق المصلحة العليا للدولة المغربية”. كما أن السياسات الفلاحية في المغرب ظلت على الدوام محركا أساسيا للتنمية الاقتصاديةالاجتماعية، ما مكن المغرب من مواجهة التضخم الغذائي الذي يجتاح العالم بأسره والذي أضر بدول معروفة بصلابة اقتصادها”.
ولفت إلى أن “مخطط المغرب الأخضر مكن المغرب (وبدون تطبيل) من إقلاع فلاحي حقيقي؛ وذلك من خلال تحسين ثلاثة عناصر أساسية: الإنتاجية والمهنية والتنافسية”، قبل أن يقدم مؤشرات للاستئناس مفادها أن “الإنتاج الوطني الفلاحي تضاعف مرتين، والصادرات تضاعفت مرتين ونصف؛ فيما 2 مليار متر مكعب من الماء تم اقتصادها وتثمينها”.
وخلص غيات إلى أنه “لكي لا تتكرر هذه الأزمة التي تضرر منها المواطن البسيط”، فإن بداية الإصلاح هي الاعتناء بأهم عنصر في هذا المشروع الوطني الكبير، أي الفلاح واعتباره إنسانا فاعلا ومنتجا”، مُحييا “صمود الفلاح المغربي القوي في وجه هذه الأزمة”.
“الفلاح المغربي تلزمه ثلاثة أمور أساسية: الأرض والماء والتمويل”، هكذا اقترح فريق نواب “الأحرار” على رئيس الحكومة التعامل خلال استراتيجية “الجيل الأخضر”، خاتما بالقول: “بدون تمويل مكاينش إنتاج، ولا يُعقل أن نظامنا البنكي بكل قوته وصلابته يبقى بعيدا عن القطاع، بشكل سَمَح للوسطاء والمضاربين الذين حلوا مكان البنوك في التمويل الفلاحي وبالتالي التحكم في الأثمنة في الأسواق”، مشددا على “هيكلة مسالك التوزيع بمنظومة قانونية لمحاربة المضاربات، وعصرنة فضاءات البيع من أسواق تقليدية المدرة لمدخول الفلاح الصغير وأسواق الجملة التي تعرف تجاوزات غير مقبولة”.
من جانبه، أكد فريق الأصالة والمعاصرة، عبر مداخلتيْن، على أهمية موضوع السيادة الغذائية مؤكدا أنه ينطوي على “أهمية كبرى لجميع فئات المجتمع المغربي”، لافتا إلى أن “مشكل السيادة الغذائية سيظل مستمرا على المدييْن المتوسط والبعيد وفق عدد من التقارير الدولية المتعلقة بالأمن الغذائي، التي أكدت أن المغاربة سيعانون بنسبة 36 في المائة من انعدام الأمن الغذائي (40 في المائة في القرى و30 في المائة بالمدن).
وتساءل الفريق ذاته عن جدوى ونجاعة تدابير وسياسات الحكومات السابقة، منتقدة “عدم استحضارها للأوضاع التي أفضت بنا إلى ما نحن عليه اليوم …”، مؤكدا أننا “ندفع ثمن فشل سياسات غير استباقية”.
“في إطار مهامنا الدستورية، سنساهم بمقترحاتنا لتجويد عمل الحكومة لتخفيف حدة الأوضاع القائمة”، أكدت البرلمانية قلوب فيطح عن حزب الأصالة المعاصرة، داعية إلى “دعم جهود مكافحة التضخم عن طريق تحسين الإنتاج”.
في مداخلة ثانية، ذهب فريق “البام” بمجلس النواب إلى تثمين الإجراءات الحكومية المتخذة في الأشهر القليلة الماضية، قائلا: “نُحيي الحكومة على إجراءات وتدابير اتخذتها بكل جرأة وشجاعة، رغم كلفتها المالية؛ منها وقف استيفاء الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة على عدد من المواد الاستهلاكية والمُدْخَلات ذات الصلة بالمجال الفلاحي”.
وسجل الفريق الأغلبي ذاته “تضافر عوامل سياسات عمومية مطبقة مع إكراهات طبيعية موضوعية إلى جانب عوامل خارجية أو مستوردة جعلت البلاد تعاني في ظرفية دولية حساسة”، مؤكدا “ضرورة تسريع الاستراتيجية الوطنية للماء”، وموصيا، من بين نقاط أخرى، بضرورة إعادة النظر في “سياسة تجميع الأراضي” وتعميم التمويل على مختلف فئات الفلاحين، مع معالجة إشكاليات تسويق المنتوج الفلاحي والضرب بقوة على أيدي المضاربين مع توفير الأسمدة بأثمنة مناسبة وتشجيع البحث العلمي لمعالجة إشكالية جودة البذور”.
من جهته، سار الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في اتجاه “تثمين جعل السيادة الغذائية من أولويات العمل الحكومي الراهن”، مؤكدا أننا “نتطلع إلى تعزيز الوطنية الاقتصادية، عبر منح حوافز للابتكار والتشجيع على البحث في قطاعات الصناعة الغذائية من خلال مواصلة سياسات قطاعية طموحة”.
ودعا الفريق ذاته، في كلمته، إلى “ضبط إيقاع الاقتصاد المغربي على إيقاع الانتقال من ثقافة الاستهلاك إلى ثقافة الإنتاج والاعتماد على الاستيراد لضمان الأمن الغذائي وتجنب صدمات التموين من الخارج”، مؤكدا ضرورة “استخلاص العبر والدروس عبر استحضار موجة الغلاء لمعظم المواد الأساسية في رمضان، والأخذ بتوصيات تقرير منظمة “الفاو” لسنة 2022 بخصوص خفض كلفة الأغذية وإعادة التوزيع الميزانياتي في هذا الصدد”.
المصدر: هسبريس