أسرة سودانية تروي قصة نزوحها بعد تمركز «الدعم السريع» جوار منازلهم
اضطرت أسرة سودانية لترك منطقة سكنها بالعاصمة الخرطوم، بعد تمركز قوات الدعم السريع قرب منازلهم، في مشهد تكرر بعدة مناطق، مفضلةً الذهاب شمالاً طلباً للأمن، مع شعور بالقلق على المنزل الذي تركوه خلفهم..
الخرطوم: التغيير
احتجت بصوتٍ عالٍ على وقوف البص لمدة ساعتين داخل محطة «قندهار» بأم درمان في العاصمة السودانية الخرطوم، قلق كبير علا ملامح السيدة الستينية التي توسطت عائلتها الكبيرة التي تشمل بناتها وزوجات أبنائها وأحفادها وحفيداتها في إحدى الرحلات البرية التي تحملها إلى الولاية الشمالية هرباً من حرب الخرطوم.
ويدور قتال عنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي، بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، خلّف مئات القتلى وآلاف الجرحى ودماراً كبيراً في البنية التحتية، فضلاً عن نزوح ولجوء عشرات الآلاف داخلياً وخارجياً، مفاقمةً الظروف الاقتصادية المتردية أصلاً.
فرار من الحرب
كانت السيدة تراقب الشارع بحذرٍ خوفاً من بروز أية مظاهر عسكرية قريبة، فبعد معايشتها للحرب طوال «20» يوماً بدت آثار الإرهاق وقلة النوم ظاهرة حول عينيها من تحت نظارتها الطبية.
لم تستقر في مقعدها إلا بعد أن بدأ البص أخيراً في التحرك نحو الوجهة المطلوبة، وظهر على ملامحها الارتياح وهي تداعب إحدى حفيداتها.
السيدة الستينية وأسرتها، أجبرهم تمركز قوات تتبع للدعم السريع حول منزلهم بحي الدوحة، على الخروج منه بعد أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم.
تخوفوا من قصف الجيش للقوات عبر الطائرات التي لا تكاد تفارق سماء المدينة، فآثروا الإبتعاد عن «ساحة الحرب».
انتقلت مع أسرتها الكبيرة إلى حي الثورة بأم درمان لدى أحد الأقرباء على أمل انتهاء الحرب والعودة لمنزلها.
لكن استمرار الحرب وتمدّدها في أحياء متفرقة من المدينة جعلها تقرر الذهاب إلى مسقط رأسها في إحدى القرى شمالاً.
قالت لـ«التغيير»، إن مكوث قوات الدعم السريع في حيهم بث الرعب في نفوسهم وبدأ الجيران في الانتقال واحداً تلو الآخر.
وأشارت إلى أن القوات التي تمركزت قرب منزلهم في رمضان كانت تطلب منهم السكر والثلج!
وأضافت: «كانوا يستمعون إلى تسجيلات القرآن ونراهم يقرأون المصحف».
قالت ذلك بتعجب، متسائلة عن المفارقات في خوض حرب في شهر رمضان مع إبداء مظاهر تدين!
مخاوف قائمة
وعلى الرغم من تأكيدها أن القوات لم تتعرّض لهم مطلقًا؛ إلا أنها أبدت مخاوفها من أن تحتل منزلهم بعد أن أخلوه!
وروت لـ«التغيير» قصة إحدى جاراتها التي كانت تحضر لهم القهوة وإفطار رمضان يومياً، وبعد مغادرتها لمنزلها قاموا بكسر الباب عنوةً والدخول إليه!
وعلقت: «ليست لديهم عشرة»، وتمتمت ببعض الدعوات لحفظ بيتها.
الرحلة التي تقوم بها السيدة الستينية إلى مسقط رأسها تسعدها فقد غابت عن زيارة الأهل هناك طوال «6» سنوات!
تشغلها حياتها في الخرطوم ورعاية أسرتها الكبيرة عن السفر، مشيرةً إلى أن منزل والدها مازال موجوداً هناك غير أنه مغلق.
لكنها لا تحمل هم السكن هناك، فجميع المنازل مفتوحة لانتظارهم ولديها الكثير من الأقارب أيضاً حسب تعبيرها.
بعد وصولها إلى مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية؛ الرحلة التي استغرقت «8» ساعات مع الانتظار؛ تنتظرها رحلة أخرى إلى قريتها التي تقع في العمق الشمالي وتستغرق حوالي ساعة ونصف.
قصة هذه السيدة وأسرتها، هي واحدة من مئات القصص التي لم ترو بعد عمن تركوا منازلهم بحثاً عن أمنٍ مفقود في مناطق الخرطوم المختلفة، التي أصبحت عبارة عن ثكنات عسكرية ومناطق تمركز للقوات في حرب الجنرالين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان حميدتي التي أودت بحياة كثير من المدنيين ودمرت مرافق حيوية ومنازل كانت آمنة.
المصدر: صحيفة التغيير