فريق طبي مغربي يثبت تأثير الإصابة بـ”كورونا” على اشتغال الجهاز العصبي
أثبت فريق طبي متخصص في طب الإنعاش والتخدير بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة وكلية الطب والصيدلة أن تأثير فيروس “كورونا” يتجاوز الرئتين إلى الجهاز العصبي للمُصاب، مجدّدا الحديث عن متلازمة ما بعد “كورونا”، أو حالات ما بعد “كوفيد19، أو “كوفيد19” طويل الأمد.
في مقال علمي حديث لها نُشر بمجلة “إلسيفيي” (Elsevier) العلمية المصنّفة، أكدت الطبيبة المقيمة منال مربوح، استنادا إلى دراسة حالة رفقة الطاقم الطبي المرافق لها بقسم الإنعاش والتخدير بالمستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة، تحت إشراف البروفيسور إبراهيم حسني، رئيس القسم، أن الإصابة بفيروس “كورونا” يمكن أن تعطّل بعض حواس المُصاب رغم تعافيه بعد فترة طويلة.
وأورد مقال الدكتورة حالة مريضة شابة (26 عاما) لا تمتلك تاريخا مرضيا أو جراحيا، عانت من ضعف الحس الوجهي في الجانب الأيمن من الوجه، بعد مدة من تشخيص إصابتها بفيروس كورونا المستجد، حيث تم إنجاز الفحوصات اللازمة وإجراء مسح للدماغ بالرنين المغناطيسي (IRM) لتتبين إصابتها بالتهاب عصب ثلاثي التوائم، وهو عصب مختلط يحمل أليافا حسية وحركية وظيفته تعصيب العضلات الماضغة تعصيبا حركيا وتعصيب الوجه وجوف الحجاج والحفرة الأنفية والفم تعصيبا حسيا وتسلكه ألياف حركية وإفرازية.
وأدى الالتهاب إلى تعطيل وظائف العصب ثلاثي التوائم، مما أدى إلى خلل عصبي نتج عنه نقص الحس الوجهي نتيجة آليات مباشرة تتمثل في ولوج الفيروس إلى النظام العصبي المركزي عبر مسارات مختلفة مباشرة وغير مباشرة، تكون في الغالب مرتبطة باضطراب المناعة.
وأشار المقال إلى أن المريضة استجابت للعلاج بعد تلقيها دواء كاربامازيبين عبر الوريد، إذ غادرت المستشفى بعد 5 أيام، كما تأكد من خلال متابعة حالتها خلوها من جميع الأعراض بعد 7 أيام دون أن تظهر بعد ذلك، فيما ستخضع لفحص بالرنين المغناطيسي للتأكد من علاجها التام بعد 6 أشهر.
واستشهدت منال مربوح في مقالها بدراسات عالمية أخرى أثبتت أن عدوى “كورونا” تزيد من مخاطر الإصابة بعدد من أمراض المناعة الذاتية، وهي أمراض ناجمة عن فرط نشاط الجهاز المناعي ومهاجمته لخلايا وأنسجة الجسم السليمة عن طريق الخطأ.
وأشارت إلى أنه في الوضع الطبيعي، يهاجم جهاز المناعة الفيروسات والبكتيريا والأجسام الغريبة التي تسبب الأمراض، بحيث يستطيع التفريق بين خلايا الجسم السليمة ومسببات الأمراض، غير أنه في حالة الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، تتغير طريقة عمل الخلايا المناعية وتصبح مستهدفة خلايا الجسم السليمة أيضاً، وقد تستهدف عضوا محددا في الجسم، مثل الحالة موضوع المقال العلمي.
وبشكل عام، أبرز المقال العلمي أنه لوحظ أن الأشخاص الذين يتعافون من “كورونا” لم يعودوا إلى حالتهم الصحية قبل المرض، إذ إنه حتى بعد عدة أشهر من الإصابة بـ”SARSCoV2″، عانى بعض المرضى من أعراض مستمرة مثل الصداع والاضطراب الحسي وضعف التركيز والتدهور المعرفي والاكتئاب، كما أن حوالي 30 في المائة منهم يعانون من مضاعفات عصبية، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 85 في المائة بالنسبة للمتعافين الذين عانوا من الأعراض الحادة للعدوى والذين ولجوا غرف العناية المركزة.
وأكدت كاتبة المقال العلمي أن هنالك حاجة ملحة إلى مزيد من البحث لفهم العلاقة السببية بين الإصابة بفيروس “كورونا” وهذه الأمراض، مشدّدة على أن الدراسات المستقبلية يجب أن تركز على الأمراض المزمنة التي نشأت بعد الإصابة بالعدوى، لاسيما في ظل قلة المؤشرات على أمراض المناعة الذاتية التي يسببها الفيروس.
المصدر: هسبريس