المشاركات الإماراتية في «COP».. حضور فاعل لحماية كوكب الأرض
تمتلك دولة الإمارات مسيرة متميزة في العمل، من أجل البيئة، ترافقت مع تأسيسها في مطلع سبعينات القرن الماضي، وتحرص الإمارات على المشاركة الفاعلة في كل المؤتمرات والفعاليات الساعية للوصول إلى حلول مستدامة تسهم في تجاوز تحديات التغيّر المناخي، وبادرت بإطلاق العديد من الجوائز البيئية الهادفة إلى دعم وتشجيع المبادرات المبتكرة محلياً ودولياً.
وعبر مسيرة نوعية ممتدة، حرصت دولة الإمارات على أن تكون مشاركاً فاعلاً في دورات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP»، لعرض مبادراتها في حماية البيئة ونموذجها الرائد في الاستدامة، والاطلاع على تجارب الدول الأخرى في معالجة القضايا البيئية، وشهدت النسخ الـ10 الأخيرة من المؤتمر حضوراً فاعلاً ومتميزاً للإمارات، حيث شاركت الدولة في دفع وتسريع وتكثيف الجهود العالمية للعمل من أجل المناخ وحماية كوكب الأرض، إلى جانب إطلاق مبادرات رائدة لتعزيز الاستدامة البيئية في العالم.
ومع تصاعد التغيّرات المناخية خلال الأعوام الماضية، يترقب العالم مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP28»، الذي تستضيفه دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في «مدينة إكسبو دبي»، باعتباره دفعة جديدة للجهود العالمية الساعية إلى تنفيذ التعهدات والالتزامات الخاصة بحلول قضايا التغيّر المناخي.
وبدأت المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغيّر المناخي، خلال قمة الأرض، التي عقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1992، وتشكلت عقب هذه القمة الهيئة الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، بهدف السماح للنظام البيئي بتحقيق التنمية المستدامة، وتثبيت غازات الاحتباس الحراري في إطار زمني، ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ عام 1994، وصادق عليها 199 جهة مشاركة من الدول والمنظمات، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
وانطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ «COP1» في مدينة برلين الألمانية عام 1995، وحددت أهدافاً لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتقرر عقد اجتماع سنوي.
وسجلت دولة الإمارات مشاركة فاعلة ومتميزة في مؤتمر «COP27»، الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية العام الماضي، حيث شاركت بوفود متنوّعة يصل عددها إلى أكثر من 70 مؤسسة حكومية وخاصة، وعدد من صانعي السياسات، والمفاوضين، وقادة الأعمال، ومجموعة متنوّعة من قادة العمل النسائي والشبابي ومنظمات المجتمع المدني.
وعملت الوفود المشاركة على توطيد الشراكة الوثيقة بين الإمارات ومصر الشقيقة، ودعم رئاستها لمؤتمر الأطراف «COP27» ومساعيها نحو تحقيق أهداف «اتفاق باريس»، إضافة إلى ربط النتائج والمخرجات بين مؤتمرَي الأطراف «COP27» في شرم الشيخ و«COP28»، الذي تستضيفه دولة الإمارات العام الجاري.
وضمن فعاليات «COP27»، أعلنت الإمارات عن الإطلاق العالمي لتحالف القرم، من أجل المناخ بالشراكة مع جمهورية إندونيسيا، حيث يهدف التحالف إلى دعم وتعزيز وتوسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول القائمة على الطبيعة لمواجهة تحدي تغيّر المناخ، وجهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، حيث تسهم أشجار القرم في تعزيز مواجهة تداعيات التغيّر المناخي، مثل: الأعاصير، والعواصف، والفيضانات، كما تعد مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية، وتوفر مناطق خصبة وموائل طبيعية آمنة للتنوّع البيولوجي البحري.
كما كشفت دولة الإمارات، ضمن مشاركتها في فعاليات «COP27»، عن المسار الوطني للحياد المناخي 2050، الذي يمثل الإطار الزمني لآليات ومراحل تنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية، للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، التي تم الإعلان عنها في أكتوبر 2021.
وحدد المسار سقف الطموح المناخي لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ويستهدف تحقيق خفض بنسبة 18% للانبعاثات، مقارنة بمعدلات الخفض المستهدفة في التقرير المحدث للإسهامات المحددة وطنياً، بموجب «اتفاقية باريس» بحلول 2030، ثم الوصول بنسب الخفض إلى 60% بحلول 2040، والوصول إلى درجة الحياد بحلول 2050.
وخلال مشاركتها في مؤتمر «COP26» في غلاسكو ببريطانيا عام 2021، أعلنت دولة الإمارات خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين، وهي خطة وطنية شاملة تهدف إلى دعم الصناعات المحلية منخفضة الكربون، والإسهام في تحقيق الحياد المناخي، وتعزيز مكانة الدولة مصدراً للهيدروجين، وذلك في إطار ترسيخ توجهات قيادة الإمارات بتعزيز الحلول المستقبلية لتحديات المناخ العالمية.
وتضمنت خارطة طريق تحقيق الريادة في مجال الهيدروجين ثلاثة أهداف أساسية، تتمثل في فتح مصادر جديدة لإيجاد القيمة من خلال تصدير الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته ومنتجاته إلى مناطق الاستيراد الرئيسة، وتعزيز فرص مشتقات الهيدروجين الجديدة بواسطة الفولاذ منخفض الكربون والكيروسين المستدام، إضافة إلى الصناعات الأخرى ذات الأولوية، التي تسهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وعلى هامش فعاليات قمة المناخ «COP26» أيضاً أطلقت الإمارات بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» منصّة عالمية لتسريع نشر مشروعات وحلول الطاقة المتجددة في البلدان النامية، وتعهدت بتقديم 400 مليون دولار من خلال «صندوق أبوظبي للتنمية»، لدعم المنصّة في جمع تمويل لا يقل عن مليار دولار.
وشاركت دولة الإمارات في أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP25» في العاصمة الإسبانية مدريد عام 2019، وضم الوفد في عضويته ما يقارب 90 عضواً يمثلون مجموعة من جهات ومؤسسات القطاعين الحكومي، إضافة إلى 41 شاباً وشابة من عدد من المؤسسات الأكاديمية في الإمارات.
وخلال فعاليات المؤتمر، دعت دولة الإمارات المجتمع الدولي إلى ضرورة تكثيف الاهتمام العالمي بجهود التكيف مع تداعيات التغيّر المناخي، والعمل على نشر التقنيات والحلول المبتكرة الداعمة لآليات تحقيق هذا التكيف.
وشددت دولة الإمارات، خلال مشاركتها في «COP24» في مدينة كاتوفيتشي البولندية عام 2018 على ضرورة تسريع وتيرة الالتزام العالمي ببنود اتفاق باريس للمناخ، والعمل على الحد من مسببات التغيّر المناخي وخفض حدة تداعياته، لحماية حياة ملايين البشر حول العالم من التأثيرات السلبية لظواهر المناخ التي بات العالم يشهد حدتها بكل واضح، ومنها الحرائق المتزايدة والفيضانات وحالات الجفاف.
وأطلقت وزارة التغيّر المناخي والبيئة برنامج تمكين الشباب لأجل المناخ على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP23» في مدينة بون الألمانية عام 2017، حيث عملت حكومة دولة الإمارات على تصميم وإدارة البرنامج بالشراكة مع مختبر الشباب للمناخ، بالتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية المشاركة.
وخلال مشاركتها في مؤتمر «COP22» في مدينة مراكش المغربية عام 2016، أكدت دولة الإمارات على ضرورة الإسراع بترجمة قرارات «مؤتمر باريس للمناخ 2015» إلى برامج ومشروعات عملية تسهم في الحد من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري التي تهدد كوكب الأرض.
وشددت الدولة على أهمية تحويل بنود «اتفاق باريس» إلى أفعال واقعية، ما يستلزم مضاعفة الجهود والتنسيق والتعاون على كل المستويات محلياً وإقليمياً وعالمياً، الأمر الذي يتطلب اعتماد منهجية مرنة تتيح لجميع الدول، خصوصاً النامية منها، اتخاذ إجراءات عاجلة تتماشى مع الأولويات الوطنية، وتراعي الظروف الخاصة بكل دولة.
وشاركت دولة الإمارات بوفد رسمي في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP21»، الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس عام 2015، حيث لاقت المبادرات والمشروعات الرائدة لدولة الإمارات صدى دولياً وجذبت أنظار العالم لمستقبلها الواعد.
وتم خلال مؤتمر «COP21» تبني اتفاق باريس، حيث توصلت الأطراف المشاركة في المؤتمر إلى اتفاق تاريخي لمكافحة تغيّر المناخ وتسريع تكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لمستقبل مستدام ذات انبعاثات منخفضة من الكربون، وتعزيز الاستجابة العالمية بالحد من زيادة درجة حرارة الكوكب لأكثر من 1.5 درجة بحلول 2050، إضافة إلى المطالبة بضرورة مراجعة التعهدات ورفعها وتقديم المساعدات المالية لدول الجنوب.
واستضافت مدينة ليما في بيرو عام 2014 مؤتمر «COP20»، وأصدرت القمة في ختام اجتماعاتها «إعلان ليما»، الذي تضمن تأطيراً دقيقاً للإسه امات الوطنية التي يتوجب على كل بلد التواصل بشأنها في إطار التحضير لاتفاق باريس.
وشاركت دولة الإمارات بوفد رفيع المستوى تقوده وزارة الخارجية والتعاون الدولي في المؤتمر، وأكدت الدولة التزامها بالعمل الجاد والمستمر، من أجل التوصل إلى اتفاقية عالمية فاعلة بشأن تغيّر المناخ، حيث دأبت دولة الإمارات على حثّ كافة الدول وتشجيعها على الانضمام إلى الجهود المبذولة لتخفيف آثار ظاهرة تغير المناخ.
وأكدت دولة الإمارات خلال مؤتمر «COP18»، الذي عقد في قطر عام 2012، مواصلة التزامها بالجهود الدولية الرامية إلى مواجهة تغيّر المناخ، والعمل مع شركائها الإقليميين للتوصل إلى استجابات فاعلة لهذا التحدي العالمي.
واستعرضت دولة الإمارات خلال المؤتمر إنجازاتها في مجال الطاقة المتجددة وسعيها الدؤوب إلى تحقيق وإرساء مفاهيم التنمية المستدامة.
أول حصيلة عالمية
تشهد النسخة المقبلة من مؤتمر «COP28»، الذي تستضيفه دولة الإمارات العام الجاري، أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، ما يتيح محطة مهمة وحاسمة لتوحيد الرؤى والاستجابة للتقارير العلمية، التي تشير إلى ضرورة خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030، للتقدم في تحقيق هدف الحدّ من ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق عتبة الـ1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050. كما يشكل مؤتمر (COP28) نقطة فارقة في مسيرة الجهود العالمية لمواجهة تحديات التغيّر المناخي، وزيادة التمويل، ورفع سقف الطموحات والالتزامات للبلدان تجاه تحويل تحديات المناخ إلى فرص اقتصادية وتنموية مستدامة، تعزّز الإجراءات العالمية بتخفيف تداعيات التغيّرات المناخية.
الإمارات تمتلك مسيرة متميزة، من أجل البيئة، ومشاركة فاعلة في مؤتمرات وفعاليات ساعية إلى حلول مستدامة.
المصدر: الإمارات اليوم