جدل في معرض تونس للكتاب بشأن الرقابة بعد سحب مؤلف ينتقد الرئيس اليوم 24
هل عادت الرقابة في تونس؟ تباينت الآراء، السبت، في معرض تونس الدولي للكتاب غداة سحب مؤلف ينتقد الرئيس قيس سعيد وغلق جناح دار النشر المعنية.
أعاد ناشر كتاب “فرنكنشتاين تونس” الذي يرسم صورة كاريكاتورية لسعيد، فتح جناحه صباحا مؤكدا لوكالة فرانس برس أنه “أزال سوء التفاهم” مع منظمي المعرض.
وكان رجال الأمن قد صادروا، الجمعة، جميع نسخ الكتاب المعروضة وأغلقوا جناح “دار الكتاب” بدعوى “حيازة كتاب غير مصرح به”.
جاء ذلك بعد أقل من ساعة من افتتاح المعرض بحضور الرئيس سعيد الذي شدد في تصريح على أهمية “تحرير الفكر”.
بعد إزالة الغطاء عن منصته التي وضعت عليها لافتة تقول “هذا الجناح مغلق بقرار تعسفي”، تراجع حبيب الزغبي السبت عن اتهاماته بـ”الرقابة”.
وأكد الناشر أن “الكتاب المعني لم يصادر بسبب محتواه بل لأنه لم يكن مدرجا في القائمة التي قدمت في البداية إلى إدارة المعرض كما تنص اللوائح”.
قدم صاحب الكتاب كمال الرياحي مؤلفه باعتباره نصا “سياسيا” يستلهم قصة فرانكشتاين مجسدة في قيس سعيد الذي انتخب في رأيه على خلفية استثماره في غضب وإحباطات شعب خاب أمله من النظام القائم منذ ثورة 2011.
وتراجع الناشر عن “تصريحاته المتسرعة” التي أدلى بها الجمعة، مشددا علتى أن سحب الكتاب “لم يكن رقابة بل مسألة إجرائية”. وأوضح أنه لم يدرج العنوان في قائمته الأولية جراء تأخر طباعته.
وأكد الزغبي أن بعض النسخ “متوافرة في المكتبات في تونس العاصمة”، وأنه ستتم إعادة طبع الكتاب ويعود إلى المعرض قبل اختتامه في 7 ماي.
في الجناح المجاور للناشر “مسكلياني” الذي أغلق الجمعة “تضامنا” مع “دار الكتاب”، لا يزال المدير مقتنعا بأن رفض عرض كتاب بحجة عدم تسجيله مسبقا هي مجرد “ذريعة لفرض الرقابة عليه”.
وقال مرتضى حمزة إن “الكتاب يتتبع ما يحدث لمعارضي الرئيس” الذين يستنكرون “الانحراف الاستبدادي” منذ الإجراءات التي أعلنها في 25 يوليو 2021 وتفرد بموجبها بالحكم.
وأضاف “من غير المعقول أن تفرض في عام 2023 رقابة على الفكرة والكتابة تحت أي ذريعة”.
رغم ذلك، أعاد الناشر فتح منصته السبت “أول يوم حقيقي للمعرض” مع تزاحم الزوار للاستفادة من التخفيضات الكبيرة على الكتب الباهظة عادة.
على منصة الناشر “نيرفانا” المقابلة لمنصة “دار الكتاب”، قلل محمد بنور الذي يعمل منذ أربعة عقود في النشر، من أهمية الجدل حول سحب الكتاب.
وقال بنور إن الالتزام بتقديم قائمة بالكتب المعروضة مسبقا “موجود منذ فترة طويلة” ويعود تاريخه إلى عهد أول رئيس للجمهورية الحبيب بورقيبة (19561987).
وأضاف أن الغاية من تقديم قوائم بالكتب هي تجنب عرض كتب “سلفية وأصولية تروج للإرهاب أو محاربة الدولة المدنية”.
استمر هذا الإجراء في عهد الدكتاتور زين العابدين بن علي الذي أنشأ أيضا لجان رقابة على الأدب والسينما.
كما تواصل العمل به بعد ثورة 2011 وسقوط النظام خوفا من عرض أعمال “تحرض على صنع أسلحة أو متفجرات”، حسب محمد بنور.
وأردف الناشر “هذه القاعدة معروفة وقد قبلها الناشر مثلنا جميعا. لذلك، إما أن نلتزم بها وإما نقرر عدم المشاركة في المعرض كما فعل بعض الناشرين”.
لكن بنور رأى أيضا ضرورة مراجعة هذا الإجراء “بالتشاور بين السلطات الثقافية والناشرين والمكتبات”.
وأقر بأن “فرض القائمة هو شكل من أشكال الرقابة والسيطرة على الكتب المعروضة، وهذا أمر غير طبيعي”.
المصدر: اليوم 24