أساتذة باحثون يطالبون بـ”التريث والتشاور” في الإصلاح البيداغوجي الجامعي
“نُذر توتر” جديد يلوح في أفق التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب، عنوانه هذه المرة “الإصلاح البيداغوجي الجامعي”، بعد تعبير عدد من الفروع الجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي عن “رفض صريح ومعارضة واضحة لمقاربة أفقية ومتسرعة وأحادية الجانب انتهجتها الوزارة في عهد الوزير ميراوي”، وفق تعبيرات متطابقة ضمن بلاغات متفرقة تتوفر هسبريس على نسخ منها.
وحسب فروعها الجهوية بكل من الدار البيضاء ومراكش والشرق، فضلا عن مكاتبها المحلية بعدد من الكليات متعددة التخصصات بمدن مختلفة، لم تُخف النقابة الأكثر تمثيلية في القطاع “رفضها ومعارضتها” للتسرع في مشروع تعديلات النظام البيداغوجي الجامعي الذي عرضه ميراوي مؤخرا، مؤكدة أهمية فتح “نقاش وتقييم شامل” بشأنه.
ومن المرتقب أن تشرع مجالس مؤسسات ورئاسات الجامعات المغربية في إعداد تصوراتها حول “مشروع الإصلاح البيداغوجي”، خاصة في مسالك سلكيْ الإجازة والدكتوراه، تبعا لمضامين المراسلة الوزارية المؤطرة لذلك الصادرة في مستهل شهر أبريل الجاري، إلا أن عددا من شبكات التخصصات والشُّعب الجامعية، فضلا عن هيئات الأساتذة الباحثين ورؤساء الشعب والمسالك، لا ينظرون بعين الرضا إلى مشروع الإصلاح البيداغوجي الجديد.
وحذر الأساتذة الباحثون بأغلب جامعات المملكة مما سمّوْه “مَهْنَنة التعليم العالي وإغراق الإصلاح بمقاربة تقنية تغفل البعد التنموي للمعارف داخل الجامعة”، فيما دعت فروع النقابة الوطنية للتعليم العالي إلى عقد جموع جهوية في الأسبوع المقبل قصد تعميق النقاش حول الموضوع والخروج بتصورات واضحة في انتظار تبني موقف وطني موحد.
الأساتذة الباحثون في كليات ومؤسسات جامعية متعددة لم يتوانوا في التنديد بـ”المنهجية المتّبعة”، منبهين إلى “طبيعة التكوينات المعيبة المقترحة بمحتوياتها المتناقضة”، مع استغرابهم “عدم تحديد الجهة المعنية والمسؤولة عن المشاريع المقترحة”. فيما أجمعت البيانات والبلاغات التي تتوفر هسبريس على نسخة منها على الرفض القاطع لـ”الاستعجال والتفرّد الذي صار سمة تلازم كل مشروع”.
مصدر مطلع على تفاصيل الموضوع أكد لهسبريس أن “الرفض يعد العنوان الأبرز الذي يوحد مواقف المكاتب المحلية والجهوية للنقابة، وكذا شبكات تدريس الرياضيات والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس وعلم الاجتماع، وغيرها، ضد مشروع الهندسة البيداغوجية الجديدة التي أتى بها ميراوي”.
وتابع المصدر ذاته، العضو في النقابة الوطنية للتعليم العالي، بأن “ما قد يروج بخصوص إمكانية عقد لقاء بين قيادة النقابة والوزارة الوصية ليس صحيحا بالمطلق”، مشددا على أن “الطرفين لم يجلسا ضمن لقاء أو حوار منذ شهر أكتوبر الماضي. كما يعتبر النظام الأساسي الجديد للأساتذة الباحثين محور خلاف آخر بين النقابة والوزارة الوصية”.
يأتي هذا في خضم إفادات أدلى بها ميراوي، الإثنين الماضي، في جواب عن سؤال شفوي بمجلس النواب حول “التقييم المرحلي لتدبير القطاع واعتماد سياسة عمومية بشأنه”، مؤكدا أن “المراجعة البيداغوجية تتم بشراكة مع كافة القطاعات الوزارية والمحيط السوسيواقتصادي ومشاركة مختبر البحث العلمي، من أجل إضفاء صيرورة على الإجازات الجديدة، لافتا إلى أن بعض تخصصات الإجازة لم يطرأ عليها أيّ تغيير منذ 20 سنة.
وأعلن الوزير الوصي على القطاع، أمام البرلمانيين، أن “جميع الإجازات ستتغير خلال الدخول الجامعي المقبل”، كاشفا أنه “سيتم الشروع بدءا من الدخول الجامعي القادم في إدماج تدريس الذكاء الاصطناعي ضمن جميع مسالك الإجازة”، مع ضمان “ملاءمة دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة والدفتر الوطني للضوابط العلمية في سلك الدكتوراه”.
يشار إلى أن مقر الوزارة بالرباط شهد يوم الجمعة 14 أبريل 2023 اجتماعا “حاسما” للجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي بالمغرب، كان من أبرز مخرجاته “إصدار رأي إيجابي بشأن مشروع دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية الخاص بسلك الإجازة، وكذا مقترح قرار للضوابط العلمية والبيداغوجية الوطنية لسلك الدكتوراه، ومشروع مرسوم بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.04.89 الصادر في 7 يونيو 2004 بتحديد اختصاص المؤسسات الجامعية وأسلاك الدراسات العليا، وكذا الشهادات الوطنية المطابقة”.
وبعد القرارات الصادرة عن اجتماع اللجنة التنسيقية الوطنية للتعليم العالي، صار في الإمكان أن تتم موافاة الجامعات ورؤساء المؤسسات قريبا بمذكرة تكميلية خاصة بمسطرة وآجال إيداع طلبات اعتماد وتجديد اعتماد مسالك سلكي الإجازة والدكتوراه.
المصدر: هسبريس