«التغيير» ترصد إحدى رحلات النزوح الجماعي من جحيم حرب العاصمة السودانية
داخل سيارة نقل جماعية «شريحة» مثلت لركابها قارب نجاة من جحيم المتقاتلين على السلطة في الخرطوم، وبينما هي في طريقها إلى خارج الخرطوم سادت حالة من الصمت، خوفا من ما سيحدث في نقطة «التفتيش» التي يتواجد بها أحد الأطراف المتقاتلة.
الخرطوم: التغيير: فتح الرحمن حمودة
خلق القتال الدائر في العاصمة الخرطوم منذ 6 أيام، موجة نزوح واسعة لآلاف الفارين إلى الولايات الأخرى، الذين تركوا منازلهم التي تحطم بعضها وسقطت أبوابها ونوافذها جراء الرصاص والأسلحة الثقيلة نازحين نحو مدن وولايات أخرى.
بعضهم حكى عن رحلة النزوح ومعاناتهم والهلع الذي كانوا يعيشونه منذ اندلاع الحرب صبيحة السبت الماضي وسط العاصمة السودانية الخرطوم.
قارب نجاة
داخل سيارة نقل جماعي «شريحة» مثلت لركابها قارب نجاة من جحيم المتقاتلين على السلطة في الخرطوم، وبينما هي في طريقها إلى خارج الخرطوم سادت حالة من الصمت، خوفا من ما سيحدث في نقطة «التفتيش» التي يتواجد بها أحد الأطراف المتقاتلة.
كانت هنالك حالة من الصمت تشير على أن هؤلاء لن ينجوا بسلام، لكن ما أن تجاوزت السيارة النقطة بدأ الجميع يخرجون من صمتهم وكان الحياة عادت لهم، وبدوا الحديث عن ويلات الأيام الـ 5 التي تركوها خلفهم.
حكى شاب عشريني داخل السيارة لم أتعرف على اسمه، فقط كنت أستمع له قائلا: “خرجنا صباح اليوم بعد أن كان الحديث عن هدنة تضمن سلامة المدنيين وإجلائهم من مناطق الصراع والمؤسف كانت هنالك أصوات الأسلحة ترعب القلوب وتبعد الطمأنينة”.
ويقول: “كانت هنالك شوارع خالية من المارة وحتى الحيوانات من شدة الهلع والخوف، وأخرى بها الكثير من الناس الذين يبحثون عن الخروج الآمن”. حديثه قد يكون لخص حال الخرطوم اليوم بعد اندلاع الحرب.
مخاطر الخروج
بينما تقول أمراه ثلاثينية، إنها خرجت وكانت تعلم مخاطر رحلة الخروج ولم يكن لديها خيار سوى البحث عن مكان آمن لها ولأطفالها بعد أن خرجت منذ الصباح الباكر من منطقة شرق النيل إلى أن وصلت موقف جبل أولياء.
نحو 3 ساعات قضتها بين المشي والركوب المتقطع للسيارات حتى وصلت إلى موقف «جبل أولياء» حيث كان ينتظرها زوجها الذي لم يكن يستطيع مغادرة منطقة الكلالكلة حيث يعمل والوصول لهم منذ اندلاع الحرب.
هؤلاء بعض من مئات المواطنين السودانيين الذين يسكنون بالعاصمة الخرطوم واضطروا للفرار منها بعد أن شب الصراع واشتعال النيران بداخلها وحالات من انعدام الأمن والأمان إلى جانب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء وغيرها من سبل العيش.
مشاهد نزوح لا توصف للمغادرين الذين رصدناهم ومنهم من يحمل أطفاله وآخرون نساء وكبار السن فالكثير منهم لا يحمل سوى حقائب صغيرة وآخرين لم يحملوا سوى أطفالهم.
خروج هؤلاء تاركين منازلهم يؤكد على فقدهم للثقة بأن الخرطوم باتت غير صالحة للعيش فيها خصوصا مع أصوات الرصاص وانعدام الأمن والحياة بداخلها والكثير منهم كان يدور بمخيلته متى يتوقف الصراع حتى تصبح العودة ممكنة؟
المصدر: صحيفة التغيير