اخبار المغرب

إصلاح مدونة الاسرة.. رحو يهاجم الفقه الإسلامي والساسي يدعو لاستئناف المشروع النهضوي

اعتبر الباحث المغربي الحسن رحو أن التصور الفقهي لنظام الأسرة والزواج في المغرب وعند الفقهاء يمكن ‘‘مقاربته كما صاغ أحكامه الفقه المسمى إسلاميا بنظام الرق، وفق الطريقة التي صيغة بها أحكامه (الرق) في بعض الأعراف والقوانين الطبقية السابقة عن الإسلام‘‘.

وقال رحو إن الفقه الإسلامي قد صادر النص التوجيهي الأساسي في الإسلام حينما أقصاه لصالح نص بديل، أقل قوة منه، هو السنة، وأحيانا لصالح أعراف تربى عليها هذا الفقه في بيئة مختلفة حتى عن السياق الاجتماعي القريب الذي جاء فيه النص القرآني‘‘.

جاء ذلك في كلمة للباحث الحسن رحو، خلال المحاضرة الافتتاحية، للمؤتمر التمهيدي للدورة القادمة من مؤتمرات الإصلاح القانوني لمدونة الأسرة، والذي نظمته العيادة القانونية بجامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، بالتعاون مع مجلس أوروبا، اليوم الثلاثاء

وأشار رحو إلى أن هناك من الأعراف التي انبنا عليها الفقه، من ‘‘تكرس دونية المرأة وعبوديتها لبعلها‘‘، على ما يحمله هذا اللفظ (البعل) من دلالة تفيد الرب أو الإله، أي رب المرأة وإلهها، حسب قول رحو.

ونوه إلى أن ما وصفه بالوضع الحقوقي المأزوم هو من صنع المسلمين وليس من صنع الإسلام النصي الذي أعطى تصورا راقيا للعلاقات الزوجية كما جاء في آية، هن لباس لكم وأنتم لباسهم لهم.

وقال رحو: ‘‘إن الإسلام الفقهي وبخلاف الإسلام النصي الذي حتى بعد أن ادعى إعمال القاعدة التي وضعها المناطقة والتي بمقتضاها فإن الحكم على الشيء جزء من تصوره، لم يستحي وهو يضع تصورا للزواج وللأسرة لا منطق ولا أخلاق فيه ولا صلة له لا بالمرجعية الإسلامية التي يدعيها‘‘.

واستشهادا منه بما قال، أشار إلى أن الزواج عند الإمام الغزالي، وبالرجوع للجزء الرابع من كتابه ‘‘إحياء علوم الدين‘‘، هو ‘‘نوع من أنواع الرق، وأنه كذلك عند المالكية المغاربة، وفي المحاكم الشرعية ‘‘.

وأوضح أن تعريف ابن ماجة للطلاق، الذي جاء فيه أنه إزالة الملك كالإعتاق، لسوء معاملة الملك لما ملكة يمينه، مسقط إياه على التطليق القضائي، والطلاق بالخلع يقابله المكاتبة في نظام الرق، ليتطابق بذلك مداخل ومخارج نظام الرق مع مداخل الزواج في الإسلام الفقهي. وفق تعبير المتحدث.

وقال إن ‘‘المشرع ما دام قد احتفظ بنفس الأحكام التي أنتجها التصور والفلسفة المذكورين فإنه لا يمكن القول بأن هناك ثورة وقعت ، فلا ثورة وقعت كما توهم البعض ولا الترقيعات التي حصلت في 1991 و 2004 قد أفلحت في تغيير الحال‘‘.

واستطرد بالقول ‘‘إن التجربة أثبت أن الجوهر هو الذي صمد وأن الرقع قد أفلست، وأن الحاجة المجتمعية ماسة إلى تغيير جدري وشامل لأحكام المدونة الاسرة لا لمجرد ترقيعات لا تقدم ولا تأخر‘‘.

واعتبر المادة 400 من مدونة الأسرة كارثة قانونية لإرجاعها باقي مواد المدونة ‘‘مجرد عناوين للمذهب المالكي‘‘، واعتبر أنها كذلك ‘‘تجر العملين التشريعي والقضائي إلى وضع حقوقي نشاز‘‘.

وشدد المتحدث في ختام مداخلته على ضرورة الالتفات إلى وضع الطائفة اليهودية التي قال، إن المدونة أحالت بشأنها على الفقه العبري المغربي، مؤكدا على ضرورة إزالة ما اسماه الحيف المسكوت عنه الذي طال حوالي 300 ألف من المواطنات اليهوديات المغربيات الخاضعات بنص القانون في المغرب للفقه العبري المغربي المتشدد والإقصائي حسب تعبيره.

من جانبه تقدم الأستاذ الجامعي محمد الساسي بعشرة أسئلة تمهيدية اعتبر أن من شأنها أن تساعد في توجيه المناقشات المتعلقة بمدونة الأسرة وتحديد إطارها، ابتدأها بالاستفسار عن وجود الحق في النقاش من عدمه ليشير إلى ان هناك من يعتبر أن إزالة الولاية ستفضي لفتنة وحرب أهلية.

واعتبر الساسي ضمن كلمته الافتتاحية إلى أن قضية المساواة بين المرأة والرجل التي تؤشر عليها المواثيق الدولية، من المتوقع عدم الوصول إلى ضمانها في الوقت الراهن، وأن التوجه القائم سيسير في اتجاه تحقيقها بشكل مرحلي.

واستفسر الساسي ضمن أسئلته العشر عن كيفية قراءة الكتب السماوية، وعن إمكانية اعتبار كل التفسيرات الواردة في الكتب السماوية أحكام قابلة للتطبيق بشكل حرفي أم أن ما يستخلص منها عموما هو الفضائل الكبرى.

وتساءل حول ما إن كانت كل حالات القصاص الواردة في الكتب السماوية والمقولات والمعاملات هي قواعد صالحة لكل زمان ومكان ومطابقة للحقائق العلمية ومعدة للتفعيل الذي يخترق الزمان والمكان.

واعتبر أن ما يقال بشأن وجود عَلمانين يريدون إفساد التنظيم المجتمعي الداخلي هو أمر منافي للمنطق، على اعتبار أن المؤسسات الدستورية وغيرها المقبول بها هي بطبيعتها تنظيم عَلماني، غير انه لا يراد الإقرار بعَلمانيتها.

وتساءل الساسي عما إن كان بالإمكان قبول مراجعة الأسس المعتمدة في أصول الفقه ليقول أنه، ‘‘ظلت منهجية استخراج الأحكام التي وضعت قبل 12 أو 13 قرنا هي السائدة اليوم، وعوض أن نغيرها، دخلنا في المزايدات حول من منا أشد ارتباط من الآخر بها ورجعنا إلى الوراء بعد بداية نهضة إسلامية تتقبل أفكار الحداثة‘‘.

واعتبر أنه ليس من المفروض هجر الانتماء الإسلامي والتنكر له، وأن الإصلاح الديني المنشود يروم مراجعة منهجيات استخراج الأحكام في قضايا المعاملات، بشكل لا يمنع من التنصيص الدستوري على الانتماء الإسلامي، اسلاما مقاصديا متنورا متسامحا مع العقل والعلم.

واعتبر كذلك أن الإسلام المنشود لن يصنع الآن بل إنه يتعين أولا استئناف المشروع النهضوي الذي كان قد بدأه أعلام من أمثال محمد عبد، ورفعت طهطاوي، وعلال الفاسي، وعبد الرحمان الكواكبي وغيرهم خلال نهاية القرن الثامن عشر.

كما تساءل المتحدث عن إمكانية تعميم المبدأ القاضي بعدم مخالفة النصوص القرآنية القطعية، وأضاف ‘‘نقول لصاحب أطروحة أنه لا يمكن مخالفة النصوص القطعية أن يذهب بها إلى مداها الأبعد ولينظر إلى ماذا سيفضي الأمر إليه‘‘، في إشارة منه ‘‘للداعشية‘‘.

وقال الساسي إن 99% من أسس تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في الدولة الحديثة لا العلم لا تحسم فيها الاحكام والقواعد المنصوص عليها في الكتب السماوية والمتون الدينية.

يذكر أن الجلسة الافتتاحية للمؤتمر والتي كانت سابقة عن المحاضرة عرفت مشاركة كل من  عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فريد الباشا، ورئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب ‘‘Carmen Morte‘‘، ورئيسة العيادة القانونية، إلهام حمدي.

كما أعقبت المحاضرة التمهيدية للمؤتمر، التي أطرها كل من محمد الساسي ولحسن رحو، ورشة عمل للتوعية بمكافحة العنف ضد النساء، ومحاكمة افتراضية لحالة اغتصاب زوجي.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *