حين تسود العدالة..
يسأل المستثمر عن أمرين أساسيين قبل أن يقرر الاستثمار في أي دولة، هما مؤشر الأمن بها، ووضع العدالة فيها، ويأتي بعد ذلك في قائمة الأولويات أمور منها: مناخ الاستثمار، وسهولة الإجراءات، ونمط الحياة وغيرها، لكن يظل الأمن والعدالة بوابة الدخول، فرأس المال جبان، يزدهر وينمو إذا شعر بالأمان ويهرب إذا افتقد ذلك.
ومن هنا لا يمكن أن يكون الحديث بلاغياً أو إنشائياً حين يتعلق بمنظومة القضاء في الإمارات، فنحن العاملين بهذا الحقل لا
نكاد نلتقط أنفاسنا من سرعة وتيرة التطور والتحديث المستمر، بما يتواءم مع مصلحة الدولة، وإدراكها لأهمية تصدر مرتبة عالمية في هذا القطاع المهم.
وفي هذا الصدد يأتي اعتماد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية رئيس المجلس القضائي، لإنشاء هيئة المفوضين في محكمة التمييز في دبي، إذ تمثل خطوة بالغة الأهمية في ترسيخ قيمة القضاء، وتعزيز الثقة في منظومة العدالة.
وبحسب القرار، تختص الهيئة بشكل رئيس بفحص الطعون بالتمييز، والتماس إعادة النظر المرفوعة إلى محكمة التمييز، وعرض الصُلح على أطراف الطعن، وإثبات ترك الخصومة، وغيرها من عوارض الخصومة المؤثرة في استمرار نظر الطعن أو البت فيه، كما تتولى إبداء الرأي القانوني في الطلبات التي تحال إليها من رئيس المحكمة أو رؤساء دوائرها.
وحتى ندرك أهمية الهيئة، يجب في البداية أن نستوعب الدور الرئيس لمحكمة التمييز في منظومة القضاء، فهي المحكمة الأعلى التي تعمل على توحيد تطبيق القانون، والدرجة الأخيرة للتقاضي، فيلوذ بها كل مستجير ملتمس للعدالة دون يأس أو كلل.
وفي ظل هذه المسؤولية الكبيرة، يأتي دور الهيئة لتعطي قوة دافعة أخرى للعدالة من خلال نظر الطعون المنظورة أمام المحكمة، ثم إعداد تقارير بالرأي القانوني فيها، وتقديمها لهيئة المحكمة حتى تبت فيها.
وبقدر أهمية الدقة في تطبيق العدالة، تظل سرعة تحقيقها أمراً بالغ الأهمية، لذا تتربع الدول التي توفر عدالة ناجزة سريعة على رأس قائمة البلدان الأكثر جذباً للاستثمارات، فما فائدة الحصول على الحق بعد ضياع الوقت والجهد ونفاد الصبر، وهذا ما توفره هيئة المفوضين، إذ تختزل وقتاً كبيراً على هيئة محكمة التمييز في البت في الطعون والدعاوى المنظورة أمامها.
ندرك جميعاً أهمية القضاء، فهو الملاذ الأخير والحصن المنيع الذي نلجأ إليه إذا ألم بنا عارض، أو كنا طرفاً في نزاع، بغض النظر عن نوعه وسببه، لكن في حقيقة الأمر يتجاوز دور القضاء ذلك بمراحل، فهو ركن أصيل في كل مناحي حياتنا.
ومهما تحدثنا عن منظومة القضاء في الإمارات لا يمكن أن نوفيها حقها، لكن يمكنك أن تشعر بها كل دقيقة، حين تخرج من بيتك وتمارس عملك، وتتنقل بكل سعادة وأنت مطمئن كلياً إلى أن حقوقك مضمونة ومصونة.
محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
المصدر: الإمارات اليوم