كيف تعتق من النّار في رمضان؟
شهر رمضان هو شهر العِتق من النّار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان، صفّدت الشّياطين ومردة الجنّ وغلّقت أبواب النّار، فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنّة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشرّ أقصر، ولله عتقاء من النّار وذلك كلّ ليلة” أخرجه التّرمذي وابن ماجه.
وقد افتتح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذا الحديث موسم السِّباق إلى الطّاعات، وبشَّر بإزالة المعوقات الّتي تؤدّي إلى المعاصي والزلاّت، فما على الصّائم إلاّ الاستجابة لداعي الله والإقبال على فعل الخيرات والابتعاد عن مواطن المهلكات. ويستمر العِتق من النّار طيلة الشّهر الكريم، ليلاً ونهارًا، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ لله تبارك وتعالى عتقاء في كلّ يوم وليلة، وإنّ لكلّ مسلم في كلّ يوم وليلة دعوة مستجابة” رواه أحمد، وقال صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ لله عزّ وجلّ عند كلّ فطر عتقاء” رواه أحمد.
لقد بشّر النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ مَن صام نهار رمضان وقام ليله إيمانًا واحتسابًا، بغفران ما تقدّم من ذنبه، ومغفرة الذّنوب مدعاة وسبب للعتق من النّار ودخول الجنّة، وهذا هو الفوز العظيم، قال تعالى:{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}، وقال عليه الصّلاة والسّلام: “إذا جاء رمضان، فُتِّحت أبواب الجنَّة، وغلِّقَت أبوابُ النّار، وصفِّدَت الشياطين، ونادى منادٍ: يا باغِي الخير أقبِل، ويا باغي الشر أَقصِر” رواه الخمسة إلاّ أبا داود.
وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “إنّ لِرَبِّكُم في أيام دهركم لنفحات ألاَ فتعرّضُوا لها” متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد، وشهر رمضان من هذه النّفحات الّتي يجب أن نتعرّض لها فلعل أحدنا أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا.
ولقد دلّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أمّته على أعمال إذا قامت بها كانت سببًا لعتق رقابها من النَّار، فما بقي منها إلاّ العمل، منها:
الإخلاص، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لَن يوافي عبد يوم القيامة يقول: لا إله إلاّ الله يبتغي بها وجه الله إلاّ حرَّم الله عليه النّار” رواه البخاري.
إصلاح الصّلاة بإدراك تكبيرة الإحرام، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صلّى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التّكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النّار وبراءة من النّفاق” رواه الترمذي.
المحافظة على صلاتي الفجر والعصر، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “لَن يلج النّار أحد صلَّى قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها يعني الفجر والعصر” رواه مسلم.
المحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعده، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “مَن يحافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرَّمه الله على النّار” رواه أبو داود والنسائي والترمذي.
البكاء من خشية الله تعالى، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “لا يلج النّار رجل بكَى من خشية الله حتّى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنّم في منخري مسلم أبدًا” رواه الترمذي والنسائي.
مشي الخطوات في سبيل الله، عن يزيد بن أبي مريم رضي الله عنه قال: لحقني عباية بن رفاعة بن رافع رضي الله عنه وأنا أمشي إلى الجمعة فقال أبشر فإن خطاك هذه في سبيل الله سمعت أبا عبس يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن أغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النّار” رواه الترمذي وقال حديث حسن.
سماحة الأخلاق، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن كان هيِّنًا ليِّنًا قريبًا حرّمه الله على النّار” رواه الحاكم.
وإحسان تربية البنات أو الأخوات، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “ليس أحد من أمّتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلاّ كُنَّ له سِتْرًا من النّار” رواه البيهقي… نسأله سبحانه وتعالى أن يُعْتِق رقابنا من النّار… آمين.