غياب الرياضة بالبرلمان.. إضعاف لآليات الرقابة أم فهم خاطئ لواقع القطاع؟
تشكل الاسئلة البرلمانية شفوية كانت أو كتابية إحدى أوجه الرقابة المعهودة في النظم الديمقراطية لتجويد سير عمل المؤسسات وتصحيح الإختلالات التي تعتمل داخل الهياكل المسيرة لكل قطاع وتوضيح مسار السياسات الحكومية، بالإضافة المشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق.
وتصطدم هذه الحقوق التي يكفلها الدستور في فصله ال10 والفصل 100 من أجل مراقبة العمل الحكومي بضعف في أداء البرلمان المغربي في مجالات عديدة تشل بسببه إمكانية تطوير بعض القطاعات أكثر منالمساهمة في تطويره رغم الحاجة الملحة لتطوير قطاعات بعينها مما يستوجب بدل مجهود في عدد من القطاعات الحكومية خصوصا تلك التي تهم فئة كبيرة من الشعب.
ظلت الرياضة على الدوام تفتقر إلى نصوص قانونية مؤطرة بالشكل الكافي مما يضع الممارسة أمام فراغ قانوني والمشرع أمام أمر مسكوت عنه سلفا، فهل إستنفد البرلمان كل أليات الرياضة التي يضعها أمامه المشرع ؟ وهل الطريقة التي تحضر بها السياسات الحكومية كافية؟ وما سبل تطوير الرياضة في ظل تراجع أدوار رقابة العمل الحكومي من قبل البرلمان؟.
ضعف برلماني
مدير مرصد العمل الحكومي محمد جدري أكد في تصريح لجريدة “العمق”، “أن الهيكلة الحكومية تشكل عائقا بسبب إلحاق قطاع الرياضة بوزارة التعليم الأولي والتربية الوطنية بدل وزارة الشباب والرياضة وهو ما يشكل مشكلا حقيقيا في الوقت الذي دخل المغرب في أوراش كبيرة في إصلاح التعليم وكذا الحوار مع النقابات الحوار الإجتماعي وبالتالي أصبحت الرياضة لا تحظى بالعناية اللازمة من لدن الوزارة الوصية”.
وأضاف جدري في حديثه لـ”العمق”، “كنا ننتظر أن يعين كاتب دولة مكلف بالرياضة إبان تعين حكومة عزيز أخنوش من أجل تدبير القطاع الرياضي، وهو ما يفسر أن الحكومة لم تعطي الإشعاع الكافي للرياضة”.
وتابع جدري، “الأزمات المتلاحقة التي عشناها خلال السنوات الماضية كورونا والأسعار وإفرازات الحرب الروسية جعل الرياضة أمرا ثانويا بالنسبة للبرلمانين، وبالتالي أصبح كل الإهتمام مرتبط بالحماية الإجتماعية والأسعار والبترول، بالإضافة إلى النجاح الكروي في السنوات الأخيرة جعل الجميع يعتقد على أن الرياضة بخير وأن القطاع ليس في حاجةإلى رقابة”.
وأشار مدير مرصد العمل الحكومي، “لحدود اليوم ليست لنا سياسة رياضية حقيقية بإستثناء الأحداث الرياضية والمحطات الكبرى المرتبطة برهان المغرب على تنظيم تظاهرات دولية، مشيرا إلى أن البرلمان لا يلعب دوره كاملا في كل ما يتعلق بتتبع السياسات العمومية المتعلقة بالرياضة وطرح الأسئلة الحقيقية عل الوزارة الوصية”.
البرلمان والتقييم
تشير المعطيات التي يقدمها الموقع الرسمي للبرلمان المغربي إلى تقديم ما مجموعه 40 سؤال شفوي خلال الولاية الحكومية الحالية منها 9 أسئلة سنة 2023، و49 سؤال كتابي منها 6 أسئلة خلال سنة 2023.
وتطرح حصيلة رؤساء الأندية في البرلمان علامات استفهام كثيرة كلما تعلق الأمر بتقييم الحصيلة التشريعية سواء فيما يتعلق بالإنتاج التشريعي من جهة او الرقابة البرلمانية للعمل الحكومي من جهة أخرى، حتى أن هناك من قضى ولاية تشريعية بصفر سؤال.
وتكشف عملية استقراءا المعطيات التي يقدمها الموقع الرسمي لموقع مجلس النواب عن حصيلة عمل عدد من النواب البرلمانيين الذين يشغلون في نفس الوقت مهمة داخل مكاتب تسيير الرياضة أو رؤساء للأندية عن حصيلة كارثية “صفرية” لأغلب الرؤساء فيما يتعلق بالأسئلة التي تهم قضايا المواطنين والوطن.
ومادام تقييم عمل البرلماني غير محصور في الأسئلة الشفوية و الكتابية فقط بل في حضوره وتتبعه للسياسات وتجويد المقترحات والقوانين داخل اللجان، فإن المعطيات التي كشفت عنها مصادر “العمق” تشير إلى أن الحصيلة لا تختلف في شيء عن حصيلة الأسئلة الكتابية.
دستور 2011
ينص الدستور المغربي في فصله الـ10 على أنه، يضمن للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية، ويضمن الدستور، بصفة خاصة، للمعارضة الحقوق التالية، حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وحيزا زمنيا في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها، الاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون.
ويضمن الفصل الـ10، المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لا سيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان، والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لا سيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المترشحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية.
وينص الفصل 100 من دستور المملكة المغربية، على أنه تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة وتُدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها، وتُقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة.
المصدر: العمق المغربي