من يريد “قتل” منتجي الذرة؟
تدرس وزارة الفلاحة والتنمية الريفية اتخاذ مجموعة من الإجراءات لدعم منتجي الذرة العلفية في ولايات الجنوب، حسب ما كشف عنه عضو في الغرفة الوطنية للفلاحة، منها إمكانية تسويق الذرة العلفية عبر الديوان الوطني للحبوب والبقول الجافة.
قال عضو الغرفة الوطنية للفلاحة ومستثمر فلاحي من المنيعة، تهامي بوزيد: “علمت من وزارة الفلاحة يوم 2 أفريل 2023 أن وزير الفلاحة سيتخذ قرارات لحل مشكلات شعبة إنتاج الذرة العلفية”. وأضاف المتحدث “بعد التقارير التي وجهها منتجو الذرة العلفية في عدة ولايات بالجنوب، منها المنيعة، حول هذا المشكل، قامت وزارة الفلاحة بتقييم ودراسة الموقف.
وتكمن المشكلة الآن في وجود وسطاء يسيطرون على بيع هذه الذرة ويحتكر بعضهم المنتج الاستراتيجي، ومن الأفضل التوصل إلى طريقة يسهل عبرها وصول هذه الأعلاف من المنتجين إلى مربي الأبقار”. واشتكى منتجو الذرة العلفية من مشكلة تسويق المنتج الاستراتيجي الذي تعول عليه وزارة الفلاحة ضمن برنامج التخلص من التبعية للخارج في مجال استيراد الأعلاف من الخارج، وهذا بسبب تراجع الطلب.
وقال خميستي إبراهيم، صاحب مستثمرة فلاحية متخصصة في إنتاج الذرة العلفية في حاسي القارة بالمنيعة: “في السابق كان بعض التجار المتخصصين في بيع الأعلاف وتوزيعها يأتون إلى المنيعة ومناطق زراعة الذرة في بعض ولايات الجنوب من أجل شراء الذرة العلفية وإعادة بيعها في باقي ولايات الوطن وأيضا كان بعض كبار مربي الأبقار يأتون لشراء الذرة العلفية أيضا، لكن منذ عدة أشهر تراجع إقبال المشترين على هذه الأعلاف، والسبب، كما برر لنا عد كبير من الزبائن، هو أن شراء الأعلاف بالنسبة لمربي الأبقار الكبار يعتمد بنسبة كبيرة على إعانة الدولة الموجهة لمنتجي الحليب”. وأضاف خميستي: “هذه المشكلة ليست موجودة فقط في المنيعة، بل في عدة ولايات أبرزها أدرار وتيميمون، ورغم لجوء بعض الفلاحين إلى تخفيض الأسعار إلا أن الإقبال مازال ضعيفا، ما يكبد المنتجين خسائر رهيبة”.
“خيرات ربي” عرضة للتلف
وأشار أصحاب مزارع كبيرة مخصصة حصرا لإنتاج الذرة العلفية إلى أن كميات ضخمة من هذا المنتج الاستراتيجي مازالت عرضة للتلف في مساحات شاسعة في انتظار التسويق. وأكد المعنيون أنهم توجهوا بشكاوى إلى وزارة الفلاحة عبر عدة قنوات وهم في انتظار الرد.
وتحدث هؤلاء عن احتمال وقوع كارثة في حال تأخر تسويق هذه الكميات من الأعلاف التي يتم جنيها بطرق تقنية خاصة ثم تغلف ويتم تسويقها إلى مربي الأبقار وأصحاب مزارع تسمين العجول وحتى بعض كبار مربي المواشي. وأشار أصحاب الشأن إلى أن المشكلة التي يعاني منها منتجو الذرة العلفية تتعلق، كما يقولون، بتأخر صب الأموال المخصصة لدعم إنتاج الحليب الطازج لصالح مربي الأبقار، وهو ما ترتب عنه، كما يقولون، عدم الإقبال على شراء الذرة العلفية المنتجة على نطاق واسع في المنيعة.
وناشد أصحاب الشأن وزير الفلاحة التدخل من أجل حل المشكلة التي يعاني منها العشرات من كبار فلاحي ولاية المنيعة. وقد أبدى أصحاب مزارع الذرة في هذه الولاية النموذجية في قطاع الفلاحة مخاوفهم من احتمال إحجام الفلاحين عن زراعة هذا المنتج الاستراتيجي ونحن على أبواب حملة البذر القادمة، وهو ما سيؤدي إلى مشكلات كبيرة لشعبة إنتاج الحليب في الجزائر، وهذا بسبب أن الفلاحين تراكمت على عاتقهم ديون يحتاجون إلى تسديدها قبل اقتناء البذور والأسمدة، وكل هذا يرتبط ببيع المحصول المكدس الآن.
من جهته قال عسال بلخير، مربي أبقار من غرداية: “المشكلة لا تتعلق بتأخر ضخ أموال الإعانة الموجهة لمنتجي الحليب على مستوى وزارة الفلاحة أو الجهاز الخاص بالعملية، بل بالإجراءات المقررة لتسديد المبالغ المالية التي يرى مربو الأبقار أنها تؤدي إلى تأخير تسديد المستحقات المالية الخاصة بدعم منتجي الحليب في كل مرة”.
وقال مصدر من مديرية الفلاحة بولاية المنيعة “إن المشكلة ستجد في وقت قريب طريقها إلى الحل وإن وزارة الفلاحة قررت التحرك منذ عدة أيام وهي تتابع باهتمام كبير الوضعية”. وأضاف المصدر: “إن المشكلة بالأساس تتعلق بوجود وسطاء يتحكمون في بيع الذرة العلفية وهم من تسببوا في المشكلة الحالية”.
ويصل الإنتاج السنوي من الذرة العلفي في ولاية المنيعة إلى أكثر من 150 ألف طن تزرع على مساحة تتوسع سنة بعد أخرى في مزارع كبيرة تعتمد الري المحوري في المحيطات الفلاحية الكبرى كحاسي غانم وحاسي القارة وحاسي لفحفل والمنيعة، التي تتميز بكونها غنية بالموارد المائية، حيث تم استغلال مساحة إجمالية قوامها 4.900 هكتار مسقية بتقنية الرش المحوري لهذه الشعبة الفلاحية.