اخبار السودان

التجارة الإلكترونية.. مخرج اقتصادي لا تنقصه المخاطر

فرضت التجارة الإلكترونية وجودها بالسوق السوداني، بحكم التطور التقني وسد حاجة فئات من المجتمع من البائعين والمشترين، وباعتبارها مخرجاً من العطالة، لكن لا تنقصه المخاطر بطبيعة الحال!!

التغيير الخرطوم: الفاصل إبراهيم

اتجه كثير من التجار والمواطنيين العاديين إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك، تويتر، واتساب، تليجرام، إنستغرام… إلخ» في عرض تجارتهم وبضائعهم، وجذب هذا النمط من التجارة الكثير من الناشطين اقتصادياً خاصة النساء والعديد من الشركات.

وباتت أعداد كبيرة من النساء سواء خريجات الجامعات أو ربات المنازل تعتمد على هذا النوع من التجارة «عرض السلع من ملابس وأدوات منزلية وتحف فنية وغيرها»، حيث تسمح بإدارتها من المنزل ودون الحوجة للخروج والتحرك كثيراً.

ويوفر العرض التجاري على «فيسبوك» فرصاً كبيرةً للبيع، فبحسب موقع «انترنت وورلد ستيتس» فإن عدد مستخدمي الفيسبوك في السودان «2.6» مليون مشترك أي ما يعادل «22%» من جملة مشتركي خدمة الانترنت في السودان الذين يقدر عددهم وفق آخر الاحصائيات بـ«15» مليون مشترك.

وتوجد العديد من المنصات للتسوق والبيع في السودان على «فيسبوك» بعضها متخصص في السيارات والمنازل والملبوسات والأطعمة وغيرها وتحدد بعض المنصات مبالغ بالساعة للراغبين في العرض التجاري.

لكن يبقى السؤال إلى أي مدى تتحقق مكاسب للعاملين في هذا النوع من التجارة، وهل له آثار ضارة على الاقتصاد ككل ؟ وهل أثر على الاسواق التقليدية؟

مخاوف الاحتيال

وتقول «إيمان. أ» إحدى العاملات في التجارة الإلكترونية لـ«التغيير»، إنها اتجهت للتجارة قبل فترة عبر السفر إلى مصر والإمارات والهند وجلب بضائع وبيعها للمعارف والجيران في الحي، «لكن الإقبال عليها لم يكن كبيراً وتسديد الأقساط كان يخصم من ربحها»، فاتجهت إلى عرض بضاعتها في وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا «فيسبوك» الأمر الذي زاد من المبيعات.

وأضافت: «أصبح الآن لدي زبائن أكثر من السابق لكنني تعرضت لبعض أنواع الاحتيال من أشخاص أخذوا بضائع في المرة الأولى وسددوا ما عليهم ولكن في المرة الثانية لم يسددوا ووجدت هواتفهم مغلقة».

وحول الأشياء الأكثر مبيعاً، قالت إيمان إن الهواتف والملابس والإكسسوارات النسائية هي الأكثر مبيعاً بالنسبة لها، وأضافت: «هنالك مواسم البيع فيها أفضل خاصة في الأعياد ومع بداية المدارس».

المكسب وحفظ الخصوصية

محمد نيالا أحد الشباب المهتمين بعرض بضاعتهم في «فيسبوك»، قال لـ«التغيير»، إنه يعمل في تجارة الموبايلات منذ «10» سنوات ولديه محل ثابت بالخرطوم السوق العربي ولكن في السنوات الأخيرة تراجع معدل البيع بنسبة كبيرة قد تصل إلى «40%» بسبب الوضع الاقتصادي والمنافسة الكبيرة بزيادة العرض في السوق.

وأضاف: «هذا التراجع دفعني لتنويع أساليب العرض فعمدت لعرض البضاعة في صفحتي الشخصية بالفيسبوك والصفحات العامة بجانب قروبات الواتساب ووجدت تفاعلاً وزادت المبيعات واعتبرها تجربة مفيدة».

أما «هدي. ع»، فقد أوصحت لـ«التغيير»، أنها التقطت فكرة البيع عن طريق «الفيسبوك» من صديقتها التي شاركتها التجارة وتوسعت في رأس المال وأصبح لديها زبائن تحقق من خلالهم أرباحاً معقولة تستطيع توفير احتياجاتها.

وذكرت أنها العائل الوحيد للأسرة المكونة من «4» أشخاص وهي لا تستطيع أن تفتتح محلاً تجارياً لظروفها الاجتماعية والاقتصادية «ولذلك العرض عن طريق الفيسبوك والواتساب مناسب جداً لي كامرأة يحفظ الخصوصية ويوفر لي أموال تعينني في توفير متطلبات المعيشة».

حسب الموسم

وأوضحت هدى التي تسكن شمال الخرطوم بحري أنها لا تتاجر في شئ محدد وإنما حسب الموسم والطلبيات، فمثلا في رمضان اتجهت لبيع الآبري «15 طرقة» بـ«7» آلاف جنيه و«30» بمبلغ «15» ألف جنيه.

وقالت: «أنا الآن بصدد عرض ملاءات وملابس العيد، ويتم العرض والطلب عبر الفيسبوك وترسل الأغراض في حالة الاتفاق عن طريق أحد معارفها بالموتر حيث يتم دفع مبلغ التوصيل حسب السكن».

من جانبها، قالت أسماء عثمان لـ«التغيير»، إنها بدأت التجارة عبر الفيسبوك منذ «5» سنوات ووجدت في البداية مشكلات مع الزبائن فأحياناً يتم الاتفاق مع الزبون على فستان أو لبسة محددة تم عرضها في الفيسبوك وعندما تصل إليه يرفضها باعتبار أنها غير التي اتفق عليها، وحدث هذا الأمر كثيراً وفي النهاية لاحظت أن الشكل يختلف أحياناً بين الصورة والأصل.

تجارة تقليدية

ويرى أيمن تاج الدين من خلال بحث قدمه حول التجارة الالكترونية في السودان، أنها لازالت تقليدية تعتمد على الأفراد وليس المؤسسات ما عدا جهات قليلة «ولذلك ما يحدث من عمليات بيع وشراء في مواقع التواصل الإلكتروني لا يمكن أن نطلق عليه تجارة إلكترونية بمعناها المعروف».

واعتبر تاج الدين في إفاداته لـ«التغيير»، أن التجارة عبر الوسائط الفيسبوك وتويتر والواتساب لم تخصم كثيراً من التجارة التقليدية لجهة أن المواطن لم يتعود حتى الآن على هذا النوع من التجارة، كما أن كل المواطنين ليس لديهم حسابات في الفيس والواتس.

وأشار إلى أن البيع عن طريق الوسائط تجابهه عقبات كثيرة أهمها الوضع الاقتصادي المتردي الذي يحد من مقدرة المواطنين على الشراء، لذلك يعتمد التجار في الوسائط على الزبائن المعتمدين، كما أن هنالك تجار يشترون الأنواع النادرة من تجار الوسائط.

عقبات عديدة

وأضاف تاج الدين بأن العديد من العقبات تحول دون انسياب التجارة الإلكترونية بشكل كبير من ضمنها انعدام الثقة بين البائع والمشتري في الأسافير بشكل عام وربما يكون لأسباب منطقية في عدم انتشار هذه الثقافة بشكل كبير أو لوجود عمليات احتيال ساهمت في تقليص حجم هذه التجارة التي ترتادها النساء بشكل أكبر من الرجال، وأيضا هنالك شركات كثيرة تعلن عن منتجاتها في مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقدر أيمن حجم البيع عن طريق الوسائط الفيس والواتس بأنه لا يتعدى” «1%» من حجم التجارة التقليدية وذلك للعديد من الأسباب أهمها ضعف البنية التحتية لشبكات الاتصال وخدمات الإنترنت، وعدم معرفة الناس بها وضعف التثقيف، إضافة لغياب الرقابة القانونية التي تنظم قطاع التجارة الإلكترونية وعدم وجود مرونة في التحويلات والتعاملات المالية الإلكترونية في السودان.

إيجابيات كثيرة

ويعتقد تاج الدين أن هنالك إيجابيات كثيرة للتجارة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن أهمها جذب العديد من الشرائح الناشطة اقتصادياً خاصةً من النساء لسهولة عرضها والترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعيداً عن أعين الضرائب والسلطات المحلية، بجانب خصوصيتها في الحفاظ على سرية هوية التاجر فالكثير من الأسر لا تود أن ترى النساء في المحال التجارية.

لكنه أشار في الوقت ذاته إلى وجود تناقض في الأسعار ما بين المتاجر التقليدية والبيع عبر الفيس أو الواتس حيث أن الأسعار مرتفعة في الوسائط رغم ميزة عدم خضوعها للضرائب المختلفة مقارنة بالتجارة العادية.

ولفت إلى أن مدخولات التجارة يمكن أن تسهم في رفع المستوى الاقتصادي للسيدات الناشطات والتجار عموماً.

وحذر تاج الدين من أن ميزة عدم وجود رقابة على البيع عبر وسائط التواصل الاجتماعي من شأنها أن تسهم في تسريب بضائع مغشوشة أو ممنوعة لضعف الرقابة.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *