اخبار المغرب

الخط الائتماني الجديد للمغرب وقائي والتضخم مُرتبط أيضا بالعرض

حصل المغرب، بداية شهر أبريل الجاري، على موافقة من المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي لعقد اتفاق لمدة عامين في ظل خط الائتمان المرن (FCL) بقيمة 5 مليارات دولار، ما يعادل أكثر من 50 مليار درهم، يمكن استعماله في حال واجهت المملكة مخاطر قد تؤثر على الاقتصاد مستقبلا.

وكان المغرب قد وقّع مع الصندوق عام 2012 اتفاقية بشأن خط الوقاية والسيولة (PLL) بقيمة 3 مليارات دولار، وجرى تجديدها أربع مرات إلى تم استخدام الخط في 2020 للحد من التأثير الاجتماعي والاقتصادي لجائحة كوفيد19؛ وهو ما سمح للمملكة بالحفاظ على مستوى كافٍ من الاحتياطيات الأجنبية لتخفيف الضغوط على ميزان المدفوعات.

حول الموضوع، يتحدث إلينا في هذا الحوار الحصري روبرتو كارداريلي، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي المكلف بالمغرب، ليوضح الفرق بين الخطين والإمكانيات المتاحة للمغرب لاستخدامه، ناهيك عن توقعات النمو الاقتصادي للعام الجاري في ظل التضخم المرتفع وتشديد السياسة النقدية لبنك المغرب. كما يتطرق أيضا لموضوع تحرير سعر صرف الدرهم في السياق الحالي.

هذا نص الحوار:

ماذا يعني اتفاق خط الائتمان المرن المُوقع مع المغرب مؤخرا؟ وماذا يميزه عن خط الوقاية والسيولة السابق؟

يتعلق الأمر بخطين ائتمانيين وقائيين، أي لا يتم توفير السيولة فوريا بل بمبلغ يوجد رهن إشارة المغرب في حالة واجه مشاكل اقتصادية تؤثر على ميزان المدفوعات.. والفرق بين الخطين تقني؛ فخط الوقاية والسيولة يستوجب أن تكون السياسات الاقتصادية الكلية والأطر المؤسسية قوية، في حين أن الخط الثاني يشترط أن تكون هذه السياسات قوية جدا. الفرق يكمن في كلمة “جدا”، وتشمل تسع معايير يضعها الصندوق لتصبح البلدان مؤهلة للاستفادة من هذا الخط الائتماني المرن؛ تهم بالأساس رصيدا كافيا من الاحتياطات الدولية، واستدامة الدين العمومي على المدى المتوسط، وإطارا سليما للسياسة النقدية والميزانياتية والضريبية، ونظاما ماليا سليما، والإشراف الفعال على القطاع المالي، وسلامة البيانات وشفافيتها.

بيان الصندوق أشار إلى أن هذا الخط سيُعزز الاحتياطيات الخارجية للمغرب، هل هذا يعني أنه لا يمكن استعماله لسد عجز الميزانية؟

يتعلق الأمر بخط ائتماني يُستعمل عند الحاجة فقط، أي ليس هناك حاليا أي تحويل للأموال من الصندوق إلى المغرب، سيكون بإمكان المملكة تعزيز الاحتياطيات الخارجية حين تطلب الوصول إلى استخدام الخط، كما وقع مع “خط الوقاية والسيولة” الموقع سنة 2012 الذي تم تجديده أربع مرات ولم يتم استعماله إلا في 2020 لمواجهة صدمة جائحة كورونا، وقد كان رصيد المغرب آنذاك من الاحتياطات الخارجية قد ارتفع بعدما أصبحت هذه الأموال في حوزة البلاد ويكون بإمكانها أن تستعملها لتقوية الاحتياطات الخارجية أو تمويل عجز الميزانية، لأن هناك علاقة بين الأمرين في آخر المطاف.

المغرب يواجه تضخما مرتفعا، كيف يمكن في نظركم مواجهة هذا الوضع؟

هذا ليس مشكل يخص المغرب لوحده، بل تواجهه عدد من الدول بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهذا بدأ مع “كوفيد19” مع اضطراب سلاسل التوريد العالمية وتفاقم مع الجفاف الذي ضرب عددا من الدول مثل المغرب وأثر على إنتاج الحبوب مثلا في أمريكا وإيطاليا، إضافة إلى تداعيات الوضعية في أوكرانيا وارتفاع أسعار المواد الأولية. كل هذا جعل الوضعية صعبة، ولم يعد المشكل يهم السياسة النقدية لوحدها والتي يجب أن تُستخدم لضبط الضغوط التضخمية، مع العلم أن هناك هوامش ما زالت متاحة لبنك المغرب لرفع جديد لأسعار الفائدة الرئيسي التي لا تزال سلبية في الواقع. لا يتعلق الأمر بتضخم عادي ناتج عن ارتفاع الطلب بل هو مُرتبط أيضا باضطراب العرض، خصوصا فيما يتعلق بالمواد الغذائية. ولذلك، يجب اعتماد سياسات مختلفة إضافة إلى السياسة النقدية.

إلى جانب السياسة النقدية لبنك المغرب، ماذا يجب على الحكومة أن تقوم به في هذا الصدد؟

يمكن للحكومة أن تقوم بكل ما من شأنه أن يُحسن العرض ويخفض اضطرابات سلاسل القيمة، وخصوصا سلسلة القيمة الخاصة بالمواد الغذائية التي تتميز بطولها بدءا من الإنتاج ومرورا بالنقل والتوزيع وصولا إلى المستهلك النهائي، وهذا مشكل تواجهه أغلب الحكومات في العالم.

الحكومة تعول على نمو اقتصادي بـ4 في المائة العام الجاري وتوقعاتكم لشهر يناير تشير إلى 3 في المائة، هل تحتفظون بهذا التوقع؟

نعم، نحتفظ حاليا بهذا التوقع؛ لكن المعروف أن التوقعات دائما ما تكون معقدة لأنها تستند إلى فرضيات، وفرضيتنا في يناير تعتمد على محصول متوسط من الحبوب.. لكن هناك خطر ألا يتحقق هذا الأمر، لأن ذلك يعتمد على التساقطات المطرية، إضافة إلى فرضيات السياسة النقدية والتضخم. إذا تم الاستمرار في تشديد السياسة النقدية من طرف بنك المغرب لمواجهة التضخم فسيكون لهذا تأثير على النمو، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتوقع في منطقة اليورو باعتبار الشريك الأول للمملكة.. كل قد يدفعنا إلى إعادة النظر في توقعات النمو.

بخصوص تحرير سعر صرف الدرهم في إطار نظام مرن، هل ما زلتم توصون المغرب بالمرور إلى مرحلة جديدة في هذا الإصلاح في السياق الحالي؟

لم نغير رأينا حول هذا الموضوع في إطار المادة الرابعة (المادة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي والتي بناء عليها تتم المشاورات السنوية مع الدول)؛ لكن نرى الوقت الحالي غير مناسب في ظل التضخم المرتفع، إضافة إلى استمرار عدم اليقين بشأنه تطوره مستقبلا. من المهم جدا المرور إلى مرحلة جديدة من التحرير لاستهداف التضخم بشكل أكبر؛ لكن الأمر صعب مع وصول التضخم إلى أكثر من 10 في المائة في نهاية فبراير. لذلك، من الأفضل الحفاظ على القليل من المرونة حاليا، والمرور إلى مرحلة جديدة حينما ينخفض التضخم إلى المستوى المستهدف سواء 2 في المائة أو 3 في المائة.

في ظل الوضعية الصعبة دوليا ووطنيا، ما هي الإصلاحات التي ترون أنها ضرورية في المغرب؟

المغرب انخرط في أوراش مهمة من الإصلاحات الضرورية؛ على رأسها التعليم والشركات العمومية والصحة والحماية الاجتماعية والإصلاح الضريبي وقطاع الكهرباء والحكامة والفساد والمنافسة. أنا مُعجب بحجم هذه الإصلاحات؛ لكن يجب التفكير في فعاليتها ونجاحها في تحقيق النتائج المنشودة، لأن الصعوبة تكمن في التنفيذ والتمويل والحصول على النتائج. الأساسي هو أن الإرادة لدى الحكومة لإنجاز هذه الإصلاحات المطلوبة وهذا ليس سهل؛ لأن هناك عددا من الدول يجب أن تقوم بإصلاحات مماثلة لكن ليست لديها الإرادة للبدء.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *