ماذا يقول علم النفس الاجتماعي عن حوادث اغتصاب الأطفال بالمغرب؟
يعهد الكثير من الناس حال وقوع أي جرم من الجرائم، لا سيما منها المتعلقة بالاغتصاب، أو هتك العرض إلى تسليط الضوء على الواقعة وفق منظور قانوني، يُناقش من خلاله ضرورة تناسب الجريمة مع العقوبة، ومدى ملاءمة النص القانوني مع الواقع الملموس، محاولة لإنصافا الضحية وردع للجاني.
ويذهب الكثيرون إلى القول إن التحليل النفسي لمثل هاته الوقائع لا يقل أهمية على النقاش القانوني.
في هذا السياق يرى الأخصائي النفسي والباحث في علم النفس الاجتماعي، ياسين أمناي، أن المقاربة النفسية الاجتماعية ضرورية في فهم طبيعة البنية النفسية والمتغيرات الثقافية وكل ما يؤثر في هذه البنية، للجاني كما للضحية، وأنها تمكن من ضبط وفهم الحالة النفسية للطرفين بشكل عميق لكي يسهل تحليلها وتأهيلها وفق مفاهيم نفسية واجتماعية تتماشى مع طبيعة السلوك المرتكب.
ويضيف أمناي، في حديث لجريدة ‘‘العمق‘‘، إن سلوك الجناة، عندما يتعلق الأمر بجريمة اغتصاب قاصر، يصنف في علم النفس الاجتماعي كنوع من أنواع الشذوذ الجنسي والخروج عن التوجه الطبيعي في العلاقات الجنسية، وأن من يقوم بهذا السلوك أو من على شاكلته هو مضطرب نفسيا وجنسيا، وفي غالب الأحيان يكون ساديا.
يذهب كذلك لاعتبار أن حالات الاغتصاب الممارس على القاصرين، طرفاها جاني متفوق جسمانيا وزمانيا، وضحية في مرحلة البناء النفسي والجسماني، وبذلك يحاول الجاني ممارسة تسلطه على هاته الفئة، الأمر الذي من شأنه أن يكسر هذا النمو لدى الأطفال.
وعن ضرورة التتبع النفسي للضحايا، قال المتحدث، ‘‘لا يجب فقط أن نتحدث عن تتبع نفسي للضحية لأن المُغتصِب والمغتصَب هما معنا في حاجة لتتبع نفسي، لأنه الجاني بدوره يعاني من البيدوفويليا، ويحتاج إلى علاج، خاصة وأن ما يلوج في ذهن الجاني هو ما ينتقل في مرحلة معينة إلى سلوك ملموس، أي أن البنية المعرفية للجاني يشوبها خلل يقتضي إعادة تقويم وتأهيل وترتيب حتى يتسنى له التصرف وقف سلوك مقبول اجتماعيا، ومرغوب ثقافيا‘‘.
ويضيف، أن العامل النفسي محدد أساسي في تجاوز مرحلة الاعتداء، حيث إن الضحية (طفل تعرض للاغتصاب)، يكون آنذاك أمام اعتداء جنسي جسدي ونفسي وتتكون لديه صدمة قوية تجاه ما تعرض له، ومن شأن هاته الصدمة أن تأثر على كافة مجريات حياته، وبالتالي فالضحية بحاجة لتتبع نفسي من أجل استرجاع الثقة في النفس وتقدير الذات.
ويعتبر المتحدث أن يزيد من أهمية التحليل النفسي الاجتماعي، هو أن معنى للذات يتغير لدى الضحية، واعتبارا لكون مرحلة الطفولة مهمة في البناء النفسي للشخص بشكل عام، ولكونها مرحلة تتشكل فيها المقومات النفسية، فإن من شأن الاعتداء أن يولد اكتئابا واضطرابا نفسيا.
ينبه أمناي إلى أن بعض الضحايا وبحكم الضغط الذي تمارسه الثقافة والاسرة، قد يركنون إلى الصمت وعدم الحديث عن التجربة، وإنكار وجود أي تأثير للاعتداء وأن كل شيء على ما يرام، ويعهدون أحيانا بشكل فردي إلى طرح أسئلة حول الاعتداء ويقدمون تفسيرات في أغلب الأحيان تكون خاطئة لأنها مبينة على معطيات ذاتية ناقصة، وهذا يشكل خطرا كبيرا على صحتهم النفسية، وإن بدا غير ذلك، وفق تعبير المتحدث.
المصدر: العمق المغربي