اخبار السودان

تحركات «فلول نظام البشير».. متاريس في طريق «الإطاري»

يحمل سياسيون ومراقبون، تحركات فلول نظام المخلوع عمر البشير، مسؤولية التعثر الذي لازم عملية التوافق الذي يوصل الاتفاق الإطاري إلى محطة التوقيع النهائي والتحول للحكم المدني الديمقراطي.

التغيير الخرطوم: علاء الدين موسى

اختار الموقعون على الاتفاق السياسي الإطاري في السودان ومؤيدوه، تاريخ السادس من أبريل 2023م لإضافة حدث جديد هو توقيع الاتفاق النهائي، ليخلد في الأذهان تزامناً مع هذا التاريخ الذي يمثل رمزية وقدسية في تاريخ السودان الحديث، إذ أنه ارتبط بإنهاء واحدة من أكبر الديكتاتوريات في العام 1985م عندما أطاح نظام الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري، فيما كان بداية نهاية الديكتاتورية الأطول للمخلوع عمر البشير في 2019م.

لكن هذه الخطوة القاصدة تعثرت، عندما قابلها مناوئون محسوبون على فلول النظام البائد بتصعيد في المركز والأطراف، الأمر الذي أجل الخطوة مرة أخرى، بعد أن تأجلت من تاريخ أول أبريل الحالي.

إغلاق وكروت ضغط

وينشط الفلول ومناصروهم في العمل لإفشال الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر 2022م بين المدنيين والعسكريين، والذي تأخر التوقيع النهائي عليه لأكثر من مرة نتيجة تلك التحركات.

وكان الناطق باسم الحرية والتغيير جعفر حسن، حذر خلال مؤتمر صحفي سابق، من أن الفلول هم أكبر مهدد لوحدة البلاد.

وكشف عن عمل ممنهج لتخريب العملية السياسية من خلال منصات إعلامية تغذي خطاب الكراهية باحترافية كبيرة لقيادة الأطراف إلى طريق مسدود يقود لتفكيك الدولة السودانية.

وقال إن مجموعة الأمين العام للحركة الإسلامية المحلولة علي كرتي تغذي الصراع بين الأجهزة العسكرية لأنها تحاول أن تستعد لخلق فوضى شاملة داخل الدولة.

ونوه إلى امتلاكهم معلومات كافية بشأن إعادة الدفاع الشعبي والأمن الشعبي لترتيب أوضاعهم في هذا الأمر، وأكد ضرورة الانتباه للشائعات التي تنطلق حول الصراع العسكري.

وتزامناً مع تقدم العملية السياسية النهائية، برزت تحركات أنصار النظام البائد في عدد من ولايات السودان، بعد أن أعلنت الإدارة الأهلية إغلاق عدد من الشوارع الرئيسية بالعاصمة الخرطوم، والولايات، بالرغم من أن هذا الإغلاق لم يكن ذي تأثير يذكر وكانت الحركة شبه طبيعية في عدد من عواصم الولايات.

وبالتوازي واصل أنصار مجلس البجا والعموديات المستقلة الذي يقوده الناظر محمد الأمين ترك، مناهضتهم للاتفاق الإطاري بإغلاق طريق الشرق عند منطقة العقبة بولاية البخر الأحمر ليوم واحد، تمهيداً لإغلاق شامل حال إصرار قوى الاتفاق الإطاري على المواصلة فيه قبل أن يتم حل مشكلة الشرق العادلة كما يؤكدون.

لكن مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا عبد الله اوبشار، وصف الحديث عن إغلاق شرق السودان أو تشكيل حكومة في الإقليم بأنه مزايدة سياسية وكروت ضغط.

وقال لـ«التغيير»: «ليس بمقدور الجبهة الشعبية المتحدة تشكيل حكومة بالشرق».

وأضاف: «قضية شرق السودان غير مربوطة بالاتفاق الإطاري، ويجب إتاحة مساحة لقضايا الشرق».

حاضنة جديدة

ويقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية البروفيسور صلاح الدين الدومة، إن عرقلة الاتفاق الإطاري وتكوين حضانة جديدة هدف الفلول ومن شايعهم.

وأضاف لـ«التغيير»، بأن الفلول يتدرجون في الوصول إلى السلطة، «حتى يعودوا لنهب المال العام وإرجاع بيوت الأشباح والتسلط والطغيان وإذلال الناس».

وتابع: «هذا يعد هدفاً استراتيجياً للفلول وإذا لم يستطعوا تحقيقه سيعملون بدرجة أقل من خلال تحجيم السلطة القادمة ويكون لهم وجود حتى وإن كان باهتاً».

عزلة شعبية

فيما يرى الصحفي والمحلل السياسي ماهر أبو الجوخ، أن بداية التوصيف الصحيح هو أن تحركات الفلول وترك هما لافتتان لذات الشركة المنتجة وتأكيد هذا الأمر واضح قبل انقلاب 25 اكتوبر والفترة الحالية لعرقلة توقيع الاتفاق النهائي باللجوء لخيار الإغلاق وحصار الخرطوم.

وقال لـ«التغيير»: «العامل الرئيسي لإفشال تحركات الفلول هو ظهورهم العلني في الساحة فحزب المؤتمر الوطني المحلول لم يترك السلطة بانقلاب ولكن أسقطته ثورة شعبية».

وأضاف: «بالتالي فإن ظهور الفلول في أي فعل كفيل بوأد هذا الفعل وضرب طوق عزلة شعبية عليه والحكم عليه بالفشل».

وتابع: «هذا يفسر مصير ومآل تحركات الفلول في الأمس واليوم وغداً لأنها ببساطة معزولة شعبياً».

رفض الكُتلة

من جانبها، ترفض الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية الاتفاق الإطاري، وترى ضرورة إيجاد اتفاق جديد يستوعب فصائل أخرى، لكن الحرية والتغيير المجلس المركزي ترفض إغراق العملية السياسية بإشراك أطراف ساندت انقلاب قائد الجيش في 25 أكتوبر 2021م.

وأعلن القيادي بتحالف الكتلة الديمقراطية، المتحدث باسم حركة العدل والمساواة حسن إبراهيم فضل عن اتفاقهم  بصورة مبدئية مع مُقترح تحدث عن منح الكتلة نسبة «47%» من الآلية السياسية لاتخاذ القرار على أن تمنح مجموعة المركزي «53%».

وقال لـ«التغيير»: «قدمنا ردنا على هذا المقترح أمس الأول طالبنا فيه بأن يكون التمثيل في الآلية بنسبة متساوية 50% لكل طرف».

وأضاف: «نحن في انتظار الموافقة على رؤيتنا فيما يتعلق بمقترح الآلية الثلاثية».

وتابع فضل: «في حال الموافقة على الطرح سنوقع على الإعلان السياسي المعدل والذي سيكون الأساس في العملية السياسية».

من جانبه، رهن مسؤول القطاع السياسي بالكتلة الديمقراطية مني أركو مناوي، الموافقة على مقترح الآلية الثلاثية بتوسعة المُشاركة وتساوي نسب الأطراف، وأن يتم التوقيع على الإعلان السياسي المُعدل ليكون الأساس في إجراءات أخرى تليه.

ويثير موقف الكتلة الكثير من الجدل، إذ أنها نشطت أيضاً في معارضة الاتفاق الإطاري بصورة شرسة سعياً إلى إدخال مجموعات أخرى في العملية السياسية.

لكن القيادي بالمجلس المركزي، رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي ياسر عرمان، وصف من يتحدثون عن عرض «47%» من السلطة بأن ساعاتهم متوقفة منذ زمن عند قسمة السلطة وتوزيع الثروة على النخب.

وقال في تغريدة: «هم عاجزون عن رؤية مهام الثورة وبناء الدولة وأغمضوا أعينهم عن النازحين واللاجئين والمواطنة بلا تمييز وتحالفوا مع الفلول. هذا العرض لا وجود له».

ورد عليه مناوي بالقول: «يبدو أنه كُتب هذا المنشور بعد التاسعة مساء، أثناء إطراق الأباريق والقوارير. طبعاً هذه اللحظات الذاكرة تفارق صاحبها، تتركه في ذمة الآخرين».

موقف شخصي

ويرى المحلل ماهر أبو الجوخ، أنه من الواضح أن الكُتلة الديمقراطية ظلت تستقوي في مواقفها منذ «اعتصام الموز» وحتى اللحظة بتحالفها مع المكون العسكري، ولذلك فإن الانقسام الذي ضرب المكون العسكري وتباين مكوناته في المواقف والرؤى أثر على الكُتلة الديمقراطية مع وجود تعقيدات إضافية للحركات الموقعة على اتفاق جوبا نظراً لوجود التزامات على عاتقها تتطلب وجودها في السلطة.

وقال إن السيناريو تجاه تلك الأطراف يتراوح ما بين توقيعها على الاتفاق بسبب تلك المعطيات أو احتمال تعرضها للانقسام مستقبلاً في حال خروجها من السلطة بسبب امتناع قادتها عن التوقيع على الاتفاق النهائي والخروج من السلطة ومعارضة الوضع الحالي.

وأوضح أبو الجوخ أن هذا الموقف قد يكون تعبيراً عن موقف الشخصي لتلك القيادات لكنه لا يتسق مع أهداف تلك الحركات.

صمود المؤيدين

بدوره، وصف أستاذ العلوم السياسية د. صلاح الدومة، الكُتلة الديمقراطية بأنها مخلب قط وأذرع ودمى في أيدي النظام البائد.

وقال إن هذا يكون بمقابل يمكن أن يكون مادي أو سكوت عن جرائم سابقة ارتكبت في عهد النظام البائد.

ويرى الدومة أن المخرج لنجاح الاتفاق الإطاري هو صمود المؤيدين للاتفاق وفي مقدمتهم قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس المركزي ولجان المقاومة، والمؤيدين على المستوى الإقليمي والدولي، حتى ينهار الفلول ومن شايعهم.

وطالب قوى «المجلس المركزي» بعدم تقديم أي تنازلات لأن الفلول والانقلابيين ليس لديهم سقف لطلبات، وهم في أضعف حالاتهم.

موقف القاهرة

بعض المراقبين، تحدثوا عن وقوف القاهرة، وراء تحركات الفلول باعتبار أنها إحدى المستفيدين الأوائل من عدم التوقيع الاتفاق الإطاري الذي سيأتى بحكومة مدنية لا تريد التقارب معها وتفضل عليها النظام العسكري.

لكن المحلل السياسي أبو الجوخ يرى في تقديره أن الموقف المصري لعوامل عديدة يتغير فعلياً باعتبارها دولة تتعامل مع الأمر الواقع مع استصحاب أنها لن تفضل مطلقاً عودة النظام البائد للحكم مجدداً تحت أي شكل وصورة، وفي ذات السياق ستكون تحركات القاهرة المستقبلية في التوصل لتفاهمات حد أدنى من المصالح مع الأطراف الموقعة على الاتفاق النهائي باعتبار أن تلك الصيغة تضمن قطع الطريق أمام أي مساعٍ لعودة النظام المباد، وبالنسبة لبقية القضايا وللتباينات فيمكن معالجتها أو ترحيلها مستقبلاً.

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *