ذاكرة رياضية.. ممارسة الرياضة تقليد ملكي منذ عهد السلطان مولاي اسماعيل
خصص مؤلف كتاب “السياسة الرياضية بالمغرب 19122012″، منصف اليازغي، في كتابه صفحات للحديث عن تاريخ الرياضة بالمغرب استنادا لبعض المذكرات، من أجل توضيح اهتمام ملوك المغرب بالرياضة.
،فرد الكاتب صفحات لكشف تعاطي ملوك المغرب على التاريخ بالرياضة، مشيرا إلى “أن بعض المذكرات كشفت على أن الممارسة الرياضية وسط الملوك المغاربة لم تظهر مع محمد الخامس، فالسلطان مولاي عبد الله وإبنه السلطان سيدي محمد بن عبد الله سارا على نهج سلفهما السلطان مولاي اسماعيل الذي كان معتادا على التدريب. كما أن السلطان المولي سليمان كان مولعا برياضة الصيد بالباز بدليل أن هدية ملك الدانمارك سنة 1798 لم تكن سوى بازين، إلى درجة أنه في عهد مولاي عبد الرحمن بن هشام أصبح الموظف المكلف بالبيزرة (الاعتناء بطير الباز بالقصر) يحمل لقب البياز”.
أما المولى عبد العزيز الذي كان معروفا عليه ولعه بألعاب الأطفال، يقول الكاتب “فكان شغوفا بالألعاب الرياضية المستوردة من أوربا، فقد مارس الجمباز والتنس وكرة القدم والمسايفة والدراجات، وهي الممارسة التي كانت آنذاك أمرا شاذا ومقتصرة على الملك ووزرائه الذين كان يرغمهم المولى عبد العزيز، دون اعتبار للسن والمكانة التي يحظون بها وسط محيطهم على مشاركته بعض الأنواع الرياضية بجلابيبهم”.
وأشار الكاتب إلى أنه، “لم يتوان المولى عبد العزيز عن استدعاء مساعد المندوب الخاص للحكومة البريطانية إلى المغرب لورد لوش بعد إعجابه بقوامه وبنيته القوية خلال لقاء سابق جمعه بالمندوب الخاص سير أرثور نيكولسون سنة 1901 وتوسط في ذلك الديبلوماسي البريطاني والتر ب هاريس لدى الحكومة البريطانية سنة 1902 من أجل إيفاد لورد لوش الذي عمل على تدريب المولى عبد العزيز (22 سنة) على رياضة Tip and run، وهي لعبة خاصة بالأطفال الصغار”.
وتابع اليازغي، “ما ساهم في استمرار ولع المولى عبد العزيز بالألعاب بعد وفاة الصدر الأعظم باحماد سنة 1900 وزراؤه الذين رأوا أن قيادة السلطان للبلاد بشكل حازم ومستقل عنهم في غياب التجربة اللازمة لديه وفي نفس الوقت امتلاكه للسلطة المطلقة قد يؤدي إلى عواقب خطيرة، وبالتالي كان التوجه نحو إغراق السلطان بكل ما يشتهيه من وسائل اللعب والترف على اختلافها وتنوعها ضدا على التقاليد المغربية عوض “سجن” السلطان في قصره والانفراد بتدبير أمور البلاد”.
وزاد اليازغي قائلا، “حيث أن كل ما هو موجود بالمغرب لا يفي بالغرض بما أن السلطان يمتلك مسبقا كل ما يرفه عن النفس (نساء، مجوهرات خيول…..) كان التوجه صوب أوربا لاستيراد الألعاب بثمن باهظ أثقل كاهل خزينة الدولة بالديون إلى درجة شكل ذلك بداية فقدان المغرب لاستقلاله تدريجيا نتيجة توجهه للاقتراض من الدول الأوربية”.
وأوضح صاحب كتاب السياسة الرياضية بالمغرب أنه، “كان المولى عبد العزيز مواظبا على ممارسة الرياضة عشية كل يوم بعدما كان يخصص الفترة الزمنية ما بين صلاة الفجر ووجبة الغذاء لتصريف شؤون الدولة، إذ من بين رياضاته المفضلة التنس والكريكيت والبولو بواسطة دراجته المصنوعة من الألمنيوم رفقة بعض أصدقائه الأوربيين”.
“كانت جولات اللعب تستغرق في بعض الأحيان عشية اليوم بأكمله، وكان المغربي الوحيد الذي يشارك السلطان هوسه الرياضي هو وزير الحربية المهدي المنبهي، وحسب الديبلوماسي الفرنسي الكونت سانت أولير الذي زار قصر المولى عبد العزيز سنة 1902، فإن قاعة كبيرة بالقصر حوت الكثير من اللعب الغالية من قبيل طاولات البيار و 12 دراجة هوائية… إلى جانب ألبسة رياضية فضفاضة كان السلطان يرتديها خلال ممارسته للتنس والبولو”، يضيف الكاتب.
وتابع، “هوس المولى عبد العزيز امتد إلى كل ما له بصلة بالترفيه، فمن أجل فرقعة الشهب الاصطناعية بحديقة أكدال بمراكش استدعى مختصا من انجلترا لتشغيل معدات تفجير الشهب التي كان الواحد منها يكلف 10 جنيهات، كما شكل الفرقة النحاسية من 100 فرد تطلق نفافيرها بمجرد خروجه أو دخوله إلى القصر، وليلا كان يستمتع بطرائف وقفشات علي البلوط الجندي السابق في جيش الأوداية كل ذلك تحت أنظار يائسة من الوزير الأعظم الحاج المختار وموحا التازي أقدم رجالات المخزن”.
وأوضح مؤلف كتاب السياسة الرياضية بالمغرب انه ‘حسب بحث آخر، فإن مولاي عبد العزيز واظب على ممارسة التنس والغولف والبولو بعد تنازله عن العرش وحلوله بالمنطقة الدولية بطنجة سنة 1908 وكان الأطباء الأنجليز ينصحونه بلعب الغولف والتخلي عن البولو”.
المصدر: العمق المغربي