أغلب رؤساء الشركات يتوقعون بروز انكماش اقتصادي في المغرب
قالت دراسة أنجزها مكتب “بي دبليو سي” للاستشارات ومراجعة الحسابات والخبرات القانونية لفائدة الشركات إن 71 في المائة من الرؤساء التنفيذيين للشركات بالمغرب يتوقعون انكماشا اقتصاديا خلال السنة الجارية.
وجاء في الدراسة، التي عُرضت نتائجها في ندوة صحافية بمدينة الدار البيضاء مساء أمس الاثنين، أن الرؤساء التنفيذيين المغاربة يشيرون إلى مخاطر عديدة تحول دون تحقيق النمو؛ على رأسها التضخم، والتقلبات الماكرو اقتصادية، والتغيرات المناخية، والصراعات الجيوسياسية على الصعيد الدولي.
النتائج وردت ضمن الدراسة المعنونة “PwC Global CEO Survey” في نسختها السادسة والعشرين عالميا والتي شملت 4400 رئيس تنفيذي عبر العالم؛ من ضمنهم 50 رئيسا تنفيذيا من المغرب، خلال الفترة ما بين أكتوبر ونونبر من السنة المنصرمة.
يتوقع 20 في المائة من الرؤساء التنفيذيين المغاربة، الذين شملتهم الدراسة الأولى من نوعها حول المغرب، تحسنا في النمو الاقتصادي خلال السنة الجارية؛ فيما صرح 9 في المائة منهم بتوقع استقرار النمو.
الدراسة تشير إلى أن 62 في المائة من المسؤولين الكبار في الشركات المغربية يعتبرون أن التضخم من المخاطر الرئيسية التي تواجهها الشركات، و31 في المائة يتحدثون عن مخاطر التوترات الجيوسياسية، و24 في المائة عن التغيرات المناخية.
وقال رضى لوماني، الشريك الإداري الجهوي لمكتب “بي دبليو سي” في المغرب، إن ارتفاع تكاليف الإنتاج قد يدفع الشركات إلى تمرير نسبة من الزيادة إلى الأسعار النهائية للمنتجات والسلع؛ لكنهم يفكرون في امتصاص نسبة منها من خلال التحكم في التكاليف.
وأضاف لوماني، في رد على سؤال هسبريس، أن تعامل الشركات مع التضخم من خلال الزيادة في الأسعار لن يكون بعكسها كليا في الأسعار، لافتا إلى أنه “سيتم تفضيل تمرير الزيادة مع مرور الوقت واعتماد تدابير التحول لامتصاص الزيادة في التكاليف لتفادي فقدان الحصص في السوق”.
دراسة مكتب “PwC Maroc” تكشف أنه على الرغم من الأزمات المتكررة وارتفاع معدلات التضخم غير المسبوقة في الاقتصاد العالمي، فإن الرؤساء التنفيذيين المغاربة يتمسكون بالتفاؤل والثقة في تحقيق النمو المطلوب داخل شركاتهم.
ويدفع هذا التفاؤل الحذر، وفق الدراسة، إلى ضرورة مواصلة تنمية قدرات تحمل الشركات والصمود في ظل الأزمات المتكررة والتحولات الاقتصادية أثناء عملية تحويل الشركات من خلال تبني تقنيات جديدة واستثمارات مبتكرة لتعزيز المرونة التشغيلية وترشيد النفقات.
التغيير المطلوب
تعليقا على هذه النتائج، قال لوماني إن “بعض الرؤساء التنفيذيين المغاربة يستغلون الأزمات المتكررة كدافع من أجل تحقيق التغيير المطلوب وتحويل أعمالهم عبر الاستفادة من التحديات الهيكلية مثل التغير المناخي لتحقيق التنمية المستدامة واعتمادها كفرص نمو لاقتصادنا الوطني، وهي إصلاحات مندرجة ضمن النموذج التنموي الجديد”.
صرح 44 في المائة من الرؤساء التنفيذيين المغاربة بأن “استمرارية نمو شركاتهم على مدى العشر سنوات المقبلة رهينة بتحقيق التحول لمواجهة التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على الأرباح على المدى الطويل، وتتمثل أساسا في تغير طلبات المستهلكين واختياراتهم والقوانين التنظيمية بالنسبة بـ67 في المائة منهم”.
وأشار جوناثان لو هنري، شريك “Strategy&” بالمغرب العربي، إلى أن “المرحلة الحالية تتسم بانخفاض مستوى ثقة المسؤولين في الاقتصاد العالمي والمغربي، وعلى الرغم من ذلك مازالوا يثقون بقدرة شركاتهم على تحقيق النمو في ظل الأوضاع الراهن”.
وذكر لو هنري أن الأزمة الصحية المرتبطة بتفشي فيروس كورونا المستجد كانت بمثابة “اختبار إجهاد” للشركات ودفعتها إلى تسريع مشاريع التحول، وفي الوقت الراهن سيكون عليها تسريع دينامية التحول لمواصلة النمو في ظل الاضطرابات الاقتصادية”.
تقليص التكاليف
تكشف الدراسة أن الرؤساء التنفيذيين المغاربة يسعون إلى الاستجابة للظروف الاقتصادية الحالية الصعبة؛ من خلال خفض التكاليف وتحفيز نمو الإيرادات، حيث أفاد 56 في المائة منهم بخفض تكاليف التشغيل، بينما رفع 47 في المائة الأثمان و49 في المائة لجؤوا إلى تنويع عرض منتجاتهم وخدماتهم.
وعلى الرغم من الأزمة، فإن نسبة 67 في المائة من الرؤساء التنفيذيين المستجوبين أكدت أنها لا تخطط لتقليص عدد الموظفين خلال السنة الجارية، فيما قالت نسبة 89 في المائة إنها لا تعتزم تخفيض الأجور بهدف الاحتفاظ بالكفاءات وتخفيف معدلات تناقص اليد العاملة.
ولضمان الاستمرار على قيد الحياة، شددت الدراسة على ضرورة الاستثمار في الموارد البشرية والتحول التكنولوجي، حيث يراهن عدد من الرؤساء التنفيذيين (71 في المائة) على تحسين مهارات موظفيهم، ومدى التشغيل الآلي للعمليات بنسبة 67 في المائة منهم، والعمل بالتكنولوجيا مثل الكلاود والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة لدى 53 في المائة.
على الرغم من أن التحولات الرقمية الضرورية تكون مصحوبة بمخاطر إلكترونية متزايدة، فإن 13 في المائة من الرؤساء التنفيذيين المغاربة يرون أنفسهم عرضة للمخاطر السيبرانية، وهي نسبة ضئيلة تعكس عدم الوعي الكبير بالمخاطر.
المخاطر المناخية، التي تتجلى في الإجهاد المائي وتكلفة فواتير الطاقة وتأثير ذلك على أعمال الشركات، لا تحضر كثيرا ضمن هواجس الرؤساء التنفيذيين بالمغرب، حيث يرى 24 في المائة فقط أن شركاتهم مهددة بتغير المناخ خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
المصدر: هسبريس