اخبار المغرب

لماذا أغضبت السياسة الخارجية المغربية فرنسا؟

يرى مراقبون أن الفجوة تتزايد يوما بعد يوم بين الرباط وباريس، خاصة بعد ضلوع أحزاب فرنسية ضمنها حزب “ماكرون” في مخططات استصدار قرارات وانتقادات من البرلمان الأوروبي للرباط، بإيعاز من “الدولة العميقة بفرنسا”.

ويرجح محللون أن تكون السياسة الخارجية للمملكة وراء هذه الحرب التي تشنها فرنسا على مصالح المملكة،  وهي التي لا تزال تنظر إلى العديد من الدول الإفريقية كمستعمرات وليست دولا مستقلة.

وفي هذا السياق، قال أستاذ الجغرافيا السياسية، مصطفى يحياوي، إن السياسة الخارجية الفرنسية تتميز بالتشتت وعدم الاستقرار والتحول باستمرار من رئيس إلى آخر؛ على النقيض من ذلك المغرب في عهد محمد السادس، على الأقل منذ 2007.

وأضاف يحياوي في تصريح لجريدة “العمق” أن الملك منذ ذلك الوقت اختار تطوير سياسة خارجية متعالقة ومستقرة تنبني على استراتيجية منفتحة، وفي نفس الآن متراصة من حيث العروة التي تترابط حولها المصالح ومسارات العلاقات الدولية التي ينسجها المغرب سواء في اتجاه حلفائه التقليديين، أو في اتجاه تدارك الفراغ الذي نتج عن انسحابه في بداية الثمانينات من القرن 20 من منظمة الوحدة الإفريقية، أوفي اتجاه الانفتاح على حلفاء جدد في إطار استراتيجية التنويع المقرون بالمصالح.

وتابع: “من هذه الناحية، وجدت فرنسا نفسها أمام حليف مشاكس قادر على العناد، لأنه لم يعد مكترثا بأهمية تصويت فرنسا في مجلس الأمن الدولي لحماية مصالحه الدولية، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء”.

وأشار يحياوي إلى أن المغرب ببنائه لسياسة خارجية تدور حول عروة واحدة، أي مقترح الحكم الذاتي لطي ملف الصحراء الذي قدمه للأمم المتحدة في 2007، لم يعد يسبح في فلك مصالح فرنسا على مستوى سياستها الإفريقية، بل أصبح أكثر حرية في التفاوض على منزلة في سيناريوهات إقليمية ودولية الجديدة ‏ساعدت في تشكلها الأزمات العالمية المتلاحقة التي لم تعد فيها لفرنسا القدرة على البروز باعتبارها قوة عالمية حاسمة. إذ تراجعت مصالحها وهيبتها بسبب تغلغل روسيا والصين، وبدرجة أقل تركيا، في إفريقيا جنوب الصحراء، وعلى العكس ارتفعت استثمارات المغرب بدول غرب إفريقيا.

واستطرد المتحدث بالقول: “كان لابد لأمريكا وإسرائيل أن تحصنا مصالحهما الاقتصادية وأمنهما الاستراتيجي بإفريقيا، التي بغنى مواردها الطبيعية وهشاشة استقرار أنظمتها الدوالاتية، أصبحت أكثر إغراء للقوى العالمية في نظام مستقبله أكثر تعقيدا وأكثر غموضا.

وخلص المحلل السياسي ذاته إلى أن فرنسا اليوم غارقة في مشاكلها الداخلية بعد أن فقدت منذ 2016 مصدر استقرار ميزان القوى في سياستها الداخلية (يمين/يسار)، وحائرة لأنها لم تملك خلال 20 سنة الماضية سياسة خارجية مستقرة.

أما المغرب بسياسته الخارجية المستدامة استطاع أن يطور نظرية جيوسياسية قادرة من جهة على تعبئة الجبهة الداخلية، وفي نفس الآن أن تغري قوى إقليمية وعالمية بجدوى ربط مصالحها بالمغرب بوضعه الجغرافي والسياسي في اتجاه غرب إفريقيا والساحل، وفي الآن نفسه بقضيته الوطنية، أي الاعتراف بجدية وواقعية مقترح الحكم الذاتي، وفق تعبير الجامعي ذاته.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *