المدفع والزينة… ليبيا تحيي تقاليد رمضان بعد عقود من الغياب اليوم 24
تسمع طلقة مدفع في وسط مدينة طرابلس القديمة، ليس إعلانا عن عودة الحرب إلى العاصمة الليبية، بل هي تقليد رمضاني تريد السلطات إحياءه بعد عقود من الدكتاتورية والفوضى.
في ساحة الشهداء الكبيرة، نصبت السجادة الحمراء مساء الخميس لمدفع عمره 600 عام، يحرسه عناصر أمن بزي رسمي. دوى المدفع قبل ثوان من سماع الأذان للإعلان عن حلول موعد الإفطار.
هذا التقليد القديم المنتشر في العالم الإسلامي انقطع في ليبيا منذ نهاية السبعينيات مع بداية دكتاتورية معمر القذافي الذي أراد محو التاريخ الليبي. لكن السلطات الجديدة استأنفت عادة “مدفع الإفطار”.
يقول عضو المجلس البلدي لطرابلس أكرم دريبيكا، إن الغاية هي “إدخال نوع من السرور والبهجة والسعادة على أهل طرابلس وسكانها” وبعث “رسالة عودة إلى الحياة” في ليبيا.
منذ مقتل القذافي عام 2011 في خضم “الربيع العربي”، شهدت ليبيا فوضى سياسية وعنفا مسلحا بين سلطات وفصائل متناحرة. لكن المجتمع أعاد اكتشاف ثراء ثقافة البلاد وتاريخها وتقاليدها.
يبقى أصل عادة “مدفع الإفطار” غير مؤكد، ويبدو أنها ولدت في مصر العثمانية قبل قرنين، أي قبل انتشار الساعات وتطور التكنولوجيا، والغاية منها إبلاغ الصائمين بحلول موعد الإفطار.
أثناء مروره عبر ساحة الشهداء، صادف نوري السائح “مفاجأة جميلة” بوجود مدفع الإفطار.
ويقول التاجر البالغ 32 عاما “هذا شيء من تراثنا، إنه مهم جدا لتراثنا وعاداتنا وتقاليدنا والمفروض يكون موجود”.
يأتي هذا الحدث في إطار جهود السلطات والمجتمع المدني لبعث الحياة مجددا في مدينة طرابلس القديمة التي تخضع لعملية تجديد بعد تعرضها للإهمال طوال 40 عاما من حكم القذافي.
يجلب الفنانون والحرفيون والتجار حياة جديدة إلى الأزقة والمباني المرصوفة بالحصى التي تذكر بمرور الحضارات الرومانية واليونانية والعثمانية عبر ليبيا.
بعد الإفطار، تمتلئ المدينة بالعائلات التي تشتري حلوى القطن فيما يتجاذب الشباب أطراف الحديث على مقاعد المقاهي، بينما يلتقط آخرون صور سيلفي أمام زينة رمضان.
للسنة الثانية على التوالي، تولت البلدية تزيين الساحات والأزقة الرئيسية بالأضواء والفوانيس التقليدية ووضعت هياكل كبيرة على شكل هلال.
تستمتع رشا بن غارة التي نشأت في المدينة القديمة برؤية الحشود والأضواء، بعدما كان عليها في السابق “استخدام إضاءة الهاتف للسير” عبر الأزقة المظلمة وغير الممهدة.
وتضيف الموظفة البالغة 35 عاما أن المدينة القديمة “رجعت إليها الحياة” فبعدما “كان الناس يأتون للسوق فقط، صاروا يأتون للتفرج ورؤية آثارها”.
حتى الأصغر سنا الموجودون بأعداد كبيرة، يعبرون بحضورهم القوي عن ارتباطهم بالمدينة القديمة. ويأمل معتصم حسن البالغ 20 عاما، أن يعم هذا “التطور” ليبيا بأكملها بما في ذلك مناطقها الأقل نموا.
وبالنسبة لطالب علوم الكمبيوتر “ما نلاحظه في المدينة يجب أن يكون أيضا في مناطق أخرى، حتى خارج طرابلس، يجب أن تنار بهذه الطريقة”.
المصدر: اليوم 24