باحث مغربي في سويسرا يبتكر “أصغر خاتم ذكي” لمراقبة مؤشرات الصحة
مشروع ابتكاري واعد في مجال “الصحة المتصلة بالشبكة الرقمية” يقف خلف هندسة أبرز خطوطه ورسم ملامحه باحث مغربي مقيم في سويسرا بمعية أحد زملائه في “مدرسة البوليتكنيك الفيدرالية في لوزان” EPFL، عن مختبر “الدوائر المتكاملة للإشارات المختلطة” (MSIC Lab).
هذا المشروع الابتكاري، المتوصل إليه حديثا، قد يشكل “ثورة بحثية وعلمية” في مجال “تطبيقات وتكنولوجيا الصحة”، يتمثل في “خاتم ذكي” (bague intelligente la plus fine au monde) ينبني على تقنية “أصغر مُستشعِر PPG في العالم، والذي أنتجته EPFL وطورته شركة ناشئة، يسمح الآن بوضع نظام مراقبة وتتبع صحي قوي مثل نظام الساعات الذكية المعروض حاليا في السوق في شكل “حلقة” تشبه الخاتم.
واعتبر المختص في الإلكترونيات الدقيقة، في إفادات لهسبريس، أن “تصغير الأنظمة التي تحلل تدفق الدم عبارة عن مستشعرات أو حساسات ضوئية يبدو أنه أقنع عامة الناس، فضلا عن مانحين وممولِينَ منذ إطلاق عملية التمويل الجماعي الذي أطلقته الشركة الناشئة إذ سجل “أعلى مستوى بخمس مرات من المتوقع”، مشددا على أنه “نتيجة تراكمية لثماني سنوات من البحث العلمي”.
وحسب الباحث المغربي، فإن هذا “الخاتَم الذكي”، الذي يمكن وضعه في أي اتجاه حول أصبع اليد، هو نتاج أبحاث تمخضت عن فكرة “تحويل أصغر مستشعر ضوئي إلى أصغر خاتَم تم تزويده في المجموع بـ6 مستشعرات وحسّاسات ذكية ضوئية ثلاث منها تشتغل بتقنية المُشعَّات LED” تقيس مؤشرات صحية، مثلا مستوى الأوكسجين في الدم”، لافتا إلى أنه يتوفر أيضا في المجموع على 18 جهاز إرسال (émetteurs).
وتابع شارحا، في تصريح خص به جريدة هسبريس الإلكترونية، إن “الابتكار الأصلي مع عمليات محاكاة ومقارنة لتجارب سابقة لشركة فنلندية أفضَت بنا كباحثين إلى التفكير في العمل على تصغير المستشعِر ما أمكن، وجعله سهل الاستعمال وفي المتناول”.
أداة متصلة
وفي معرض حديثه عن خاصيات ابتكاره، أكد بوخيمة أن “الخاتم أداة مُتصِلة (objet connecté) يمكن استخدامها في أية وضعية، ومهما استدار في أي اتجاه، سيكون في مقدوره الحصول على التقاط إشارة (signal) ذات جودة عالية، كما تسمح المُستشعرات الستة الموزعة في جميع الاتجاهات بجعله خاص الاستعمال لدى كل شخص”.
ومن الناحية العملية، يسمح هذا الجهاز الذكي، حسب مبتكره، بـ”قياس دقات القلب” وفق موجات PPG وكذا مدى تغير هذه الدقات أو عدم انتظامها؛ ما يعطي معلومات مباشرة عن معدل الضغط النفسي (stress) الذي يشعر به الإنسان، وكذا إفادات عن معدل الأوكسجين في الدم، فيما أجريَت تجارب بحثية وإكلينيكية مع مستشفى فرايبورغ بسويسرا للتمكن من استشعار مستويات ضغط الدم (tension) نُشرت نتائجها مؤخرا في مقالات علمية”.
كما يمكن الخاتم الذكي، ضمن فوائده، من “قياس حرارة الجسم”، مؤكدا أنها “مؤشرات صحية مهمة تسمح بمعرفة جودة نوم الإنسان وهل يساعده نومه في تبني ممارسات صحية جيدة”، كما تساعده في تبني نظام رياضي معين.
ويسعى الحساس إلى معرفة صحة عمليات ضخ الدم في القلب والشرايين، فضلا عن استباق أمراض القلب وضغط الدم عبر النصح بالوقاية وتفادي العيش مع أمراض مزمنة تجعلهم مرتبطين باستهلاك أدوية طيلة حياتهم”.
من جهة أخرى، قال الباحث ورائد الأعمال في مجال الإلكترونيات الدقيقة والضوئيات إن “اعتماد قياس حرارة الجسم مقترنا بمؤشرات استشعار PPG يسمح للنساء بالتعرف على نهاية الدورة الشهرية، أو فترة الإباضة لدى المرأة لتفادي استعمال أدوية معينة”، وهي معلومات مهمة في حياة أغلب الإناث والأمهات.
من الرباط إلى لوزان
المبتكر والباحث عاصم بوخيمة من مواليد الرباط سنة 1988، ترعرع ونشأ في مدينة القنيطرة حيث درس المرحلتين الإعدادية والثانوية إلى غاية دراسة البكالوريا (علوم رياضية) بثانوية مولاي يوسف بالرباط، التي استكمل بها مسيرته بالأقسام التحضيرية ذاتها، قبل التحاقه بالمدارس العليا للهندسة بفرنسا (معهد IMT atlantique).
بسط عاصم مساره لهسبريس قائلا إنه “درَس في شعبة هندسة المواصلاتتخصص “الإلكترونيك الدقيقة”، وبعد حصوله على دبلوم مهندس حصل على منح لاستكمال مشاريعه البحثية للوصول إلى تطبيقات علمية مختصة بحساسات ضوئية هدفها تطوير “الرؤية الليلية”.
كما سبق للباحث ذاته أن حصل على منحة بحثية كبيرة من طرف مؤسسات ومراكز أبحاث كبرى في فرنسا؛ قبل أن يختم قائلا في تصريحه: “أجد أن هناك العديد من المواهب العلمية المغربية في العالم الذين لديهم الكثير ليقدموه لاقتصاد المملكة لجعله اقتصادا للمعرفة والتطور التكنولوجي؛ غير أنه لا يتم وضع الضوء في كثير من الأحيان على عملهم، ولكن جزئيا لأنهم لا يشاركون مشاريعهم.
وبعد مرحلة التصور والنمذجة الأولية، وصل الخاتَم المخصص لمراقبة نظام القلب والأوعية الدموية إلى مرحلة “حشد التمويل الجماعي” جاعلا قلوب المستثمرين تنبض على “Kickstarter” (موقع للتمويل) ما قد يمنح صاحبي المشروع “دفعة لجوهرة التكنولوجيا الصحية”.
وفقا لوكالة “بلومبرغ” الاقتصادية المتخصصة، “يزدهر سوق الأجهزة الطبية المتصلة”، متوقعة توسعه بمُعامل ستة بين عامي 2021 و2028 لتصل إلى 296 مليار دولار. في وقت تجمع هذه الأجهزة “بيانات موثوقة بشكل متزايد، ويقوم المبرمجون بتطوير خوارزميات أكثر قوة”.
المصدر: هسبريس