تظاهرات جديدة في فرنسا في خضم أزمة سياسية وإغلاق مصافي التكرير يلوح في الأفق
واصل معارضو إصلاح نظام التقاعد في فرنسا التعبير عن غضبهم، اليوم السبت، في مسيرات جديدة مع اتجاه لإغلاق مصافي تكرير النفط، بعد يومين من تمرير الحكومة مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي طلبه الرئيس إيمانويل ماكرون.
ودفع الخوف من حصول أعمال شغب بالشرطة إلى حظر كل التجمعات في ساحة الكونكورد في باريس.
وبعد ليلتين تخللتهما اضطرابات حظرت الشرطة تجمعات المحتجين في ساحة الكونكورد وفي جادة الشانزليزيه في باريس. وتقع هذه المنطقة بالقرب من مقر الجمعية الوطنية وقصر الإليزيه الرئاسي.
وأكدت الشرطة لوكالة فرانس برس أنها “ستطرد بشكل منهجي الأشخاص الذين سيحاولون التجمع هناك” وقد يتم تغريمهم، لافتة إلى “وجود مخاطر كبيرة لناحية الإخلال بالنظام والأمن العام”.
قررت الحكومة الخميس تمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي طلبه الرئيس إيمانويل ماكرون، استنادا إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتبني نص من دون التصويت عليه في الجمعية الوطنية، ما لم يؤد اقتراح بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.
وعليه اتخذت المعارضة منحى أكثر تطرفا بدفع من ناشطين شباب سئموا من التجمعات الأسبوعية، ويبدو أنهم مستعدون للمواجهة.
تجمع آلاف المتظاهرين مساء الجمعة في ساحة الكونكورد في باريس للاحتجاج مثل اليوم السابق. وأشعل متظاهرون النار وشهدت الأجواء توترا حين تدخلت الشرطة مع حلول الليل، وفقا لمراسلي وكالة فرانس برس.
ورمى مئات المتظاهرين زجاجات ومفرقعات على عناصر الشرطة الذين ردوا بإطلاق الغاز المسيل للدموع محاولين إخلاء المكان، مع هطول المطر. وتجمع حوالى 10 آلاف متظاهر مساء الخميس.
ويبرز شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور نكسة بالنسبة إلى ماكرون الذي رهن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلا منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.
وقدم نواب اقتراحين لحجب الثقة عن الحكومة، في حين دعت النقابات العمالية إلى تظاهرات يومي السبت والأحد، وإلى يوم تاسع من الإضرابات والتظاهرات الخميس 23 مارس، احتجاجا على الإصلاح الذي ينص البند الرئيسي فيه على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عاما.
وأعلنت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) أن أكبر مصفاة في البلد، والتي تقع في النورماندي (شمال غرب) وتديرها شركة “توال إنرجي”، بدأت بالتوقف عن العمل.
ويشكل ذلك خطوة هامة إذ عطل المضربون منذ بداية الحركة الاحتجاجية شحنات الوقود، لكن لم تتوقف أي من المصافي الفرنسية السبع عن العمل بالكامل.
وهذه العملية معقدة من الناحية الفنية وتستغرق عدة أيام، لكن لا يتوقع أن تسبب نقصا فوريا في الوقود في المحطات الفرنسية، لكنها قد تتوسع وتشمل مصافي فرنسية أخرى.
وقد أغلقت مصفاتان على الأقل هما بترو إينيوس في لافيرا (جنوب شرق) و”توتال إنرجي” في غونفروفيل لورشيه (شمال غرب)، في موعد أقصاه الاثنين، وفقا للكونفدرالية العامة للعمل.
ولفت وزير الصناعة الفرنسي رولان ليسكور السبت إلى أن الحكومة قد تتخذ إجراءات في حال إغلاق هذه المنشآت، لتجنب نقص الوقود.
وفي بوزانسون (شرق)، أشعل 300 متظاهر النار السبت وأحرق بعضهم بطاقاتهم كناخبين.
وقالت ناتالي البالغة ثلاثين عاما والتي لم ترغب بالكشف عن اسمها الكامل “بماذا أرد على شباب يقولون لي إن الانتخابات لا تفيد بشيء. أنا انتخبت نائبا عني ومنع من التصويت. نحن في ذروة إنكار الديمقراطية”.
وستنظر الجمعية الوطنية الفرنسية الاثنين باقتراحي حجب الثقة عن الحكومة، بحسب ما قالت مصادر برلمانية.
وقدم أحد الاقتراحين الجمعة نواب مجموعة “ليوت” المستقلة و”تشارك فيه أحزاب عدة”. وشارك نواب من ائتلاف “نوبس” اليساري في التوقيع على هذا الاقتراح.
كذلك قدم نواب من حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن، بدورهم اقتراحا آخر لحجب الثقة، مؤكدين أنهم سيصوتون “لصالح كل اقتراحات حجب الثقة المقدمة”.
ولإسقاط الحكومة يجب أن تصوت الأكثرية المطلقة في الجمعية الوطنية على اقتراح لحجب الثقة، أي 287 صوتا. ويتطلب ذلك أن يصوت حوالى ثلاثين نائبا يمينيا من حزب الجمهوريين (من أصل 61) على الاقتراح. ويتوقع أن يجمع اقتراح “ليوت” أصوات أطراف مختلفة بخلاف اقتراح “التجمع الوطني”.
وكرر الأمين العام لنقابة (سي إف دي تي) لوران بيرجيه الجمعة تحذيره من تفاقم الغضب في البلاد، ودعا الرئيس الفرنسي إلى “سحب الإصلاح”.
واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد، ولشيخوخة السكان.
وفرنسا من الدول الأوربية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد، مع العلم أن أنظمة التقاعد في مختلف الدول غير قابلة للمقارنة بشكل كامل.