تأملات: لعبة الأمم وحرب الموانئ
د. محمد حمودة
لعل من أكثر الكتب المثيرة للفضول علي الدوام هو كتاب مايلز كولاند لعبة الأمم ،صحيح انه قد مضت عقود وتجاوز العالم الحرب الباردة ودور المخابرات التقليدي في ادارة الملفات الحرجة التي قد تشكل خللا في السياسة الخارجية ومظهرا غير أخلاقي قد يصيب الفاعل، مما قد يعصف بمستقبل الساسة الأنتخابي ودروهم في حكم بلادهم في بلدان تعتمد رأي وموقف الناخب في من يحكم.
يبدو لي أن الحديث عن اهمية الموانئ واصحاب المصالح الكبيرة في عالمنا الصغير أمر واضح بلا شك وخصوصا في بلادنا التي عانت من إغلاق واضطرابات في الشرق بأيدي لا أعتقد ان وصفها مفيد لأحد ولكن يكفي أننا جميعا تابعنا وشاهدنا كيف تتعطل المصالح وتختنق البلاد لمبررات غير منطقية ومطالب كان يمكن أن يتم التعبير عنها بوسائل أقل كلفة وأعلى فائدة.
إن الأزمة ليست في ميناء بورتسودان فقط ليس تقليلا من أهميته الجيوسياسية والإقتصادية ولكن الربط بين احداث ميناء بورتسودان وأحداث اخرى وظواهر طبيعية أدت لخسائر في الارواح والممتلكات يمكن وصفها بزلزال مدمر له ما بعده من التصرفات والافعال علي المستوى الدولي ويتعلق بنظرية المؤامرة (تحت الطاولة) فهكذا تدار الملفات التي يمكن أن تؤدي لحرج في العلاقات الدولية.
الاحداث في البلدين المنكوبين سوريا وتركيا لاأعتقد انها جاءت هكذا ACT OF GOD بل يبدو لي أن ربطناها بمايحدث في أماكن اخرى وحوادث شبيهة لم تصل درجة الكارثة يمكن ان نقرأ الأمر بعين تستصحب بعض خلاصات كتاب لعبة الأمم لمايلز كوبلاند ، فالعبرة بالنتائج وليس بالمقدمات فما حدث يمكننا ان نعتبره مقدمة لأحداث اتية بلا ريب وحينها يمكن أن تصح فرضية عودة لعبة الأمم في نسخة جديدة تعتمد علي التقدم العلمي المذهل في مجلات الفيزياء والجيولوجيا والأسلحة السرية.
عروض استثمار بعض الموانئ في المنطقة ليست شائعات وأحاديث بلا سند بل غالبا تتسق مع حروب تتم بالوكالة في المنطقة وتحقق عدة اهداف بلا شك ليس من بينها مصلحة مواطني تلك البلدان وحتي الهزات الإقتصادية يمكن ان يكون المقصود منهنا تهيئة أصحاب القرار الممانعين لاستثمار موانيهم لصالح دول تعمل بالوكالة لاداء ادور السيطرة الإقتصادية والتحكم الفعلي في حركة الصادر والوارد ومن ثم معرفة كل مايدور في المنطقة يتيح التحكم الفعلي في الأسواق مما يترتب عليه التحكم في السياسات والقرارات لاحقا.
الحديث أعلاه يذكرني حكاية سمعتها عن تلميذ في حديث له مع معلمته أسر لها أن بعض زملائه يحملون سكاكين ويمارسون التنمر عليه وعلي زملائه من التلاميذ فطلبت منه أن يخبر المديرة بما يفعلون فقال في براءة : (لو أخبرت المديرة الله يرحمني).
المصدر: صحيفة التغيير