أول يوم عالمي لمكافحة “الإسلاموفوبيا” .. أسباب الانتشار والتجربة المغربية
يحل اليوم الأربعاء، 15 مارس، أول يوم عالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا، بعد أن أقرته الأمم المتحدة قبل عام، في ظل تنامي هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة بسبب ما يصفه باحثون بتنامي “الخطاب اليميني المتطرف” من جهة، و”الإسلاموية” من جانب آخر.
وكان أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة تبنوا في 15 مارس 2022 قرارا اقترحته باكستان يجعل من هذا التاريخ يوما لمحاربة الإسلاموفوبيا.
منتصر حمادة، باحث في الشأن الديني، قال في تصريح لهسبريس إن مفهوم الإسلاموفوبيا أضحى متداولا خلال العقدين الأخيرين بشكل أكبر في الساحة الأوروبية، مشددا على ضرورة تدقيقه.
وأبرز حمادة أن “أول تقرير أوروبي رسمي حول المفهوم صدر في الساحة البريطانية عبر أحد المراكز البحثية اليسارية في غضون سنة 1997، وجاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 لتعيده للأضواء بسبب ارتفاع حدة المؤشرات المرتبطة بالتخويف من المسلمين في الساحة الأمريكية والأوروبية على الخصوص”، وزاد: “كما أن هناك محددا آخر ساهم في ارتفاع المؤشر نفسه، يتعلق بارتفاع مؤشر الخطاب اليميني موازاة مع صعود مؤشر الإسلاموية في الساحة”.
وتابع المتحدث في السياق ذاته بأن “كل طرف من التيارين، أي التيار الأوروبي اليميني والتيار الإسلامي الحركي، يغذي خطاب الآخر، فساهمت هذه المعضلة في اندلاع عدة أحداث ذات صلة بمفهوم الإسلاموفوبيا، من قبيل رأي الخميني حول الأديب البريطاني سلمان رشدي سنة 1989، وهي السنة نفسها التي اندلعت فيها قضية الحجاب في فرنسا، واعتداءات شارلي إيبدو في يناير 2015 ضمن وقائع أخرى”.
وجوابا عن سؤال لهسبريس حول مدى استمرار الظاهرة في الانتشار، قال المتحدث ذاته إن “المؤشرات القائمة في الساحة الأوروبية تفيد بأنها مازالت قائمة ومعرضة لأن تكون حاضرة في بعض القضايا بين الفينة والأخرى، لأن الأرضية النظرية المغذية لهذه القضايا قائمة”، مشددا على “ضرورة التفريق بين الإسلاموفوبيا التي تفيد التخويف من المسلمين أو رهاب الإسلام حسب ترجمة أخرى، والإسلاموفوبيا التي تفيد التخويف من الحركات الإسلامية وليس من المسلمين”، ومضيفا: “هذا ما نعاينه في الساحة الفرنسية مثلا، حيث نجد بعض الأسماء تنتقد الإسلاميين لكنها لا تنتقد المسلمين، من قبيل إيمانويل طود وآلان سورال وأسماء أخرى؛ وهذا تدقيق يجب أن نأخذه بعين الاعتبار”.
وحول تجربة المغرب في مجال التعايش الديني والحوار، قال الباحث ذاته إنه “من بين الدول القليلة التي تجد نفسها غير معنية بانتظار أي دروس بخصوص المطلوب القيام به في معرض التعامل مع المعضلة الإسلاموفوبية، بصرف النظر عن الفوارق بين أنماط هذه الإسلاموفوبيا؛ وذلك لعدة اعتبارات، أقلها انفراد أو تميز البلد بوجود مؤسسة إمارة المؤمنين”.
وأشار المتحدث في السياق ذاته إلى أنه “بمقتضى النموذج المغربي في التدين استقبل المغرب بابا الفاتيكان في 30 و31 مارس 2019؛ وليس صدفة أن المملكة هي البلد المسلم الوحيد في محور طنجة ــ جاكارتا الذي حظي بزيارة أعلى مؤسسة باباوية في مناسبتين، الأولى في عهد الملك الحسن الثاني، فيما كانت الثانية في عهد الملك محمد السادس؛ حتى إنه منذ أيام بعث الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى البابا فرنسيس بمناسبة حلول الذكرى العاشرة لاعتلائه الكرسي البابوي لحاضرة الفاتيكان، وتضمنت إشارات دالة من قبيل حرص المغرب على مواصلة ‘عملنا المشترك في خدمة السلم والأخوة والتضامن الإنساني عبر العالم’”.
وأبرز حمادة تميز النموذج المغربي الديني في الساحة الأوروبية مقارنة مع بعض أنماط التدين الإسلامي التي تسببت في تغذية ظاهرة الإسلاموفوبيا، وطرق بعض الدول الأوروبية الباب المغربي من أجل الاستفادة النظرية والميدانية ذات الصلة، مشيرا إلى أن “معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات ساهم في تخريج بعض الأئمة للساحة الفرنسية، أو من أجل الاستفادة من التجربة المغربية في مواجهة التطرف العنيف، ضمن محددات أخرى تجعل المغرب من الدول السباقة إلى تقديم نماذج ميدانية وعملية قادرة على تغذية قضايا المشترك الإنساني”.
المصدر: هسبريس