صلح إيران والسعودية ليس صدفة.. والعالم لا يقوم على أحادية قطبية
اعتبر المفكر حسن أوريد “حرب 2003 التي شنتها أمريكا على العراق لحظة حاسمة لبداية الشرخ الذي هز الغرب، حيث لم تبارك فرنسا وألمانيا وروسيا تلك الحرب، فبدأ نوع من إعادة النظر في القطبية”، مشيرا إلى أن “2003 كانت بداية أزمة سياسية عالمية ولحظة مفصلية”.
وأضاف أن الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية بهدف وضع العالم العربي على سكة الديمقراطية لم تحقق أهدافها، وعاش العراق في فوضى، وعرف العالم وجها مريعا للإرهاب، وتراجعت الديموقراطية.
وقال أوريد، خلال حفل تقديم وتوقيع كتابه “عالم بلا معالم”، الذي نظمته جمعية “دار الضمانة للثقافة والفكر وإحياء التراث” بمدينة وزان، إن الكثير من الملاحظين والمتتبعين يرون أن “استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، برعاية الصين، بعد 20 سنة من الحرب على العراق، ليس وليد الصدفة”.
وأبرز أن “عالم بلا معالم” صدر قبل سنتين، مشيرا إلى أنه تردد في البداية قبل قبول دعوة الجهة المنظمة، لكونه لم يكن يريد تقديم سلعة متجاوزة، غير أنه ارتأى الحضور لأنه رأى أنه ربما يكون الحديث مفيدا. وأضاف أن الكتاب يعد ثمرة ونتاج زمن الحجر الصحي، ولم تتعد فترة تحريره أزيد من 3 أشهر.
وتابع قائلا: “نحن أمام مشاكل جديدة، منها كساد الديموقراطية، إذ انفلتت الأمور إلى الشارع، وشاهدنا كيف أن الغوغاء اقتحموا الكونغرس، وغير ذلك من الأمور المنافية لقيم الديموقراطية”، مؤكدا أن العالم لم يعد يقوم على أحادية قطبية، فقد تغير الفاعلون الدوليون، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد تتفرد بالقرار وقيادة العالم.
وأردف أن ظهور فاعل دولي جديد كان يُنظر إليه حتى فترة قريبة بأنه من العالم الثالث، لكن نجمه سطع فجأة غداة الألعاب الأولمبية، حيث ظهرت الصين بثوب جديد وتعرف العالم على بنيات متقدمة، وعرف بأن الصين ليست دولة ولا أمة، بل حضارة، وأن هذا الشعور متجذر لدى الصينيين.
وأوضح أوريد أن العلاقات الدولية الحالية تقوم بالأساس على تنافس وصراع بين قطبين بارزين هما أمريكا والصين، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تنظر إلى نفسها بكونها الأمة الضرورية والقاطرة التي تجر العالم، وعلى بقية الدول اتباعها دون مزاحمتها، قبل أن يتطور الأمر إلى قيادة العالم من الخلف عقب انتخاب رئيس من أصول إفريقية. وتابع قائلا إن “معالم المستقبل هي نتاج العلاقات مع الصين وأمريكا”.
وأبرز أنه لفهم الصين لا بد من الوقوف والرجوع إلى الاهتزاز الذي تعرضت له في أحداث ساحة تيانانمن، حيث اعتصم الطلبة في هذه الساحة للمطالبة بانفراج سياسي في أبريل 1989، فنزلت القوات والدبابات وأطلقت النار على المعتصمين، الذين لم يعرف إلى حد الآن تعداد القتلى والضحايا في صفوفهم، واصفا ذلك بأنه صار من أسرار الصين.
وأضاف أن الصين نجحت في تجاوز “امتحان تيانانمن”، وعرفت ثورة ثقافية بمنظومة سياسية شيوعية وليبرالية اقتصادية منطلقة من مبدأ “لا نشترط في القط أن يكون أبيض أو أسود، المهم أن يصطاد الفئران لأن الأهم هو الفعالية”، مشيرا إلى أن “التناقض جزء من الحياة، فالصين تتوفر على قوة ناعمة تتمثل في تجارتها وأسعارها على خلاف الاتحاد السوفياتي”.
أوريد الذي كان يعطي فقط شذرات من مجموعة الأفكار التي يحملها كتابه “عالم بلا معالم”، الذي يحتوي على 348 صفحة من القطع المتوسط، ويتكون من 11 فصلا، تحدث عن الثورة الرقمية، وعن الهجرة، كما تطرق إلى “التغير الحاصل في الاقتصاد؛ حيث كان المعمل هو القلب النابض للاقتصاد سابقا، فأصبح البنك الآن هو القلب النابض”، واصفا ذلك بـ”الوضع غير الطبيعي”، وكأن “الذيل هو الذي أصبح يحرك الكلب”، على حد تعبيره.
المصدر: هسبريس